TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مشكلة التعيينات الإدارية في الجامعات الأردنية
23/08/2014 - 2:30pm

طلبة نيوز \

أ‌. د. عبد المهدي السودي: أستاذ علم الاجتماع /الجامعة الأردني
Prof.alsoudi@yahoo.com
مع اقتراب موعد التغييرات والتعيينات الإدارية في الجامعات الأردنية بعد انتهاء الفصل الصيفي أحب ا ن اين بعض نواحي وأسباب الخلل في هذه التعيينات وخير مثال عليها حصر ترشيح رؤساء الجامعات بمن سبق وتولى مهام إدارية من منصب عميد او رئيس او نائب رئيس وهو الأمر الذي يدعو الى السخرية لأننا نعلم جميعا ان الكثير من التعيينات تمت على أسس غير موضوعية لا بل وكان المعيار الاول هو المحسوبية والواسطة ومراكز النفوذ للاهل والأقارب في أجهزة الدولة والحكومة. بالإضافة الى انه مخالف لجميع أسس تكافؤ الفرص ويحصر هذه المناصب بمجموعة صغيرة من الأشخاص الذين اتفقوا على حصر هذه المناسب تقاسمها فيما بينهم فتراهم يتنقلون من منصب لأخر ليس في جامعاتهم فحسب بل في الجامعات الأخرى التي لم يسبق ان خدموا فيها يوما واحدا . ان منصب الوزير والنائب ورئيس الوزراء وحتى الملك لا يشترط أن يكون له خبرات سابقة محددة الا ان منصب رئيس الجامعة و نائب الرئيس فهو محصور بأشخاص لديهم خبرات معينه ومحددة حتى ولو ثبت فشلهم في مناصبهم السابقة او تعينوا بالواسطة والمحسوبية وغيرها من الطرق غير الموضوعية وحرمان آلاف الأساتذة المؤهلين من التقدم لتلك المناصب وهو ما يدخل في باب الفساد المقنن لانهم حصروا هذه التعيينات وادخلوها في التعليمات وبالتالي سوف يحتكرونها حتى التقاعد او الممات.
فالطريقة المتبعة في التعيينات الإدارية والأكاديمية في الجامعات الأردنية هي المشكلة التي تحتاج إلى معالجة قبل التفكير في الأنظمة والتعليمات. فالطريقة الموضوعية المتبعة في غالبية الجامعات العالمية المحترمة لتعبئة شاغر أكاديمي أو إداري هو بالإعلان عن ذلك الشاغر من اجل التنافس لكل المؤهلين والراغبين في إشغاله محليا وعالميا وبالتالي تحصل الجامعات على أفضل العقول العلمية والإبداعية من بين عشرات بل مئات المتقدمين لتلك الوظيفة.
أما عندنا فتتمثل الطريقة بقيام مجلس التعليم العالي بتأثير كبير جدا من الوزير باختيار إحدى الشخصيات الأكاديمية بناء على اعتبارات كثيرة غير موضوعية تصل إلى درجة استقدام أشخاص من خارج الجامعة لإدارتها وهو من أهم أسباب فشل تلك الجامعات. ثم يقوم الرئيس المعين بتعيين نوابه وعمدائه حسب رغبته ومزاجه وقيام العمداء باختيار رؤساء الأقسام والإداريين بنفس الأسلوب وينتهي بنا هذا الطريق إلى وجود شبكة إدارية-أكاديمية في كل جامعة مبنية على أساس الواسطة والشللية والعلاقات والمصالح الشخصية بدلا من العلم والمعرفة والكفاءة والتميز. وتفرز هذا النموذج في التعيينات بالضرورة شبكة من الأتباع والموالين بدلا من شبكة من العلماء والمبدعين. هذا الأسلوب في التعيينات والذي يخالف كل الأعراف الأكاديمية والمتطلبات الإدارية ومبدأ الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص يؤدي إلى حالة من التذمر والرفض والإهمال وعدم الاكتراث وانسحاب خيرة الأساتذة من الحياة الجامعية وفشل الجامعات في تحقيق أهدافها الأكاديمية وفي إدارة الميزانية وتراكم الديون على الجامعات وتعطيل عملية التغيير والإصلاح المطلوب. وهذا في رأيي ان من بين أهم أسباب تدني المستوى الدراسي في الجامعات بشكل عام. إن تعيين رؤساء الجامعات ونواب الرئيس والعمداء بهذه الطريقة وبخاصة تجاهل مبدأ الكفاءة والمنافسة الحرة وتكافؤ الفرص والانجازات إنما هو في نظري السبب في فشل الإدارات الجامعة وهو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة حقيقية. فالمشكلة ليست في الأشخاص المعينين ولكنه في الطريقة والأسلوب الذي يعينون فيه وفي الأسلوب الذي يعين فيه هؤلاء الرؤساء نوابهم والعمداء ورؤساء الأقسام في جامعاتهم.
