TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وأد الفتنة وضرورة الصلح
01/07/2017 - 6:00pm

تنفس كثير من الأردنيين الصعداء وهم يرون اجتماع أهلنا في الصريح؛ لوأد الفتنة الخطيرة التي ألمت بالبلدة قبل أسابيع، بإجراء مصالحة كاملة وشاملة أنهت أحداثا مؤلمة عاشتها البلدة لأكثر من شهر ذهب ضحيتها 2 من خيرة أبنائها، ولحقت إصابات بأفراد آخرين، وما رافق ذلك كله من أعمال شغب، وحرق، واحتجاجات أقلقت المجتمع الأردني بعامة، والمناطق المحيطة بخاصة، وعرضت السلم الأهلي للخطر لا سيما في ظل الظروف التي يعيشها المجتمع الأردني من ارتفاع منسوب العنف، وتكاثر حالات القتل!
عادت الصريح اليوم إلى سابق عهدها وقد جمعت أهلها روابط القرابة والجيرة والنسب، فاعتبر ما ألم بها لا يعدو أن يكون- بإذن الله- سحابة صيف عابرة، وقد تغلب أهلها على مشاعر النزق والطيش والعنف التي صدرت عن عدد من الأشخاص لا يمثلون إلا قلة قليلة من أهلها الذين علوا على الجراح في سبيل المصلحة العامة محتسبين شهداءهم عند ربهم في عليين إن شاء الله تعالى.
أتمّت عشائر الصريح الصلح العشائري الذي بدأت مساعيه في وقت سابق وقد تنازل ذوي الشهيدين والمتضررين الآخرين عن جميع الحقوق العشائرية والشخصية في القضايا المرفوعة أمام القضاء وجميع المدعين بتلك الحقوق بإسقاطها أمام الجهات المختصة.
شمل الصلح الأحداث بدءا من حادث المشاجرة وما تلاها من أحداث حتى وصلت إلى مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، وما جرى هناك، وما تبع ذلك من حرائق وإتلاف لممتلكات الغير، وما جرى في أثنائها من أحداث ووفيات، وتم إبلاغ القضاء بعدم ممانعة الطرفين بإخلاء سبيل الموقوفين قضائيا وفقا لما تقرره الأجهزة القضائية والإدارية والأمنية، والموافقة على عدم اتخاذ إجراءات قانونية وإقامة أي دعاوى تتعلق بالإدعاء الشخصي، وترك مسالة الحق العام للقضاء صاحب الفصل في هكذا أمور، وأخيرا رفض وإدانة أي خروج أو تجاوز على هذا الصلح من أي طرف أو جهة، والإعلان أنه خروج عن العرف العشائري، والتبرؤ من مرتكبه أو المحرّض عليه، والطلب من الجهات المختصة ملاحقته وفق أحكام القانون، وعدم الوقوف إلى جانبه بأي شكل من الأشكال، والعمل على إزالة هذه الخروج والتجاوز.

ما كان لهذا الصلح أن يتم لولا جهود الرجال الرجال، وخيرة الخيرة من أبناء الصريح، والمجتمع الأردني الذين حملوا على عاتقهم وأد الفتنة، ولولا تسامح ذوي الشهيدين الذين ضربوا مثلا في التعقل، والتعالي على الجراح مهما كبرت.
لقد جاءت المصالحة تتويجا لجهود حثيثة ومتواصلة قامت بها لجنة الإصلاح من أبناء الصريح : دولة أبو عصام ورفاقه، مدعومة بجهود مماثلة من كفلاء الوفا المتمثلين بعشيرتي بني هاني والعيسى.
إن الحكمة والعقلانية في التعامل مع الأحداث التي تأصلت بمواقف أصحاب الحل والرأي كان لها الأثر البالغ في إنجاز المصالحة الشاملة والناجزة، وإعادة الهدوء والسكينة للصريح وأهلها، بل للوطن كله.
ولا بد من الاتعاظ بما حدث، والإفادة من التجربة المرّة، فالحادثة المؤسفة وقعت، وخسرنا من الأرواح والممتلكات ما خسرنا، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولكن يمكن أن نتعلم درسا مهما يحتم على الجميع التفكّر في عواقب الأمور قبل ترك العنان للعنف في معالجة الأمور مهما بلغت، فكيف إذا كانت من الصغائر التي لا نحتاج معها إلى شيء مما أدمى قلوب الأردنيين جميعا، وعلينا توطين أنفسنا على إمكانية مواجهة العنف من الآخر ولا بد من مقابلته بالحكمة والتعقّل الذي يؤدي إلى احتواء الخلاف لا بالتصعيد والوعيد، فالكل لا محالة خاسر في النهاية!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)