TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
28 عامًا مقيدًا بسلاسل المرض.. ولا جهة تريد علاجه في السعودية
03/01/2015 - 12:00pm

طلبه نيوز

لم أتخيل أنني سوف أشاهد أي إنسان يعيش مقيدًا بسلاسل من حديد تخترق جدار غرفته، لكي تثبت جيدًا طوال 28 سنة، حيث توجد سلسلة طويلة مقيدة بإحدى سيقانه لكي يتنقل من الغرفة إلى الحمام لقضاء حاجته، وهو مقيد.. ولكن عندما أخبرني أحد الأصدقاء عن معاناة هذا الشاب ومعاناة أهله، نسقت مع صديقي وذهبنا إلى القرية التي يسكن بها وهي تبعد 50 كم عن محافظة ينبع، وتسمّى «تلعة نزا»، وقصدنا منزل المريض وعند وصولنا إليه سمعنا صوتًا مرتفعًا ينادي من داخل مبنى متهالك: «يا دكتور يا دكتور أريد 50 ريالاً»، وتوقعت أن هذا المريض، الذي يتحدث عنه صديقي، اقتربت من المبني وكانوا يحذروني بأنك سوف تتعرض للضرب، ولكن جازفت بعد أن تحدثت معه بأنني سوف أعطيك 50 ريالاً بشرط أن أدخل غرفتك، وطلبت منه الجلوس لكي يتسنى لي الهرب إذا حاول الاعتداء عليّ، وبعدها دخلت لغرفته التي لا يستطيع أن يعيش بها أي إنسان، فكل شيء فيها متهالك، أرضيتها وجدرانها تحولت إلى اللون الأسود، ودورة المياه بها أنواع القذارة، والروائح تملأ المكان.. هذه الغرفة يعيش بها الشاب علي حميد الجهني، الذي يعاني من مرض عقلي ونفسي.
التقينا والده ليحدثنا عن حياة هذا الشاب.
يقول حميد الجهني، والد المريض «علي»: كما ترى ليس باليد حيلة، هذا ابني هو أكبر أخوانه، وكنت كمثل بقية الآباء يفرح برزق الله له بالذرية، وخاصة أنه ابني الأول، وبقيت أشاهده وهو يكبر عامًا بعد عام، وانتظر لحظة دخوله للمدرسة، وبالفعل دخل ابني الكبير المدرسة وكنت فرحًا به وانتظر أن يبلغ في العمر لكي يساعدني ويكون هو المسؤول عن إخوته، واستمر بالمدرسة حتى الصف الثالث الابتدائي وهو بصحة جيدة. وبعدها مرض هذا المرض الذي تراه الآن، ومنذ 28 عامًا، وهو على هذا الحال، وهو الآن يبلغ 37 سنة، ماذا تتوقع من أب وأم يشاهدان ابنهما مقيدًا بالسلاسل كل هذه السنين، وفي الليل يبدأ بإصدار الأصوات والمناداة؟ قلوبنا تتقطع عليه في كل ثانية، والآن تعبنا كثيرًا معه، وأصبحنا نكبر، وهو معنا حتى أصبحت لا أستطيع السيطرة عليه.
البحث عن علاج
يقول العم حميد منذ مرض ابني وأنا أبحث له عن علاج حتى عجزت وكبرت في العمر، وقمت بالذهاب به إلى عدة أطباء شعبيين في جميع مناطق المملكة، بل ذهبت به لطبيب شعبي في دولة السودان، وسافرنا بواسطة السفينة ومكثت 31 يومًا ولم أحصل على نتيجة، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم وهو بنفس الحال، حيث إنه مكث في الطائف لمدة 6 شهور، ثم بعدها ذهبنا به إلى مستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة عشرات المرات، وكانوا يستقبلونه ويتم علاجه ويمكث لديهم عدة أيام ثم نتفاجأ أنهم أعادوه لنا بحجة أنه تم إعطاؤه العلاج.
ويضيف العم حميد: عندما تعبت معه طوال تلك السنين واقتنعت أنه لا يوجد مستشفيات متخصصة نفسيًّا تقبل إقامته لديهم ولا حتى مركز التأهيل الشامل، وخاصة أنني جربتها أكثر من مرة، ويتم إعادته إلينا، ولذلك قمت ببناء غرفة ودورة مياه وقمت بوضع مروحة ومكيف في غرفته، وقمنا بتقيده بالسلاسل بعد شق جدار الغرفة لكي يتم تثبيت السلاسل جيدًا به لكي لا يقوم بفكها.
سبب تقييده بالسلاسل
وعن سبب تقييده بالسلاسل يقول: ابني علي -شافاه الله- عنيف جدًّا ويقوم بالضرب وتكسير السيارات، حيث أنا ووالدته لم نسلم منه، حيث قام بضربنا مرات عديدة، ويضرب إخوانه وأخواته، حتي صرت أخاف أن أقترب من غرفته، ولا يستطيع أحد أن يقترب منه وهو مقيد بالسلاسل، لأنه بأي لحظة يقوم بضربك، وخاصة أنه يتميز بقوة ولا أحد بمفرده يستطيع أن يسيطر عليه بدون مساعدة عدة أشخاص، لذلك لم يكن لدينا حل إلاّ تقييده، حيث إن السلسلة كبيرة يستطيع المشي بها بالغرفة ويستطيع قضاء حاجته وهو بالسلاسل، ولكن غرفته ودورة المياه أصبحتا مليئتين بالأوساخ لكن لا يستطيع أحد أن يخاطر بالاقتراب منه من أجل تنظيفها، كما يقوم بحرق كل شيء حتى ملابسه، وفي فترة الشتاء هذه أحرق أكثر من 30 بطانية نعطيها له خوفًا عليه من البرد، كما أنه يدخن بشراهة، وإذا منعنا عنه السجائر يقوم بضرب نفسه ورأسه بالجدار. ويضيف: ليس هذا فقط، بل كان عند إطلاق سراحه يقوم بتكسير سيارات الناس، كما كان يهرب بدون علمنا ولا نعلم أين ذهب، حيث كان يغيب بالشهور ونتعب في البحث عنه، لأنه يهيم بالشوارع والصحارى، ونخشى أن يؤذي نفسه أو يؤذي أحدا.
ويقول العم حميد: أعيش على الضمان بمبلغ 3 آلاف ريال، ويتم صرف 800 ريال من التأهيل الشامل لابني المريض، وأنا لا أريد مالاً، ولكن أريد أي جهة تأخذ ابني لديها وتهتم به، لأني تعبت وكبرت بالسن ولا أستطيع أن أقوم بمسؤولياته، وخاصة بعد أن تم تعيين شقيقه الذي كان يأخذه بين الحين والآخر ويذهب به لمستشفى الصحة النفسية بالمدينة لإعطائه العلاج، فقد تم تعيينه في طوارئ الجوف، مما زاد الحالة سوءًا. ولذلك أناشد المسؤولين بوزارة الداخلية بتقدير ظرفنا ونقل ابني بأقرب مركز طوارئ لأنني كبرت بالسن ونحتاج وجوده بيننا والمساعدة في رعاية وعلاج شقيقه المريض، وخاصة أن أشقاءه صغار بالسن، فوجوده معنا يخفف عنا الكثير أنا ووالدته التي أصبحت بالعقد السادس من العمر.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)