TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وقف التجسير قتل مع سبق الإصرار للتعليم التقني!!
26/01/2017 - 2:45pm

طلبة نيوز- د. مفضي المومني.

التعليم التقني والاهتمام به أصبح من أولى أولويات جلالة الملك وكل العارفين بأهميته، ولا ننسى تجارب الدول المتقدمة والتي عمادها الاهتمام بالتعليم التقني، ولم تأتي هذه الأهمية عبثا، بل لان التعليم التقني هو عماد قطاع الإنتاج والخدمات، إضافة للتعليم المهني والمتخصص الهندسي والتطبيقي الجامعي، ولأنه أي التعليم التقني يعد محركا لقطاع الصناعة ورافعة للاقتصاد الوطني وأيضا رافعة مؤثرة في الجانب الاجتماعي من خلال الحد من البطالة وما يترتب عليها من تضييع لجهود فئة الشباب، وتوجههم نحو التطرف وغير ذلك من المشاكل الاجتماعية التي تهدد بنية المجتمعات والأوطان.
أسوق هذه المقدمة وأنحن نعلم الدور الكبير لجامعة البلقاء التطبيقية والتي تقوم بالإشراف وتقديم التعليم التقني في الأردن، من خلال كلياتها المنتشرة على مساحة الوطن ومن خلال الكليات الأخرى في القطاع الخاص والحكومي وغيره، منذ إنشائها وتقوم بهذه المهمة نيابة عن الحكومة، حيث تشير الدراسات أن تكلفة التعليم التقني تصل إلى 20 مليون دينار سنويا، تتكفل بها جامعة البلقاء دون أي دعم حكومي لهذا القطاع، ولا تغطي رسوم الطلبة أكثر من 3 مليون دينار في أحسن الأحوال، وكما تعمل إدارة جامعة البلقاء حاليا وبشكل حثيث على مشروع هيكلة التعليم التقني وتطويره من كل النواحي، والاستفادة من الممارسات العالمية المتقدمة في هذا القطاع مثل تجارب أمريكا وألمانيا وكوريا وكندا.
لكن كل عالم بوضع التعليم التقني في الأردن يعرف مشاكله والتي تتلخص في، ضعف الإقبال وتدني المستوى ألتحصيلي للملتحقين، والسياسات التعليمية التراكمية والتي اهتمت بالتعليم الجامعي كماً، على حساب التعليم التقني، والمشكلة الكبرى الأخرى هي مشكلة التمويل، حيث أن التعليم التقني تعليم مكلف وتصل كلف الإعداد فيه للفرد حوالي 12 ضعف لكلفة الإعداد في التخصصات غير التقنية، ومشكلة أخرى يعاني منها هذا النوع من التعليم وهي عدم تنفيذ سياسات تحكم سوق العمل لصالح خريجي التعليم التقني، أمام العمالة الوافدة، مع العلم أن بلد شقيق مثل لبنان لديه أكثر من 86 مهنة مغلقة لأبناء البلد فقط، ولا نجد أي تطبيق لمثل هذه السياسات في بلدنا، وهنالك أيضا مجموعة من المشاكل والتحديات التي تواجه هذا القطاع، والتي تناولتها كل اللجان الوطنية التي عملت على وضع استراتيجيات وتصورات لرفع سوية التعليم التقني في بلدنا وآخرها اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، والتي تم تشكيلها بأمر من جلالة الملك لرئيس الوزراء، حيث عملت هذه اللجنة ومن خلال لجان فرعية على وضع تقرير يرسم السياسات والاستراتيجيات لكل النظم التي تساهم في تنمية الموارد البشرية وتم تسليمه لرئيس الوزراء في حفل تحت الرعاية الملكية.
ويوم السبت الماضي في ندوة عقدتها مؤسسة التدريب المهني لدراسة واقع وتحديات التعليم المهني والفني في ظل مقررات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، تفاجأت أنا وغيري من المختصين، بتوصية منسوبة لتقرير اللجنة بوقف التجسير للتعليم التقني خلال 3 سنوات، ومع أنني كنت عضواً في إحدى لجان محور التعليم التقني إلا أنني لم اسمع بهذه التوصية في حينه أنا ومجموعة من المشاركين، ولا نعرف من أقحم هذه التوصية ضمن التقرير، والسبب انه ومن خلال تجاربنا مع التعليم التقني في الأردن قبل السماح بالتجسير، حيث كان الإقبال ضعيفا جدا، وتطور الإقبال بعد السماح بالتجسير ويمكن الرجوع إلى التقارير الإحصائية لوزارة التعليم العالي بهذا الخصوص، ومع أن التجسير لم يكن مطلقا بل كان مقننا بما لا يتجاوز 20% من الخريجين وضمن محددات لمعدلات القبول للمجسرين والتخصصات، ومع ذلك بقي الالتحاق بالتعليم التقني في حدوده الدنيا، وأصبحت المطالبة بوضع حوافز ومشجعات للطلبة للالتحاق بالتعليم التقني من أهم توصيات كل واضعي السياسات له، واستغرب كيف يتم النكوص عن ذلك ووضع توصية لوقف التجسير والذي إن حصل سيكون إطلاقاً لرصاصة الرحمة الأخيرة على التعليم التقني في الأردن، ونحن نعرف ثقافة مجتمعنا والتي نسعى إلى تغييرها ولكن ليس بهذه الطريقة، فمن يعتقد أن هذه التوصية ستوجه الطلبة للتعليم التقني حصرا يكون واهماً، ولا اعرف على ماذا اعتمد بذلك، وكيف يتفق ذلك مع توصيات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي تؤكد على زيادة نسب الالتحاق حتى 2025 ، وأيضا من الناحية التربوية والحرية الفردية التي تكفلها كل الدساتير في العالم بحرية التعليم والتعلم، يأتي هذا القرار ليحرم من لديه الرغبة والقدرة على مواصلة تعليمه، وتأتي هذه التوصية بوقف التجسير مخالفة للتجارب والممارسات العالمية الفضلى والتي تؤكد على النهايات المفتوحة للمستويات التعليمية المختلفة، وقد تكون التوصية مقبولة في الدول الصناعية المتقدمة ، والتي تعطي التقني وضع اقتصادياً واجتماعياً يفوق خريجي الجامعات، وهذا ما لم نصل إليه بعد في بلادنا، فبرغم كل التوصيات بتحسين وضع التقني، ووضع نظام للحوافز المالية لتشجيع الالتحاق في التعليم التقني، ولان كل القراءات الإحصائية في بلدنا تشير إلى تغول وانفلات التعليم الجامعي والذي وصل عدد الطلبة فيه 320 الف طالب، في حين أن عدد الملتحقين في التعليم التقني قد تناقص إلى ما دون 20 ألفا بكثير، فيجب التركيز على عمل كل ما يلزم لتشجيع الالتحاق في التعليم التقني والحد من الالتحاق في التعليم الجامعي الذي أصبح يخرج جيوش من العاطلين عن العمل.
مطلوب تقنين عملية التجسير لا وقفها وقد يكون مقبولا خفضها بنسب بسيطة وتدريجيا دون 20% وهي النسبة الحالية، لكن ليس إلغائها بأي صورة من الصور لان ذلك كما أسلفت سيكون قاتلا لعملية الالتحاق في التعليم التقني، لنرجع إلى المربع الأول وبعد أن ندمر هذا القطاع المثقل بالأوجاع أصلا، سيأتي من يقول أعيدوا التجسير، لأننا اعتدنا على التخبط والعشوائية دون أسس موضوعية في اتخاذ القرارات، والإصرار على الخطأ.
مطلوب من الحكومة وصانعي القرار في بلدنا إلغاء هذه التوصية دون تردد، والاستعانة بخبراء وإحصائيات موجودة في التقارير الإحصائية لوزارة التعليم العالي للتأكد مما أسلفت، وعدم الذهاب بعيدا في ذلك فالتعليم التقني لا يحتمل الأفكار الفاشلة، ولا السياسات التي أضعفته وجعلت منه تعليما لمتدني التحصيل، نريد للتعليم التقني أن يتطور وتتطور نسب الالتحاق به لنصل النسب العالمية التي تصل 40% أو أكثر في بعض البلدان، ونريد دعما حقيقيا لهذا القطاع من خلال جامعة البلقاء التطبيقية لتتمكن من تنفيذ استراتيجياتها وخططها لتطوير وهيكلة التعليم التقني. ...حمى الله الأردن.

