
طلبة نيوز- الدكتـور يوسـف إبراهيـم درادكـه
الباحـث الأكاديمـي في إستراتجيـات التعليـم العالـي
لقد حظيت جودة التعليم العالي باهتمام كبير في معظم دول العالم ، مما جعل المفكرين والباحثين يطلقون كلمة عصر الجودة على هذا العصر، وتعتبر ضمان الجودة إحدى الركائز الأساسية لنموذج الإدارة الناجحة سواء في مجال التعليم الأكاديمي أو غيرة من الأعمال، مما دفع مؤسسات التعليم العالي إلى إيلاء هذا الموضوع الاهتمام ووضع المعايير والمرتكزات التي تخدم الجودة.
ولابد من أن تساهم هذه الجامعات في التطوير المستمر والتنمية وذلك لن يكون إلا بالاعتماد على البحث العلمي، كما على الجامعات أن تعمل على ربط البحث العلمي بالسوق والبيئة الداخلية والخارجية المحيطة، وفي السياق لابد من التأكيد على أهمية طرح المستجدات في قضايا الجودة للنقاش مراراً وتكراراً من خلال عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل، التي تساعد بدورها في اكتساب خبرات جديدة وظهور فرص أكبر يمكن استغلالها كما تساعد في تبادل الأفكار والخبرات بين المؤسسات التعليمية، إضافة إلى أنها تضمن الإلمام بأهم القضايا الجديدة في مجال الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة، كل ذلك يجعل الاستمرار في عقد مثل هذه المؤتمرات أمراً ضرورياً.
ومن الضروري جدًا في هذا الوقت إن تتبنى المؤسسات التعليمية الجامعية وخصوصًا الهندسية فلسفة جودة التعليم الهندسي أو حتى إدارة الجودة الشاملة للوصول إلى مستوى الجودة المطلوبة استجابة لجملة من التحديات التي تواجه التعليم العالي والتي تمثلت في تطور تقنيات التعليم وزيادة الإقبال عليه والانفجار المعرفي الهائل الذي تمثل بدخول الانترنيت كواحد من ابرز أدوات التعليم العالية الأداء، فضلاً عن المنافسة العالمية في المجالات الاقتصادية التي أدت إلى توجيه الاستثمار في مجالات المعرفة والبحث العلمي، ومن هنا أصبح التعليم الهندسي مطالبًا بالعمل على تطوير المهارات البشرية والحرص على تخريج كوادر بشرية تمتلك المهارات اللازمة للتعامل مع مستجدات عصر العولمة وعصر التكتلات الاقتصادية .
وتقع على القوى الممثلة للمؤسسة التعليمية والتي تعد احد الركائز الأساسية لبناء المجتمعات مهمة تطبيق مصطلح الجودة من خلال الاشتراك الفعلي في تخصيص رسالة تتضمن معايير للجودة لمؤسستها وفي كل المراحل الدراسية ثم العمل على تنفيذها من خلال تذليل الصعاب حتى تتحقق الأهداف الرئيسة والفرعية للجودة.
ولقد اهتمت الدول المتقدمة بهذا الموضوع ووجه للعديد من الهيئات التعليمية فيها نقدًا وعدم رضا لانخفاض مستوى الجودة فيها . وتزايد هذا الاهتمام بجودة التعليم العالي في النصف الأخير من القرن العشرين وخاصة في عقد الثمانيات بسبب الانفجار العلمي والتكنولوجي . لذا أصبح السعي وراء تحقيق الجودة في مؤسساتنا التعليمية مطلبًا ضروريًا وخصوصًا في معاهدنا التقنية ولذا كانت مشكلة التدني في قدرات مخرجات التعليم الهندسي نتيجة الأوضاع المتردية للأعوام السابقة مدار بحثنا هذا فتم بحث هذه المشكلة وكيفية تطبيق إدارة الجودة للوصول بمخرجات التعليم التقني الهندسي إلى مستوى الجودة المطلوبة حيث تم تحديد معايير للجودة عبر محاور متعددة تضمنت الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والمناهج والمرافق والخدمات والبرامج التعليمية وإعطاء أوزان للقياس كمعايير معتمدة مستقبلاً .
في ضوء ذلك فإن إدارة الجودة الشاملة في التعليم يمكن أن تحقق الفوائد التالية للتعليم وهي :
١- ضبط وتطوير النظام الإداري في أي مؤسسة تعليمية نتيجة لوضوح الأدوار وتحديد المسؤوليات بدقة .
٢- الارتقاء بمستوى الطلاب في جميع الجوانب الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية والروحية .
٣- رفع من كفاءات ومستوى أداء أعضاء هيئات التدريس والإداريين والعاملين بالمؤسسات التعليمية .
٤- زيادة الثقة والتعاون بين المؤسسات التعليمية والمجتمع .
