TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مشكلة الحل !
17/01/2017 - 12:15pm

طلبة نيوز- الدكتور يعقوب ناصر الدين

كل أسباب الأزمة الاقتصادية التي يمر فيها بلدنا معروفة للجميع ، والنقاش الذي يدور بيننا عند التقييم الصحيح لمواردنا الطبيعية  ، يدور  حول ما إذا كانت قليلة أو أقل ، و بالمقارنة مع الدول النفطية ، حيث معيار الغنى هو صادرات النفط الموجود بكثرة في دول عربية ، أو الصادرات الصناعية والتكنولوجية الضخمة ، كما هو الحال لدى الدول الغنية على المستوى العالمي فنحن بلد متواضع الإمكانات  !

 

ولكن الحقيقة الساطعة هي أننا لسنا دولة فاشلة ، أو فقيرة بالمعنى الذي تصنف به دول كثيرة من العالم الثالث ، أو دول كانت غنية بالنفط وتحولت إلى دول فاشلة ، ونحن قادرون على معالجة الأزمات والمشكلات بقدر ما نستطيع ترتيب بيتنا ، ومد أرجلنا على قد اللحاق !

 

لنتوقف عند ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في مناسبات عديدة ،  ومؤخرا في محافظة عجلون حول ضرورة أن تأخذ الحكومة في الاعتبار مصالح الطبقتين الوسطى والفقيرة ، أي ما نسبته 85% من الشعب الأردني ، ذلك أن التقديرات تشير إلى أن نسبة الأغنياء هي في حدود 15% ، وهذا النوع من التوجيه يتعلق حتما بأسعار السلع الأساسية ، والضرائب والرسوم وغيرها ، مما قد تعجز عنها الطبقتان المتوسطة والفقيرة .

 

نظرة على طبقة الأغنياء وهم ينتمون إلى القطاع الخاص ، وغالبهم يمتلكون ويديرون مصانع ومزارع وشركات تجارة عامة وبنوك ومستشفيات وجامعات ، فهؤلاء يشغلون مئات الآلاف من القوى البشرية التي تندرج في فئة الطبقة الوسطى بسبب إنتاجيتهم ورواتبهم المناسبة ، وطبعا هناك نسبة من الفقراء ، ولكنهم ليسوا على الأقل عاطلين عن العمل .

 

نسبة الطبقة الفقيرة مساوية إلى حد كبير لنسبة الطبقة الغنية  ، ولكن النسبة الأكبر هي شريحة الطبقة الوسطى  ، وهي التي تشكل الميزان الحقيقي للواقع الاقتصادي وأثره على المجتمع ، من حيث مستوى المعيشة ، ومتطلبات الحياة اليومية ، وفي الواقع أن كل إجراء حكومي لمعالجة الأزمة الاقتصادية بناء على برنامج الإصلاح الاقتصادي ستمس مصالح الأغلبية ، مهما حاولت الحكومة تخفيف تلك الإجراءات ، وبالتالي فإن توجيه جلالة الملك مبني على أهمية  البحث عن البدائل والحلول الإبداعية  ، وتنشيط وتيرة النمو الاقتصادي ، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ، وتحويل التهديدات إلى فرص ، وغير ذلك كثير مما يجب أن يتحرك الجميع نحوه  بالقوة والقدرات الكافية  !

 

والسؤال الملح في هذه المرحلة هو هل بإمكاننا تبسيط المشكلة بدل تعقيد الحل ، والتقدم خطوة واحدة نحو المكاشفة الشاملة من أجل أن تعيد الحكومة مراجعة بعض ما تظن أنها ثوابت لا يمكن تجاوزها ، والإجابة على كثير من الأسئلة الصعبة حول بدائل الطاقة مثلا ، والاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية ، أو المردود الحقيقي للقوى البشرية في القطاعين العام والخاص ، ومدخلات ومخرجات التعليم بجميع مراحله ، وغير ذلك مما ندرك أنه متجمد عند نقطة معينة وكأنه قدر محتوم ؟

 

خيارنا الوحيد هو تجاوز الأزمة ، وانفراجها في أمد قريب ، من خلال إستراتيجية وطنية تساهم جميع الأطراف في صياغتها ، ولا بد كذلك من ثقافة جديدة تجعل الطبقة الوسطى تعيد ترتيب طريقة حياتها وأولوياتها ، تماما كما تفعل الطبقة الوسطى ، حتى في الدول الغنية من ضبط للمصروفات بما يتناسب مع الإمكانات .

 

أما الطبقة الغنية والميسورة فعليها أن تدرك مسؤولياتها المجتمعية ، وأن تساهم في حل مشاكل الفقر والبطالة ، والحفاظ على الطبقة الوسطى ، فهي كذلك صاحبة مصلحة لأنها الأكثر تضررا إذا تفاقمت الأزمة لا سمح الله ، وفي يقيني أننا قادرون على تجاوزها ، وقد أثبت التاريخ أننا كنا دائما قادرين على تجاوز الأزمات ، عندما نصبح على قلب رجل واحد ، وعندما ندرك القيمة الحقيقية لبلدنا ، نخاف عليه ونحميه كلف ذلك ما كلف .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)