TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مراكز إستشرافية في الجامعات لتدعيم خيارات الدولة
14/02/2017 - 7:45am

طلبة نيوز-  زيد احسان الخوالدة

في خضم التواصل المستمر مع أخي البروفيسور محمد الفرجات من بتراء الأنباط وحاضنة التاريخ والمهتم بالشأنين الاقتصادي والسياسي، فقد أبدى اهتمام بعلم الإستشراف كوسيلة وأداة تنهجها بعض الدول من أجل المنافسة والإستمرار، في عالم البقاء فيه للأقوى الذي يطور ويبتكر ويحسن ويبني خياراته على نماذج إستشرافية وسيناريوهات واقعية وقابلة للتطبيق.
 العلماء هم الذين يصنعون المعرفة، والهاشميون هم الذين يصنعون العلماء لأنهم صناع مجد وتاريخ، ولذلك على القائمين على الجامعات خلق حالة ابداعية فاعلة وليست حالة شكلية إعلامية مشروطة بظرف آني تنتهي بعده. بل حالة من الإحساس بالمسؤولية المجتمعية لرفع القيود عن العقول المبدعة وتمكينها من خدمة الوطن كما وجه جلالة الملك في لقاءه الأخير رؤساء الجامعات لمواكبة روح العصر وعدم الانفصال عن قضايا الوطن وأن الجامعات لكل أبناء وبنات الوطن. وهذا ما يسعى لتحقيقه وزير التعليم العالي البروفيسور عادل طويسي ومعه في حالة العزيمة نخبة شجاعة من مفكرين وعلماء الوطن. 
طبيا وعلى سبيل المثال هناك مفهوم علمي اسمه مآل الحالة prognosiss ويعني مستقبل الحالة المرضية او الاضطراب او حالة اللاسواء، وحينما يمتلك الطبيب هذه المعرفة يستطيع توظيف قدراته ومهاراته الاستنباطية والسريرية من اجل مزيد من التقييم والتحكم الإيجابي لمراحل المرض وإدارة الحالة للوصول بها إلى بر الأمان وتحقيق الأهداف الوقائية والعلاجية والتقييمية وهذا يتطلب أيضا معرفة واطلاع على علم الوبائيات الذي يوفر نسب وأرقام مفيدة في مجال الطب والصحة العامة.
 اذا من يستطيع أن يستشرف ملامح المستقبل هو الذي يعرف هدفه ويمتلك الأدوات والوسائل التي تحافظ على دوامه ونشاطه ودوره وتأثيره وهو مدرك لنفسه ولغيره وما يدور حوله. 
 وبعيدا عن الطب! أين المراكز الاستشرافية ودراسات علم المستقبل التي تستثمر العلم وجهود العلماء لكي تدير دفة الأمور من خلال الابتكار ؟ فالجامعات هي محطات طاقة وطنية لتنوير وتشخيص وإرشاد للوطن والمجتمع ورسالة العلماء نشر العلم وليس نقله واستهلاكه... إن إجراء الدراسات الاستشرافية والمستقبلية والاكتوارية يتطلب وجود وحدات ذات طابع خاص يقوم عليها علماء الإحصاء والرياضيات والاجتماعيات والاقتصاد والصحة والسياسة ومختلف مناحي العلوم من أجل الإجابة علميا على تساؤلات مشروعة إلى أين تسير الدولة في عالم يسوده مشهد صراع البقاء والتنافس؟
 وللدراسات الاستشرافية اهداف ومبررات ولها أنواع، ونحن في أشد ما نكون بحاجة لها الآن أكثر من أي وقت مضى لرسم خريطة المستقبل الشاملة مستندة إلى الاتجاهات الممتدة عبر الأجيال، والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية والأحداث المفاجئة والقوى الديناميكية المحركة لها. وبالتالي معرفة الخيارت الممكنة لمواجهتها والقدرة على اتخاذ واعتماد الانسب منها على المستويين القريب والبعيد الأمد، والتنبؤ بالازمات والاحداث المفاجئة، والتهيؤ لمواجهتها واستباقها، والقدرة على التعامل مع القضايا المستقبلية بعقلية ابتكارية فذة، وإتاحة وتوسيع خيارات التعامل معها ووضع الأسس والآليات اللازمة لمواجهتها من خلال مرجعيات متخصصة معدة لهذه الغاية.
 إن وحدات الدراسات الاستشرافية ستوفر معلومات علمية نابعة من تفاعل الحالة العلمية الاجتماعية الإحصائية الرياضية وفلسفة المستقبل لمعرفة خياراتنا على نحو أوسع وأفضل، فعلى سبيل المثال هنالك:
 خيارات متعلقة بحالة السلم واللاسلم.

خيارات توطيد العلاقات والتحالفات الدولية.

خيارات متعلقة بالمصادر الطبيعية بين الطلب والوفرة.

خيارات متعلقة بمواجهة النمو السكاني وتغير الهرم السكاني.

خيارات متعلقة بحل مشاكل السكن، والطاقة، وطبيعة النمو السكاني.

خيارات مواجهة تحديات التعليم والصحة.

اجراء مزيد من الدراسات الاكتوارية للضمان الاجتماعي والتقاعد وهي معمول بها لكن خارج الجامعات.

خيارات مواجهة التركيبة السكانية الطارئة في الاردن نتيجة توافد أعداد كبيرة من الأشقاء العرب طلبا للجوء.

وهذا كله يهدف إلى توفير خيارات أوسع لتمكين الدولة من اتخاذ القرارات المناسبة واستباق الأحداث والأزمات في عالم يسوده صراع البقاء. 
 وهذا كله يأتي متمم للشوط الكبير الذي قطعه الاردن في الإصلاحات الدستورية والحاكمية الرشيدة واللامركزية. 
 وفي بلد فتي مثل أردننا العزيز ونحن نحتفل بمئوية الثورة العربية الكبرى لتحقيق الحياة الفضلى يجب ان تتجه الجامعات إلى إنشاء هذه الوحدات لتوظيف المعرفة لخدمة مستقبلنا وخاصة عنصر الشباب، واستخدام الاقتصاد الرقمي للتعامل مع المعضلات وحل المشكلات، وكيفية وأولويات الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والبديلة والصخر الزيتي واستغلال الحصاد المائي بشكل أفضل ومعرفة خياراتنا في مجال الطاقة النووية. وهذا كله يصب في صالح ومستقبل الوطن وتدعيم خيارات الدولة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)