TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نرجسية النخب وعقم الاجيال *أ.د. محمد القضاة
27/12/2017 - 7:45am

  الرأي: سؤال الهامش ضروري في زمن تشتد فيه التحديات وتتناقص فيه القراءة لدرجة محزنة: هل نجد من يقرأ ويتابع ويطالب بالتغيير، مؤسف انني اسمع هذه العبارة من أنه لا أحد يقرأ! لكن سنبقى نكتب ونكتب ونحاول مهما تقادم الزمن وتجمدت النخب...ونعود لسؤال النخب: لماذا تهب النخب الاردنية العقم للاجيال ؟! وهل نحن ساعدنا على صناعة التماثيل فيها، أم ان خبراتها وثقافتها ومواقفها وحضورها الطاغي اثبت للجميع ان ولادة غيرها بات مستحيلا؟ تعجب لنماذج النخب الاردنية، تفتش فيها، في كل مجالاتها وأفكارها وألوانها تجدها واحدة لا تحب ان تنجب غيرها، وتعود تقرأ الأسماء مرة تلو الاخرى تجد النخب تكاد تهب العقم في ولادة غيرها!

وتعالوا نستعرض النخب في الميادين كافة، لتروا كيف سدت النخب الطريق امام الأجيال، وكيف غدت عقبات في تطوير الاجيال، وحين تستعرض النخب السياسية تجد الأسماء هي هي منذ ستينيات القرن الماضي لا تتغير، وما يحدث انهم تقاعدوا وأسسوا صالوناتهم الخاصة واغلقوها على أنفسهم، وحين تستعرض صور نخب المثقفين تجد نفسك غريبا وان جاوزت الستين بينهم، وحين تقرأ اسماء نخب الاكاديمين تصاب بالدوار؛ خاصة حين تعرف ان سن التقاعد قد جاوز السبعين وان نخب الاكاديمين فيه هم من تجاوزوا السبعين بسنيين، ولا أحد يعترف بعمره ولا بغيره، حتى لو كان اكبر باحث في شبكة الباحثين العالميين، لقد وصلت النخب الاكاديمية التي تتحكم بالحياة الاكاديمية حد الشيخوخة والإرهاق والتكرار؛ وكأن الجامعات لا تنجب؟! اما النخب السياسية فالنادي السياسي يرفض القادمين الجدد حتى وان كانوا على سوية معرفية عالية؛ وكأن السياسة بتقلباتها ومحطاتها ومرونتها وانتهزيتها لا احد يعرف مداخلها ولا مخارجها غيرهم؟! وحين تذهب الى المهتمين بالشؤون التربوية والرياضية والإعلامية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية وغيرها تجد نفسك في حصار نخب استمرأت مكانها واستثمرت بنرجسية عالية لذاتها ... .

آن للنخب ان تقرأ الحاضر بوعي الاجيال، وان تعلم ان الزمن قد تغير، وان أدوات الماضي لا تقنع أحدا، الأجيال الجديدة تمتلك وعياً كبيراً تستحق ان تشارك وتحاور ويُسمع رأيها. أما ان تتمترس النخب على ماضيها وأفكارها ونرجسيتها، فلا أظن ان احداً يؤثر في الأخر، ولو سمعت تلك النخب النقد اللاذع الذي يوجه لها، لأدركت انها يجب ان تتغير وتتحرك الى حوار جاد مع الاجيال يكون هدفه وأساسه ضخامة حجم التحديات التي تمر بالمنطقة  وتلك التي تعيشها الاجيال نفسها، وعلى تلك النخب ان تبدأ تدريجيا في تلوين نخبها بافكار شابة لاخلاء الساحة للابناء أولاً بأول؛ خاصةً من يمتلكون أدوات التجديد والتغيير. ودون ذلك تبقى النرجسية طريق النخب كافة. والاجيال تعرف أسماء النخب واحدا واحدا، مما يعني ان طرفي المعادلة يعترفون بالمشكلة؛ لكن الكبار يستأثرون بكل شيء، ويشيّدون جدرهم حولهم، حتى إنّ بعضهم يرفعون السلم كي لا يصعد احد معهم، والمشاهد حاضرة في الندوات والاجتماعات والمؤتمرات والمواقف المتعددة، النخب تعتقد ان غيرها لا يقدّر الموقف، ولا يعرف شيئا، وتجدها تخاف على مكتسباتها وتدافع عنها بشدة، نحن لسنا في جبهتين متعاكستين نحن في مجتمع واحد، تحدياتنا واحدة، ومشكلاتنا واحدة، ووطننا واحد، ومن حق الجميع ان يدافع عنه ويرفع بناينه، وهذا يقتضي من النخب ان تحاور الاجيال وتفسح المجال أمامهم لأخذ زمام المبادرة كي يتحملوا المسؤولية امام الراهن المعقد . نشر في "الرأي" اليوم الاربعاء27/12/2017

mohamadq2002@yahoo.com

نشر في الرأي 27/12/2017

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)