طلبة نيوز - على الرغم أن الإيرانيين الشيعة ينادون دائماً بمعاداة إسرائيل و أمريكا ويصرون على التظاهر حتى في موسم الحج ضد أمريكا وإسرائيل، إلا أنهم حافظوا بقوة كبيرة على علاقة التعاون فيما بينهم. منذ بداية ثورة الخامنئي، فثورة الخامنئي بقيت تسير على منهج الشاه، الساعي نحو النفوذ والهيمنة في المنطقة بإستخدام كل الوسائل المتاحة ولو تعارضت مع المبادئ المعلنة، فالمصلحة الإيرانية تقدم على كل المصالح والأولويات بما فيها الإسلام!!
إن من أبرز الأمثلة على ذلك: إستمرار ثورة الخميني في إحتلال الأحواز والمطالبة بالبحرين ومحاولة السيطرة على منطقة الخليج العربي والإصرار على تسميته بالخليج الفارسي وإحتلال جزر الإمارات العربية المتحدة، طنب الكبرى والصغرى وجزر أبو موسى، وإضافة لإحتلال العراق بالوكالة، والسيطرة على الجغرافية السورية ، والعبث بأمن وإستقرار لبنان من خلال مليشيات حزب الله، وإضافة لإحتلال اليمن، إن "سقوط الشاه لم يمنع النظام الجديد الذي جاء بعده من أن يستفيد من أخطائه… ومنها الجزر العربية الثلاث في الإمارات، التي ظلّت تحت سيطرة الإحتلال الإيراني، فأثبت النظام الجديد الذي جاء في أعقاب نظام الشاه أنه لا يختلف عنه في النهج التوسعي العنصري.
لقد صرح شاه إيران: "إن العلاقة بين إسرائيل وإيران تشبه تلك القائمة بين عاشقين يعيشان قصة حب غير شرعية".
ولذلك حافظ الخامنئي على بقاء الباب موارباً في وجه إسرائيل ولم يغلقه بالكلية، فالخامنئي الذي إستطاع التحالف والتعامل مع كافة الأطراف الإيرانية والعربية والإسلامية والدولية لم يكن ليعجز أو يتورع عن التحالف أو التعامل مع إسرائيل.
و خامنئي الذي يقدم المصلحة على المبادئ لم يتحرج من هذه العلاقة كما يروى أبو الحسن بني صدر، أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية، حين سألته قناة الجزيرة: "هل كنت على علم بوجود علاقات معينة مع إسرائيل لأجل الحصول على السلاح؟
فأجاب: في المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء سلاح من إسرائيل، عجبنا كيف يفعل ذلك، قلت: من سمح لك بذلك، قال: الإمام الخميني، قلت هذا مستحيل !
قال : أنا لا أجرؤ على عمل ذلك لوحدي. سارعت للقاء الخميني وسألته: هل سمحت بذلك ؟
قال : نعم إن الإسلام يسمح بذلك، وإن الحرب هي الحرب، صعقت لذلك، صحيح أن الحرب هي الحرب، ولكنني أعتقد أن حربنا نظيفة، والجهاد هو أن نقنع الآخرين بوقف الحرب والتوق إلى السلام، نعم هذا الذي يجب عمله وليس الذهاب إلى إسرئيل وشراء السلاح منها لحرب العرب، لا لن أرضى بذلك أبداً، حينها قال لي: إنك ضد الحرب، وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة.
أما عن المبرر الذي دعا خامنئي وإسرائيل لذلك فهو أنهم إنتهازيون لا يقيمون للمبادئ وزناً، فالعلاقة مع إسرائيل تخفف عن الخميني درجة العداء الأمريكي وتقدم له قطع غيار السلاح الذي يحتاجه، لأن السلاح الإيراني هو سلاح أمريكي، وأمريكا منعت عن إيران الخميني السلاح، وإسرائيل كانت تنهج في سياستها - التي أرساها بن غوريون - التعاون مع الدول غير العربية المحيطة بها وهي تركيا وإيران وأثيوبيا، لأنها أجسام غير عربية وتتكون من أقليات في المحيط العربي قد يجمعها مع إسرائيل رابط الأقلية في مواجهة الأكثرية، كما أن سياسة إسرائيل هي إقامة وسائل إتصال سرية مع البلدان التي لا تعترف بإسرائيل كخطوة ممهّدة لإقامة علاقات رسمية في المستقبل.
وعندما نشبت الحرب الإيرانية -العراقية، أصبحت إيران بحاجة كبيرة و ماسة جدا للسلاح، من جانب آخر كانت إسرائيل بحاجة للتخلص من المخزون القديم من الأسلحة، فقام الطرفان بتبادل المصالح على حساب العرب و المسلمين، وعندما زادت حاجة الإيرانيين للسلاح وقطع الغيار، قامت إسرائيل ببيع صفقة سلاح لإيران بقيمة 500 مليون دولار.
بقي لنا أن نسترجع مقولة (سيدنا الفاروق) أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه، عندما قال بعد فتح بلاد فارس وتحريرها من المجوس عبدة النار : "ليت بيننا وبين السواد جبلا من نار ، لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم".
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
اضف تعليقك