٥- توفير جو من التفاهم والتعاون والعلاقات الإنسانية السليمة بين جميع العاملين بالمؤسسة التعليمية مهما كان حجمها ونوعها .
٦- إن تطبيق نظام الجودة الشاملة يمنح المؤسسة المزيد من الاحترام والتقدير والاعتراف المحلي .
ومن اجل تطبيق معايير الجودة بشكل صحيح وسليم يجب توفر عدة شروط :
١- توفر الرغبة الصادقة في كل الأطراف ابتداء من الطالب وانتهاء بالمؤسسة التعليمية للعمل من اجل تطبيق معايير تمثل استراتيجية دائمة وليست مرحلية فالجودة ليست وليدة لحظة أو مرحلة دائما هي سياسة عامة لابد من اعتمادها وتطبيقها .
٢- تعاون الجهات المعنية ذات الشأن في عملية ضبط معايير الجودة والنوعية وفق أسس ثابتة وواضحة يتم تطبيقها على المجتمع .
٣- عدم الاكتفاء بوضع المعايير النظرية وإنما الانتقال من المعيار النظري إلى التطبيق العملي حتى تكون عملية الضبط عملية جادة .
٤- مراجعة المعايير من فترة إلى أخرى حسب متغيرات العمل ومما يجد من ظروف مستحدثة .
٥- اعتماد مبدأ الثواب والعقاب في عملية التقييم ابتداء من الفرد وانتهاء بالمؤسسة .
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهيئة التعليم التقني في مؤسسات التعليم الهندسي ، فما زالت جامعاتنا ومعاهدنا لم تصل إلى المستوى المطلوب من الجودة ، لذا لابد من زيادة الأبحاث حول هذا الموضوع وكذلك بوضع هذهِ المعايير والمؤشرات إلى التطبيق الفعلي والميداني والاستفادة منها للحكم على مستوى جودة المؤسسات التربوية، إضافة إلى ضرورة تحسين مستوى التعليم الهندسي بمراقبة أدائه والتوسع في توظيف التكنولوجيا والتركيز على دعم الجهود لتحسين المناهج وتحويلها إلى مناهج تركز على التفكير والإبداع .
ثم لابد من تكثيف الجهود لتصميم وإنتاج نماذج أجهزة بديلة قليلة الكلفة للجامعات والمعاهد الهندسية .
دور الجامعات في خدمة المجتمع
للتعليم دور حاسم في تطور و تقدم المجتمع، لكونه أهم عامل من عوامل نجاح التنمية فبدونه لا يمكن تصور حدوث نقلة تنموية شاملة و مستدامة، و لا تنفيذ سياسات و خطط الدولة و طموحاتها إلا من خلال الكوادر البشرية المؤهلة، فالتعليم يعد الركيزة الأساسية لتطور أي بلد و له الدور المهم في زيادة التنمية بكافة أشكالها و كذلك الارتقاء بحركة التقدم و الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، و لكن يبقى نجاح التعليم العالي مرهون بمدى ملاءمته و تلبيته لمتطلبات التنمية، فالتعليم العالي يعتبر الحلقة الأخيرة في هيكل النظام التعليمي في الدولة، و قد حظي التعليم العالي باهتمام كبير من قبل الحكومات من خلال ارتفاع الإنفاق العام عليه، فلقد اعتمدت السياسة الدولية على مبدأ ديمقراطية التعليم و الذي تحقق عن طريق توسيع الجامعات و الزيادة في عدد الطلبة حيث ارتفع عدد مؤسسات التعليم العالي في العالم.
وقد نجح نظام التعليم العالي في تكوين النخبة في المجتمع و في مواكبة التطورات الراهنة، وقد تحددت رسالة التعليم العالي في ثلاثة مجالات رئيسية و هي: التعليم، البحث و التطوير و خدمة المجتمع.
ولقد قامت الدول بعد الخروج من الحروب والنزعات بالدخول في مرحلة جديدة نحو السير في اتجاه الاستهلاك التكنولوجي الحديث، وهذا ما تطلب جهازاً لتكوين الإطارات -كمًّا و نوعًا- و تحضيرهم لأخذ مكان الأجانب للقضاء نهائيا على التبعية للخارج، لهذا كان عليها أن تكوّن يدا عاملة ذات مستوى عالٍ متمثلة في إطارات كفأه من أبناء الوطن للتمكّن من تسيير هذه الإستراتيجية والانطلاق في التنمية الاقتصادية، حيث تبنّت الدولة سياسة التصنيع التي تعتمد على التكنولوجيا العالية و الدقيقة من خلال المخطط الثلاثي الأول، و من هنا بدأ الاهتمام بميدان التعليم الذي خُصِّصت له أموالاً ضخمة للنهوض به.
