الدكتور أيمن أبو الرب

عندما كنا طلابا في جامعة الكويت، قبل نحو ثلاثين عاما، لم نكن نلتقي مع "مدير الجامعة"، كما يسمى، ولا حتى مع عميد الكلية إلا في المناسبات، فكل قضايانا ومشاكلنا الطلابية كانت تحل إما عند المرشد الأكاديمي أو عند رئيس القسم. ورغم ذلك كنا إذا ما احتجنا للقاء مدير الجامعة أو العميد يكفي أن نطلب تحديد موعد ليتم هذا اللقاء.

فهل هذا ما يحدث في جامعاتنا اليوم؟

مشهدان رأيتهما في عدة جامعات أردنية:
المشهد الأول: الطلاب يصطفون على باب رئيس الجامعة ليوقع لهم على طلبات بسيطة؛ كاعتماد عذر غياب، أو رفع حرمان، أو تأجيل دفع رسوم. في الوقت الذي تغلق فيه أبواب الرئاسة أمام أعضاء الهيئة التدريسية حتى اقترح أحد الأساتذة أن يسجل كطالب في نفس الجامعة عله يتمكن من مقابلة رئيسه. ونرى الرئيس يتفاخر أنه لا يمكن تمرير أي قرار في الجامعة إلا بتوقيعه، سواء أكان قرار شراء قلم أم اعتماد الجدول الدراسي، أم حتى اعتماد مجلة علمية لغايات الترقية، "كله بإيدي" كما كان يقول.

أما المشهد الثاني فهو على النقيض تماما: 
انتبه إذا ما أردت زيارة رئيس جامعة من هذا النوع، فإنك ستحسب أنك تدخل مركز قيادة عمليات إحدى "الثكنات الجامعية": الحرس يراقبونك منذ اجتيازك بوابة الجامعة حتى وصولك إلى باب مكتب الرئيس، ويتابعون كل تحركاتك وسكناتك وينقلونها على "الووكي توكي"، ثم إذا ما دخلت إلى مكتب الرئيس فوجئت بأحد احتمالين: إما أن تجد الرئيس جالسا على مكتب خالي من أي ورقة أو قلم لدلالة على أن الرئيس لا يملك اتخاذ أي قرار. 
أو أن تجد مكتبا مليئا بموظفين مهمتهم مساعدة الرئيس، كما يدعون، ولا ضير مع المساعدة من تسجيل الحوار الذي سيدور بينك وبين الرئيس!!!. في مشهد يذكرني بالأخوة الأربعة الذين اشتروا تاكسي ولإنهم لا يثقون بالسائق قرروا أن يركبوا معه ليراقبوه. حتى إذا ما انقضى الشهر تساءلوا بحيرة: لماذا لا يربح التاكسي؟

هذان المشهدان الكوميديان، حقيقيان ويتكرران كثيرا في جامعاتنا بدرجة أقل أو أكثر، وللأسف فإنهما يمثلان وضع مركزية القيادة في جامعاتنا العتيدة: 

بين الإفراط في المركزية ... أو التفريط في واجبات المسؤولية.