التعليقات

ملاك بني يونس (.) الخميس, 01/26/2017 - 21:51

كلمة الحق
يأتي هذا القرار ليحرم من لديه الرغبة والقدرة على مواصلة تعليمه، وتأتي هذه التوصية بوقف التجسير مخالفة للتجارب والممارسات العالمية الفضلى والتي تؤكد على النهايات المفتوحة للمستويات التعليمية المختلفة، وقد تكون التوصية مقبولة في الدول الصناعية المتقدمة ، والتي تعطي التقني وضع اقتصادياً واجتماعياً يفوق خريجي الجامعات، وهذا ما لم نصل إليه بعد في بلادنا، فبرغم كل التوصيات بتحسين وضع التقني، ووضع نظام للحوافز المالية لتشجيع الالتحاق في التعليم التقني

الزعبي (.) الجمعة, 01/27/2017 - 15:24

اسعد الله اوقاتكم
اظن ان جامعة البلقاء اسست لتكون تقنية، لكن هل هي حقا تقنية أم ان تقنيتها مجرد كلمة بعيدة عن الحقيقة؟؟؟
ارجو النظر في تخصصات الجامعة مجددا كونها في الغالب تخصصات إنسانية وعلمية.
وارجو من الكاتب ان يقارن بين عدد التخصصات التقنية من جهة وغيرها من التخصصات الانسانية والعلمية في كل كلية من كليات الجامعة ليكون الحديث أكثر موضوعية
اتمنى ان تصبح جامعة البلقاء تقنية كما هو المطلوب منها أن تكون

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)