وتعتبر الجامعات هي أهم مصادر القوة السياسية و الاقتصادية و التي تهيء طاقات بشرية تستطيع مواصلة تعليمها الذاتي و اتقانه و التأثير في البيئة، و يتوقف أداء المؤسسة الجامعية في الدولة لهذه الوظائف على ثلاثة أصناف رئيسية هي:
- تطور عدد الطلبة المسجلين:
يمثل عدد الطلبة المسجلين في التعليم العالي أهم عنصر من مدخلات العملية الانتاجية للقطاع، فهو يتحكم بشكل كبير في توسيع الشبكة الجامعية سواء من ناحية البنى التحتية أو من ناحية عدد الفروع والتخصصات.
وبالإضافة إلى الطلبة هناك الأساتذة والباحثون و الفريق الإداري كلهم ينتمون إلى عائلة التعليم العالي ليكونوا أعضاء الهيئة التدريسية والتي تشرف على تعليم و تأطير الطلبة الملتحقين بالجامعات، و عليه فإن نجاح وفعالية وجودة العملية التعليمية مرتبطة بنجاح وظيفة أعضاء الهيئة التدريسية في إتمام وبلوغ الأهداف المنوطة للجامعة.
- تطور أعضاء الهيئة التدريسية:
من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية لابد من التعليم الجيد، ولا يمكن أن يكون التعليم ذو جودة إلا على يد أستاذ جيد التحصيل وعلى مستوى عالي من التكوين, لأن الأستاذ هو حجر الأساس في نجاح التعليم، ومن هنا يشترط في كافة الأساتذة والباحثين و المؤطرين في التكوين العالي على حصول شهادة الماجستير أو الدكتوراه ونشاطات البحث، و يتوج الأستاذ بكفاءة التأهيل الجامعي التي تمنح وفق معايير قانونية من قبل أساتذة ذوي رتب عالية وكفاءة علمية مؤكدة.
ومن حيث ميزانية التعليم العالي فإن التعليم العالي يعتبر مشروعا حكوميا محضا تموله بشكل أساسي الموارد الحكومية، وقد شهد الجزء المخصص من ميزانية الدولة لهذا القطاع ارتفاعا كبيرا خلال العقد الأخير، حيث عرفت ميزانية القطاع زيادة مطلقة من سنة لأخرى وهذا لمواكبة سياسة الاستيعاب ومتطلباته.
الخلاصة
خلاصة هذه الدراسة المتعلقة بدور الجامعات في تكوين النخبة في المجتمع توصلنا إلى ما يلي:
- أن التعليم العالي يحظى باهتمام كبير من قبل الحكومات من خلال ارتفاع الإنفاق العام عليه.
- تلعب الجامعات دورا كبيرا في إعداد الكفاءات من الباحثين و العلماء و المتخصصين و في بناء القدرات الوطنية ذات المستوى الرفيع التي يعول عليها لتسيير المجتمع.
- رغم تخريج الجامعات للعديد من العلماء و المبدعين إلا أننا نشهد هجرة الكثير منهم. و على ضوء ذلك يمكن اقتراح التوصيات التالية:
- الحد من هجرة االعلماء والمفكرين بتوفير الظروف الملائمة لهم.
- تعزيز الشراكات الأجنبية وبرامج التبادل الدولي مع الجامعات والمؤسسات التعليمية.
- وجب العمل على وضع استراتيجيات وطنية لإصلاح التعليم، و إعادة تطوير المناهج الدراسية، وتحديد معايير الاعتماد للمؤسسات التعليمية، وصياغة استراتيجيات وطنية للتدريب المهني، وإعداد برامج التوجيه والنصح، واستضافة الخبراء والمتحدثين، وإعداد وتنظيم المحاضرات.
التعليقات
الدكتورعبدالله حسن (.) الاثنين, 09/14/2015 - 12:54
قال الله تعالى ( ألم يعلم بأن الله يرى) سامحك الله!!!
انا دكتور وزميل لدكتور الدرادكه لا ريد ان ازكي على الله احد وانا ادرس في جامعة كندية الدرادكه له ابحاث وابتكارات رائعة في هندسة البرمجات وله مقالات علمية محكمة عالمية في جميع الدول وهو لايهمه احد غير مخافة الله
ايها الطاعن المتخفي لماذا تجرح بالمقال وهل لك حاجة مع الدكتور اعطينا افكارك المفيدة في تعليق لكي نستفيد منك جميعاان كنت متعلم فتعليقك كلام فارغ لا فائدة منه. كما نرجو من المحرر لموقع اذا كان التعليق مجرح عدم تنزيله وشكرا
amani (.) الثلاثاء, 09/15/2015 - 11:53
المقال رائع وذو اهميه يلقي الضوء على تحسين المستوى التعليمي لتخريخ فئات ممتازه الى المجتمع
اضف تعليقك