TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل تصلح أفكار الماضي.. لتطوير الحاضر وتخطيط المستقبل؟ * أ.د محمد القضاة
03/05/2017 - 7:30am
طلبة نيوز- احترتُ في العنوان، وجدتُ نفسي في بحر من الأفكار يتداولها الناس في جلساتهم الخاصة والعامة وفي حواراتهم ونقاشاتهم، وما يهمنا ماذا نريد؟ ولماذا ينقلب الموالي معارضا بعد ان يخرج من الوظيفة العامة؟ لماذا لم يصلّح ما كان يراه حين كانت بيده مقاليد الأمور؟ ولماذا يُحمّل الأخرين فشله؟ تتزاحم الأسئلة وتزحمها أفكار المنظّرين الذين يصحون فجأة من سباتهم حين يغادرون مواقعهم، تعجب لأفكارهم وآرائهم وهم خارج الوظيفة، وتحزن لفقر رؤيتهم وهم يمتلكون آليات التنفيذ! وتعالوا نستعرض حجم هذه المشكلة في بلدنا على مدار العقدين الاخيرين كي نرى اننا لا نبالغ إذا قلنا: إن كثيرين كانوا في الوظيفة العامة يدافعون عنها وتبيّن ان بعضهم كانوا يحوزون مكاسبها حسب، وحين خرجوا وجدناهم ليسوا هم! ما الذي تغير؟ ولماذا لا ينسجم المرء مع نفسه وفكره ويدافع عن الصواب مهما بلغت المغريات أو قلت المكتسبات؟! القلة تجدهم صادقين مع أنفسهم، يحاولون تنفيذ ما يؤمنون به؛ فقد ينجحون اذا أعطيتهم الفرصة أو يفشلون اذا وجدوا أنفسهم امام معيقات أصحاب المصالح!

والأردن يزخر بالكفايات والأفكار والأوفياء؛ غير أنك حين تقرأ ما يُشكل بين حين وأخر من لجان من الصندوق وما يسند إليهم يجعلك تتساءل: هل لجان الماضي تصلح لتطوير الحاضر والتخطيط للمستقبل!؟ وتعيد بشيء من التهذيب كلام الناس في منصات التواصل الاجتماعي عن اختيار بعض هذه الاسماء، لتقول كلاما يليق بالأردن ونخبه ومثقفيه؛ تُشكل بين حين وأخر لجان هنا وهناك، متعددة في أغراضها وحقولها العلمية والاكاديمية والإدارية، وحين تقرأ الأسماء تصدم وتصاب بالدوار، تجد بعض من فيها لا يمت للحاضر بشيء، وحين تفحصها وتعرفها تجدها لا تغادر الماضي، ولا شيء غير ذكرياته؛ فكيف تطور الحاضر وتخطط للمستقبل؟ وهذا يذكّرني ببعض أساتذتي الذين اتمنى لهم طول العمر حين كانوا يدخلون المحاضرات، ويبدأ بعضهم يتحدث عن ماضيه وفي منتصف الحديث كنّا نتعمد سؤاله؛ فينقطع حبل الذكريات، ثم يسأل اين وصلنا؟ يذكره بَعضُنَا بما يريد، فيستمر في سرد ما يحب حتى حفظنا ماضيه عن ظهر قلب لكثرة تكرارها، حفظ الله ذكرياتهم وامد الله في أعمارهم. وها نحن نشاهد كيف يعاد انتاج الماضي ببعض أسماء قدموا خدماتهم قبل أكثر من اربعة عقود أو أكثر يتم اختيارهم في هذه اللجان، وهو أمرٌ يثير اللغط حين يتسنم خبراء الذكريات المشهد من جديد في اللجان بقصصهم وذكرياتهم! بصراحة بورصة الأسماء لا تتغير مهما تغير الزمن هي هي، تتناوب وتأخذ كل شيء، وتجدها في هذه العقود كلها، مع زيادة في العدد بسبب دخول الورثة احيانا، إننا امام اجترار الأسماء نفسها، وكأن الماضي لا يغادر، وللأسف تقرأ في مواقع التواصل الاجتماعي نقدا لاذعا لهذه الظاهرة يستحي المرء الاشارة إليها حول وضع أشخاص تتهمهم تلك المواقع بانهم منفصلين عن واقع المجتمع المعيش، ونحن ندعو لهم بطول العمر وقد قدموا واعطوا في زمنهم واليوم العصر يحتاج لادواته وشبابه ومبدعيه من أصحاب الافكار الخلابة.

وعند قراءة الحاضر لا بُدّ من تحديث أدواته وأفكاره وتغيير مساراته؛ إذ لا يعقل ان تبقى قوائم أسماء المشاركين والمدعوين للندوات والمحاضرات والمشاركات والمؤتمرات واللقاءات في المؤسسات والمراكز والجهات المعنية كما هي على مدار سنوات، لا بد أن يطالها التجديد والتغيير؛ لأن الدنيا تتغير، وزوايا التفكير تتغير، ومراكز القوى يطالها التغيير، بعضها يهرم وبعضها يكتسب معارف وخبرات جديدة يحتاجها الوطن في البناء والعطاء... وعليه مطلوب ان تُعطى الفرصة للجيل الجديد؛ دعه يعمل ويجتهد كي يصيب أو يخيب لنعطه الفرصة، ولكي لا يبقى السؤال: هل مات المبدعون من بلدنا؟ وحتى نتجاوز قول ذلك الكاتب العربي الذي كتب تعليقا قبل يومين في تويتر:»اخطر ما تواجهه دول العرب ان يصبح كل صادق أمين صاحب فكر حريص على وطنه ناقدا لبرامج فاشلة اما سجينا او مهاجرا بعد ان تمت محاربته». نحن نريد لهذه الاجيال ان تتفاعل مع بعضها بعضا على قاعدة الشراكة والحوار والابداع لبناء مفاصل الدولة الاردنية كلها، بعيدا عن صندوق الاسماء، وعن توظيف ظاهرة التهميش والاقصاء للبعض كونهم يمتلكون فكرا واضحا كما يشير إلى ذلك عباس الغزي في مقالته» التهميش والاقصاء..ظاهرة أم قدر»، والمنشورة قبل مدة حين قال فيها:» ومن اخطر تلك الثقافات ثقافة التهميش والإقصاء والتي تعني إبعاد الأخر وتجاهله وعدم النظر إليه مهما كانت صحة مواقفه وصدق أقواله وقد يصل الأمر إلى تخوينه أو اتهامه بغية إسقاطه، وهذه الثقافة يمارسها الكثير من الناس وبشتى الوسائل ومن مختلف الشرائح الاجتماعية في مختلف مجالات الحياة.»وبعد، المطلوب أن نلتفت لبلدنا لبناء مؤسساتنا الوطنية على قواعد صلبة، وأن لا نزاود على بعضنا، وأن نخلص النوايا لوطننا، وأن نقرأ الواقع بدقة وعمق، لأن عجلة التنمية ترفض أي مسار يعيد البوصلة الى الوراء.

عن جريدة الرأي 3/5/2017

mohamadq2002@yahoo.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)