TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما ضرورة وجود مجلس التعليم العالي؟
14/12/2017 - 5:15am

أذكر في عام 1989 وقد تأسست وزارة التعليم العالي حديثا، وكان الوزير وقتها قد جعل من أولى أولوياته أن يخضع الجامعات الرسمية تحت مظلة الوزارة، وكان رئيس الجامعة الأردنية حينها يرفض هذه الفكرة، فلا يجوز لوزارة أن تتحكم في الجامعات، فللجامعة كيانها وإدارتها وأولوياتها، وهي بمجالسها تشكل قوة إدارية لا تحتاج أكثر من رسم سياسات عامة مع الحكومة، وهكذا الشأن في الدول المتقدمة بمؤسساتها وجامعاتها، فهل جامعات أمريكا مثلا، أو بريطانيا تخضع لتوجيهات حكومية أو مجالس للتعليم العاليّ؟ لا يمكن هذا أبدا، فهناك سياسات عامة ليس إلا، وتتنافس الجامعات بقوة ونزاهة، ولا أحد يتحكم في أدق شؤونها. وبعد أن استقال ذلك الرئيس من رئاسة الجامعة الأردنية، تحققت أمنية الوزير، ورأيناه على شاشة التلفزيون وهو يجلس كالطاووس مجتمعا مع الرؤساء حينها، علامة على هيمنته على الجامعات وإخضاعها للوزارة.
بعيدا عما يجري الآن من حراك مجتمعي حول إقالة الرؤساء الثلاثة، ولا يعنيني كثيرا موضوع اللجان المشكلة ومصداقيتها وقراراتها، فجميلة الجرأة والقوة إن كانت في مكانها، وقبيحة القرارات الارتجالية والملتوية إن كانت وفق أهواء أو تصفية حسابات، ولكن أكثر ما يعنيني هنا هو مشروعية وجود مجلس للتعليم العالي، بوجود مجالس أمناء الأصل أنه يتم اختيارهم بنزاهة وعناية، ووجود رئيس وفق كفاءة عالية نزيهة.
على الحكومة أن تضع سياسات وتوصيات عامة، ولا تتدخل في شؤون الجامعات ولا تتحكم فيها، لا هي ولا الأجهزة المتنوعة الرديفة، فثابت بلا منازع أن أكثر ما أضر بالجامعات هي التدخلات والواسطات والمحسوبيات والتعيينات اللامدروسة في المستويات كلها، وهذا كله له ضرره وأثره السلبي.
آن لنا أن نثور على ميراث قبيح فاشل يقف عثرة في طريق تقدم الجامعات، فلا هي آخذة حقها من الدعم، ولا هي مسموح لها أن تنطلق في رسم سياساتها الإدارية والمالية والفنية التخصصية، مسائل تعيق الانطلاق والتميز، وما دام الأمر هكذا فالتعليم قطعا إلى تراجع، فالمدخلات تشير بوضوح إلى المخرجات.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)