لقد ساهم هذا النمط من التعيينات في قتل روح التنافس بين الأساتذة والسعي إلى التمييز لا بل أن الإدارات غير الكفؤة تعمل جاهدة على تشويه سمعة الأساتذة المتميزين لدى الإدارة العليا وتظهرهم بأنهم طامعين او مشكلجيين وتعمل على وضع العراقيل في مشاركاتهم العلمية وتمنع عنهم المياومات التي تنص عليها تعليمات حضور المؤتمرات المحلية والدولية أو تحدد مشاركتهم بمؤتمر واحد طيلة السنة تحت شعار التوفير على الجامعة وهي في الواقع تقوم بذلك حسدا وغيرة. فيجد الأستاذ المتميز نفسه محبوسا في بيئة جامعية تخلوا من التنافس العلمي والعمل المشترك وتدريجيا ينسى كل هذه الأمور ويندمج في عملية التذمر ونقل الإشاعات والاستغابات وتنقلب اهتماماته البحثية إلى اهتمامات تدريسية شكلية.
ونظرا لان التعيينات الإدارية والأكاديمية لا تراعي الكفاءة والتمييز فهناك حالة من الاغتراب بين الأساتذة في الجامعات الأردنية نابعة من إحباطهم وتجاهلهم وعدم إشراكهم في العملية التعليمية فيحصل انفصام بين الإدارة والأساتذة ويخلق بيئة غير صحية بين أهم طرفين في هذه العملية تصل في كثير من الأحيان أن يقوم بعض الأساتذة بالشكوى أمام طلابهم من سؤ العملية الإدارية أو الإهمال في واجباتهم التدريسية والتربوية. وبالمناسبة فان حجم الخطط التفصيلية والتي تطلبها الجامعات الأمريكية لا يقل عن 15 صفحة لكل خطة بينما لا يصل عدد الصفحات في بعض المواد التدريسية طيلة الفصل 15-20 صفحة.
وبدلا من انشغال الأساتذة بوضع خطط دراسية مدعمة بقراءات محددة من كتب ومقالات علمية توضع كمتطلبات إجبارية وملزمة للطالب ويلتزم بها الأساتذة في شرحهم وامتحاناتهم يقضون معظم الوقت في التذمر والتنبؤ بالتغييرات القادمة والاستغابات وتعظيم المشاكل وتبعدهم كل هذه الأمور أن إدراك الحقيقة التي تقول بأن مشكلة تدني مستوى الخريجين إنما تكمن في سؤ التعيينات الأكاديمية والإدارية. فمعظم الخطط الدراسية قديمة أو من مؤلفات المدرسين التي تكرر في جميع المساقات التي يدرسونها وهي مجرد خطط على ورق ليست ملزمة للطلاب ولا للأساتذة الذين يدرس بعضهم المادة من دفاترهم العتيقة التي مضى عليها أكثر من عشرين عاما.
لقد كتبنا أكثر من مرة بأن مشكلة الفشل الإداري والمالي والأكاديمي وتدني المستويات التعليمية في الجامعات الأردنية والعربية إنما تكمن في الأسلوب المستخدم في التعيينات الإدارية والأكاديمية والذي يقوم على أسس غير موضوعية تنتج رؤساء يهتمون بالمحافظة على مراكزهم أكثر من اهتمامهم بالقضايا الإدارية والمالية ومتابعة الأمور الأكاديمية والعملية التدريسية بسبب اغترابهم عن الجامعات التي هبطوا بالمظلات على إدارتها. أن حل هذه المشكلة يتطلب تغيير نمط التعيينات الإدارية بحيث يتم من خلال لجان وطنية تقوم بالإعلان عن هذه الوظائف لجميع الأساتذة ودراسة طلبات جميع المتقدمين بصورة موضوعية لاختيار أكثرهم علما وكفاءة وقدرة على الانجاز والإبداع. لا بد من إنشاء مجالس للجامعة والعمداء قادرة على مراقبة ومحاسبة الرئيس وليس مجالس تبريك وطاعة وولاء وتقديس. هل يمكن لمجلس عمداء معين من الرئيس مراقبته ومحاسبته؟ أن مجالس العمداء والجامعات الحالية هي مجالس شكلية مهمتها الرئيسية أن تبصم للرئيس باعتباره ولي النعمة وصاحب العصمة وهل بعد ذلك حديث عن الإصلاح والتغيير وإنقاذ الجامعات من التردي والفشل الأكاديمي والإفلاس؟ أن استمرار وتكرار تعيين وتغيير رؤساء الجامعات بهذه الطريقة قد دمر الجامعات وفقدها هيبتها وفعاليتها وثقة الاساتذ1ة والطلاب والمواطن فيها. المرض معروف والعلاج معروف فهل نحن قادرون على اتخاذ القرار لصرف الدواء؟ سؤال لرئيس الوزراء ووزير التعليم العالي ومجلس التعليم العالي ينتظره الجميع بفارغ الصبر. فإما إن يحدث التغيير والتجديد والإبداع في التعيينات وإما أن نستمر في ذرف الدموع والتباكي على تدني مستوى التعليم في الجامعات.

