المغفلون تراهم في كل مكان وزمان، وهم جاهزون للردح والغناء والرثاء، لا يأبهون لحمل اوتارهم من أقصى اليمين لاقصى الشمال، جاهزون لعمل كل شيء، يكثرون في المناسبات والانتخابات وعند وقوع المشكلات، لا يحترمون أية خصوصية، قناعاتهم جيوبهم. وحروفهم وسكاكينهم تقطع في كل اتجاه، وهو ما يذكرني بمرتزقة الحروب، يذهبون لساحات المعارك وهم لا يعرفون حجم النار التي ستحرقهم! وتجد بعضهم يصوب سلاحه عكس قناعاته، وقد تتحول فوهات بنادقهم كلما دفع المشتري ثمنا اعلى، وهذا ما يفعله المغفلون هذه الأيام حين يدافعون عن الشيطان وهم لا يعرفون عن ماذا يدافعون او يبكون!
ظاهرة المغفلين تزداد وتيرتها، وترتفع سقوفها وانت تعلم ان أصحابها مجموعة من الدمى تتحرك مع الريح، وتأخذ مجدها في الطبل والزمر كلما حان أوانها. أقول لهؤلاء الذين يعيشون أفراحهم وأتراحهم انظروا ولو مرة في وجوهكم بعد كل ملطمة، لكي تروا كيف تبدو دخانية في مرايا انفسكم؟ وكيف تبدو شاحبة امام المجتمع الذي تختزن ذاكرته بصور الحمقى والمغفلين على مدار التاريخ؟ ولا نبالغ اذا قلنا إن المجتمع الحديث يمتلك الى جانب الذاكرة سجلات حية يستطيع ان يعيدها امام المبالغين كي يعرفوا ان الذاكرة ليست مستباحة الى حد الغفلة، وحين تستيقظ الدول والأفراد وتعود المياه الى مجاريها حينها لا ينفع الندم، وليتأملوا قول الشاعر:
نَدِمَ الْبُغاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم
نشر في جريدة الرأي 19/6/2017
اضف تعليقك