TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معاذ
10/02/2015 - 2:15am

طلبة نيوز- حسين الصرايرة

جاء وقع إعلان "داعش" إعدامها للطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة "حرقاً" حسبما ادعى تسجيل فيديو بثته بعنوان "شفاء الصدور" مدويّاً على مسامع وأفئدة الأردنيين والإنسانية بأسرها.

وتوقفت ساعات الأرض عن الدقّ لتنتظر إذا ما كانت قلوب الأردنيين ستستمر بالنبض بعد هذا المشهد الأليم، ولعل بوصلات العالم أجمع رمت سهامها تجاه الأردن ليكون قطباً جديداً في إعادة الروح لكوكب فجع بحرق "إنسان" حيّاً.

بليلة محق فيها القمر في أوج بدره صدح الأردنيون معاً : نحن قوم إذا غربت منّا شمس.. أشرقت فينا ألف ألف شمس.. تقلب الدنيا.. إذا ما زأرنا.. وتزلزل الأرض إذا لامس طُلٌّ منّا ترابها أو السماءَ.. ونحن قوم إذا اغتيل منّا معاذٌ.. قام فينا ألف ألف معاذ..

إن الشهيد البطل صقرَ جيشنا العربي معاذ الكساسبة.. إذا ما أضاء ذهب الله بنور المعتدين.. فكان شمعة تنير دربنا لشق غياهب الظلام والقهر والإرهاب.. ينتظر ورفاقه الذين سبقوه منّا.. أن نكمل المسير في نفق طويل وشاق.. أن نبذل الأرواح والمهج والأفئدة رخيصة.. لنصرة الإنسانية وحق أبنائها في حياة كريمة معززة وحرّة.. أن نسير بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا..

في اليوم الذي تلا إعلان وفاة الطيار معاذ الكساسبة، أدت مقاتلات الـ(أف ستة عشر) التحية العسكرية لروحه فوق مسقط رأسه بعي في الكرك.. فكان صوت رفّة جناحها يقرؤه السلامَ من عليين.. من جنان محمد والصدّيقين.. وتربت بهديرها على الرتبتين أن لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.. فروحه التي اعتادت أن تطير حمامة بيضاء.. في سماء أردننا.. وتنظر أن يغفى كل جفن على أرضنا قريراً منزهاً من خشية أو خوف.. هي الآن بيننا.. وتسأل العالم بالعربية: أترضون أن يترك الباب موارباً للكراهية والتطرف والإجرام..؟! أترضون أن يذهب دمي سدى..؟! أوترضون أن تهتز شعرة في جسد الوطن..؟!

في هذه المحنة والأيام العصيبة.. يمحّص الله الذين آمنوا منّا بأن العدل والحق والحب والإنسانية والوطن هو الملجأ والمنجى من لعنات الاستبعاد والظلم وخراب العمران ومقتل الأزهار في البستان.. ورجفة طرف صغيرٍ من الصبيان.. ويمحق المتسترين على عقيدتهم الملوثة الخبيثة.. الذين يحيك بالهم وتسرّ قلوبُهم تجاه الأردن وشعبه وجيشه المقدام الصابر الصامد.. على ضفة الحق.. والنصر القريب.. الشرّ لا الخير .. الموت لا الحياة..

إننا نعلم جيداً.. كأردنيين.. من الوطن القابض على جمر الإنسانية بشفا حفرة من بارود.. أن الظلم والجور والطغيان.. وسلب الحق وغياب الحجة في الميزان.. لمؤذن بخراب العمران.. وأفول الأمان.. واعتلاء ألسنة الدخان والنيران.. بدل الزهور.. والأقحوان.. وهذا ما أنتج التطرف والغلو.. الذي يتربص بديارنا.. وشيبنا وشباننا.. أبنائنا وبناتنا.. وسواعدهم النابضة بالحياة.. الذي يحولها إلى أدوات نافثة للشرور والألم.. بعد الضلال.. والتجهيل.. والحرمان..

وإن وهج الجباه السمر في جيشنا العربي وبراءة عيونه التي تضمر الدمع.. ليشربه الوطن عذباً في الشدائد والمحن.. يُبطن أسوداً إذا ما كشفت طرف نابها تبخرت أجساد المجرمين وتبعثرت كالعهن المنفوش.. فإذا نادى الأردن أن هبّوا لنصرتي.. رددنا كلمتين لا ثالث لهما "الله أكبر.. وعاش الجيش.."

فسمع العالم أجمع.. أن كلَّ من يجري في عروقه ماء نهر الأردن بضفتي الصدر.. النبض والنفس.. هو جندي.. مقاتل محارب مدافع.. عن حقّنا بألا يمسّ أحد حياتنا بمكروه.. أو يبغّض فينا صورة الإسلام الذي أقرئ لنبينا الهاشمي الأمين في الغار.. فإذا نادت المنايا فحيا بها.. ويا مرحباً بالموت إذا جاء مسرعاً.. أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ..

وإنّ صناعة الموت في دول الجوار لم تأت بليلة هجرها ضوء القمر.. وإنّما بعد أنْ ذاق شبابها أسوأ الأوضاع المعيشيّة الممكنة وتعرّضوا لأقسى ظروف الانتهاك الحقوقيّ المتوقّعة.. ليتحولوا إلى ماكينات مغيّبة مبرمجة على التّدمير لا التّعمير.. الموت لا الحياة..
وسنوات الفقر والجوع والحصار في دول الجوار كانت سبباً في نشر ثقافة الغاب وإهانة الإنسان والتمثيل بكرامته.. بينما كان القمع والغصب وسلب حريات الرّأي والتعبير عاملاً بارزاً في واقع التّطرف والمغالبة ورفض الآخر.. فلنحصّن صفّنا الأوحد من ويلات الاستبعاد والتّضليل والإقصاء.. لنقف صامدين أمام شرور الإرهاب والتكفير وانتهاك الحق بالبسمة والفرح..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)