TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وزير التعليم العالي يكتب : قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن
26/11/2014 - 3:30am

طلبة نيوز-

اضاءات حول واقع التعليم العالي الأردني:

تمثل مخرجات قطاع التعليم العالي أهم مرتكزات التنمية بمفهومها الشامل لتأثيرها على كافة القطاعات الانتاجية والخدمية، اضافة إلى تعاملها مع رأس المال البشري كمحرك أساسي للتنمية والنهضة الاقتصادية. وبقدر ما يبذل من اهتمام في مجال التخطيط لاستدامة نمو هذا القطاع وجودة مخرجاته بقدر ما يشهده القطاع التعليمي من تحديات ضمن مكونات مختلفة. وقد شهد الأردن في الآونة الاخيرة تسارعا ملحوظا في انشاء الجامعات الحكومية والخاصة واقبالا على التعليم الجامعي من داخل وخارج المملكة لم تشهد العقودُ السابقة مثيلاً له.

تهدف هذه المؤسسات إلى إعداد الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة لخوض غمار الحياة والارتقاء بالبحث العلمي والتطبيقي وخدمة المجتمع، سيما وأنّ الجامعات مطالبة بالمشاركة الفعلية في إيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها المجتمع من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية.

ولما كانت كفاءة الخريج ومدى استجابته لمتطلبات النظام العالمي الجديد تعتمد بالدرجة الأولى على نوعية التعليم وجودته فكان لابد من إعادة النظر بالمنظومة التعليمية بمفهومها الشامل منذ المراحل الاساسية وحتى الجامعية، للوصول إلى نظام تعليم عال ذي جودة عالية قادر على إعداد كوادر بشرية تلبي الاحتياجات المحلية والإقليمية.

وتحقيقا للرؤية المرجوة في سد الفجوة ما بين مخرجات المنظومة التعليمية في الأردن بمفهومها الشامل مع متطلبات الاقتصاد المعرفي فإن من أكبر التحديات التي تواجه قطاع التعليم بشكل عام هو السياسات والضوابط المقترحة لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وضمان جودة مخرجات التعليم العالي ومواءمتها لسوق العمل حيث باتت الاعداد المتزايدة من حملة الثانوية العامة هو ما يشكل العبء الأكبر في عملية المواءمة ما بين مخرجات قطاع التعليم العام ومدخلات قطاع التعليم العالي بشقيه «الأكاديمي» و»التقني».

حيث ستشهد المرحلة القادمة تدفقا كبيراً باتجاه الجامعات بنسب نمو تقارب 7% سنويا من خريجي الثانوية. ومما يزيد من خطورة الوضع هو أن أعداد المتجهين نحو تخصصات وبرامج التعليم التقني بات يشكل أقل من 10% من مجموع أعداد الطلبة بشكل عام، في حين يتجه الغالبية منهم نحو التعليم الأكاديمي. ومن أجل ذلك بات من الضروري أن نضع نصب أعيننا حتمية الوقوف على واقع الحال والفجوة المتسعة باضطراد مع عالم الأعمال والاقتصادات المستجدة ونسبة البطالة المتزايدة، حيث أنّ هنالك عدة محاور يجب إعادة النظر فيها ضمن خطة علاجية ومنظومة اصلاحية جديدة تتلخص في اطارين هامين يتمثلان بالمرجعية الاساس ومعايير وزارة التربية والتعليم والية امتحان شهادة الثانوية العامة. وبسياسات القبول التي من شأنها أن تحقق التوازن المطلوب في أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات من خلال تخفيف أعداد المقبولين في التخصصات الراكدة والمشبعة التي تشكل بمجملها ثلثي الجسم الطلابي في الجامعات، وإعادة توجيه الطلبة نحو مسار التعليم التقني. وعليه فانه لا بد من التوسع في القبول ضمن برامج التعليم التقني واستقطاب الطلبة من حملة الثانوية العامة من خلال تطوير شبكة عريضة من البرامج التقنية بشكل يلاقي طموحات الطلبة على المستوى المحلي والاقليمي ويلبي حاجات المنطقة الاقتصادية والتنموية حسب توزيعها في المملكة. على أن يوازي ذلك ايقاف التخصصات غير الملباة في سوق العمل تدريجيا.

ففي ضوء التشبث من قبل الطلبة وأولياء أمورهم ببعض التخصصات الانسانية والراكدة التي استفاض بها سوق العمل على مدار سنوات عدة، فقد أصبح من الأهمية بمكان الالتفات إلى حاجة سوق العمل المحلي وحاجة الدول المجاورة أيضا من الكوادر البشرية المؤهلة بمهارات وكفايات معرفية ومهنية والمتخصصة في حقول المعرفة المختلفة اللازمة لتلبية احتياجات المجتمع المحلي والاقليمي ومتطلبات الاقتصاد المعرفي العالمي ضمن منظومة الاقتصاديات العالمية لمواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم والتي تستلزم التركيز والتعمق في المجالات التقنية والتطبيقية بمستوياتها (الدبلوم والبكالوريوس) من قبل مؤسسات التعليم العالي (كليات المجتمع والجامعات).

في ضوء ما سبق يمكن القول أن الاتجاهات الحالية نحو تطوير التعليم العالي خلال الفترة القادمة على مستوى الوطن العربي والعالم أجمع تقتضي الإعداد والتحضير لمبادرات جديدة تخدم متطلبات العصر الحديث، وهذا لا يتهيأ لنا إلا إذا استطعنا أن نهيئ كوادر بشرية فاعلة قادرة على الخلق والإبداع وتتمتع بأهلية كافية تمكنها من أداء مهامها على الوجه الأمثل وذلك من خلال تطوير قطاع التعليم العالي باعتباره القطاع الفاعل والأساس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والذي يعدّ مؤشرا على تقدم الأمم وقدرتها من خلال توظيف مخرجاته لما فيه صالح الفرد والمجتمع.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن كل ذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى الالتزام بتحديث السياسات المتعلقة بتطوير هذا القطاع وإصلاحه وتعزيز نوعيته وتحسين جودته وضمان نوعية مخرجاته. ويسير هذا كله جنبا إلى جنب مع العمل تجاه خطط استراتيجية شاملة ومشاريع واعدة ضمن اطار زمني محدد تلتزم جميع الجهات المعنية في تنفيذها بعيداً عن التشظي والتفتيت في تقاسم أعباء المسؤولية بين المؤسسات المسؤولة (كوزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، الجامعات وكليات المجتمع، وزارة العمل، ديوان الخدمة المدنية، مركز تطوير الموارد البشرية).

وضمن هذا السياق الذي طال فيه التمعن من قبل المختصين وصناع القرار، وفي ضوء الرؤية المستقبلية لخطة عمل قابلة للتطبيق فقد فرغت الوزارة مؤخرا من وضع خطة استراتيجية شاملة للأعوام 2014-2018 تضمنت نهجا مختلفا يقوم على التشاركية بين الجهات المسؤولة وتفتح كذلك نفقا جديدا للتعاون مع المنظمات والجهات الداعمة في سبيل الاستفادة من الخبرات العالمية المميزة في مجال العلوم التقنية وتحقيق الرؤية المنشودة والنهوض بمستوى النظام التقني في المملكة ككل من خلال تعزيز العنصر التقني والتكنولوجي ضمن برامجها المطروحة واستحداث برامج تقنية جديدة تواكب متطلبات العصر تلبيةً لحاجات ومتطلبات سوق العمل المستجدة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)