كتب أ.د. محمد الفرجات
كتبت ذلك ونشرته في ٣٠ تموز ٢٠٢٠م، ونعيده اليوم بمناسبة اليوبيل الفضي لسيد البلاد...
في إحدى الليالي وبوقت متأخر جدا كنت أقلب على اليوتيوب، وظهر من ضمن الفيديوهات تسجيل قبل بضع سنوات لأفراد من حركة الدواعش في مناطق حدود شرق سوريا مع العراق، وكان الوقت صباحا كما يبدو، وقفت مفرزة لمسلحين بثياب داعش المعروفة على طريق شاحنات النقل، واوقفوا عدة تريلات وأنزلوا سائقيها، وحققوا معهم بطريقة وحشية عن عدد ركعات صلاة الفجر، ثم صفوا الجميع على جانب الطريق وأبادوهم صائحين "الله أكبر" على دماء بريئة تنزف بلا ذنب، وراءهم عائلات وأسر وأطفال.
الملك حامي حدودنا الشرقية والشمالية مع قواتنا المسلحة الباسلة، والذي كان رقما صعبا أمام موازين القوى العالمية، وجنب البلاد فتنة داعش، كما وجنب البلاد الدخول بحرب حاول الجميع زجنا في مستنقعاتها ووحلها.
حينذاك، سار إقتصادنا على أفضل ما يرام لبلد شرقها وغربها وشمالها وجنوبها حروب، وعملت مؤسساتنا بشكل طبيعي، وقدمت الخدمات والبنى التحتية، وعلى الرغم من وجود منغصات وجمود وتحديات فلقد تجاوزنا المرحلة.
عندما بدأت معضلة وباء كورونا إختار الملك نموذجا وسيناريو ذكياً جنب البلاد والمواطنين الفيروس الفتاك، ونرى الأعداد تتزايد اليوم في العالم والوباء يحصد الأرواح، وهنا وعلى الرغم من التبعات الإقتصادية الناتجة عن توقف الطيران والسياحة والتبادل التجاري، فالأمور بفضل الله تعالى تتجه للأفضل، وقد حافظنا بأمر رب العباد على أرواح من نحب من الأهل والوالدين والأطفال بعيدا عن شبح الموت واليتم.
الأوراق النقاشية التي صاغها الملك في غياهب الربيع العربي، ووجه من خلالها الحكومات المتعاقبة والبرلمان لتحقيق دولة المؤسسات والقانون والدولة المدنية العصرية الحديثة التي تحافظ على الإرث والتاريخ كذلك، وتتسع للجميع وتوفر لمواطنيها الخدمات والبنى التحتية والأمن والأمان بجانب صون الحريات ضمن إطار المعقول.
المشروع النهضوي ودولة الإنتاج الذي جاء بحكومة الرزاز سيكون النهج الذي ستسير وفقا له الحكومة والبرلمان القادم، بعد أن قدمت هذه الحكومة ما إستطاعت إليه سبيلا ضمن وضع إقتصادي صعب، إضافة لتحديات ملف كورونا إقتصاديا وإداريا وإجتماعيا.
الملك الذي قاد البلاد والجبهة الداخلية والخارجية ضد الإرهاب وتبعات ومخرجات حروب العراق ولبنان وغزة، ومخرجات وتحديات الربيع العربي، وضد تبعات الأزمة الإقتصادية العالمية، ما زال اليوم يخطط ويوجه ويتابع لتبقى الدولة الأردنية مظلتنا جميعا صلبة وقوية.
توجيهات الملك مؤخرا هامة، فهو يركز على الإنتاج المحلي الصناعي والزراعي، ويطلب بأن يكون ذلك بأعلى جودة ومنافسية ضمن مخرجات البحث العلمي التطبيقي، ويؤطر ذلك بالتأكيد لعلاقة وثيقة ما بين الجامعات من جهة والصناعة والزراعة من جهة أخرى.
كما ويوجه الملك بشكل مستمر للرقي بالسياحة والمنتج السياحي وجودة الخدمات السياحية، لجعل المملكة مقصدا سياحيا عالميا مرموقا ومباشرا ومن الطراز الأول.
مجالس الملك مع مختلف فئات المجتمع ومكونات الدولة وحديثه عن التحديات والإنجازات بمثابة تواصل هام وإعلان واضح ومباشر بأنه بدأ العمل على بلورة مشروعه النهضوي الملكي ولن ينتظر أحداً ومهما كانت التحديات والظروف.
هذا يعلم الله ليس تزلفا ولا "تسحيجا" كما قد يظن البعض ويصيبوني بسهام طائشة، فالفرصة اليوم أمام الدولة الأردنية وبكافة مكوناتها هي العمل مع الملك وتنفيذ توجيهاته، حيث أن القادم صعب، والتحديات كبيرة ليس أقلها البطالة والفقر وقلة فرص الشباب.
كل ما نحتاجه اليوم هو جمع رؤى وإستراتيجيات وتوجيهات الملك، ووضعها ضمن مشروع وطني شامل ومفصل بمراحل زمنية، ويوضح الأدوار للجميع.
اضف تعليقك