التعليقات

دزنايف الطعاني (.) السبت, 08/23/2014 - 22:49

تحياتي يادكتور 000اه على زمانك هي وقفت على هاي ------------

استاذ دجامعي (.) الأحد, 08/24/2014 - 01:36

نطقت بالحق العمداء بصيمة للرئيس ةالرئيس بصيم لوزير التعليم العالي وهكذا لا معايير اكاديمية بل عشائرية ضيقة نتنه تحكم الجامعات التي ينبغي ان تكون منارات علم، لقد حولوها للاسف الى مجالس عشائرية ضيقة وانظر الى جامعة مؤتة مثلا وكيف جاء الرئيس ونوابه والعمداء فيها لتعرف حجم المهزلة التي نعيش وتعيش الجامعات

زمن الرويبضه (.) الأحد, 08/24/2014 - 08:43

للاسف ما دامت المعايير هي الواسطه والمحسوبيه فمن المنتظر تدني جميع المخرجات العلمية والاكاديمية التي تتخرج من تحت ايدي هؤلاء الفئة التي لا تعترف بشيء من الكفاءة غير الواسطه والمحسوبية انا لا اعرف معنى ذلك هل اقتصر ت الكفاءات الاردنية فقط على هؤلاء الفئة؟؟؟؟
للاسف ما دامت هذة الامور هكذا فعلى الدنيا السلام
نعم صحيح هذا هو زمن الرويبضه

د. موسى (.) الأحد, 08/24/2014 - 14:46

أتمنى أن يبدأ الإنسان بإصلاح نفسه قبل أن ينتقد العالم كلة.

تكنو (.) الأحد, 08/24/2014 - 15:06

بنفس الطريقة التكنو انهارت من رئيس غائب حاضر

أسعد نشمي (.) الأحد, 08/24/2014 - 15:20

لقد حان الوقت لانتخاب القيادات الجامعية (رئيس، نائب رئيس، مساعد الرئيس، عميد، ورئيس القسم) من اعضاء هيئة التدريس.

دكتور (.) الأحد, 09/20/2015 - 16:42

احسنت الكلام والتحليل للأسف هاد الفشل قاد الى تولي بعض الجامعات لرئاساء لا يصلحون وقد حولو الجامعه الى مزرعه خاصه وتعيين شللهم وحسب مصالحهم كما يحدث بالآردنيه حسبي الله ونعم الوكيل

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)