TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
كيف يبدو الأردن في ذكرى استقلاله؟
25/05/2015 - 3:30am

طلبة نيوز- فهد الخيطان

تلحّ على الأردنيين قائمة طويلة من المطالب والأولويات؛ صعوبات المعيشة، والغلاء، والبطالة، والفساد، ودعوات المساواة، وسيادة القانون، والإصلاح السياسي.
ذكرى الاستقلال قد تكون مناسبة للتفكير بمثل هذه الأمور. وهذا ضروري من دون شك، لا بل وحق لكل أردني وأردنية.
لقد واجهت الدولة الأردنية في سنوات الاستقلال الـ69 مخاطر جمة، ومنعطفات كادت أن تودي بها في وقت مبكر من عمرها. لكنها، وعلى نحو عجيب، نجحت في اجتياز الأزمات، والانطلاق من جديد.
تاريخ الدولة الأردنية هو سلسلة متصلة من التحديات؛ فلا تكاد تخرج من مطب، حتى تدخل في ورطة أكبر. حروب في كل قطر جاورها، ومشاكل داخلية من الوزن الثقيل. لعقود طويلة، كان على الأردن أن يتعايش مع محيط معاد، ومجتمع منقسم، وصورة نمطية وظالمة للكيان والنظام والهوية الوطنية.
كابد الأردن كثيرا كي يصمد 69 عاما. لا الملكيات العربية رحمته، ولا الأنظمة الجمهورية. وحتى يومنا هذا، يرفض البعض أن يعترف بحق الأردن في البقاء. وإن سلم بعضهم بذلك؛ فإنهم يودون أن يروه دائما ضعيفا، يحتاج لمساعدتهم.
في السنوات القليلة الماضية، على ما فيها من تحديات غير مسبوقة، صار بمقدور الأردن أن يعبر عن نفسه بحرية أكبر، وأن يفرض نفسه على المحيط كدولة جديرة بالحياة، والريادة أيضا. إذا كان هناك من فضل للربيع العربي على عالمنا العربي، فهو امتحان معدن الدول، ومدى صلابتها في مواجهة مخاطر الفوضى والتفكك، وحرص شعوبها على الإنجازات والمكاسب التي تحققت على مدار عقود مضت.
انظروا كم خسرت سورية والعراق وليبيا ومصر، وسواها من الدول العربية، من منجزات؟ كم من دمار لحق بهذه البلدان على يد أبنائها؟ ما قيمة التغيير إذا كان سيعيد بلدا مثل سورية أو ليبيا عشرات السنين إلى الوراء؟
كان حلم الشعوب ثورة تأخذها أشواطا إلى الأمام، وليس حربا تعيدها إلى زمن الدولة العثمانية.
لكن هذا ما حصل من حولنا. فنحن اليوم نعيش وسط ركام دول؛ خراب يعم بلدانا كانت حتى الأمس القريب عواصم القرار العربي، وحواضر الثقافة والحضارة العريقة.
لم نتخيل للحظة أننا سنمر يوما بهذه الظروف. لقد كان التحدي الذي يواجه الأردن على الدوام، هو وجود دول من حوله أكثر قوة ومنعة. الحال تغيرت اليوم؛ صارت الدول الضعيفة والمفككة هي مصدر القلق والتهديد.
بيد أن تجربة السنوات الخمس الماضية منحتنا ثقة عالية بالنفس؛ النظام السياسي أصبح أكثر ثقة بنفسه، وبشعبه. والشعب يدرك أكثر من أي وقت أهمية الدولة والمؤسسات في حياته. أصحاب السردية التي طالما شككت بشرعية الكيان السياسي، ووصمته بالكيان المصطنع، خفت صوتهم.
إن الأردن، وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي يمر فيها، جراء فوضى الإقليم، يملك فرصة ذهبية لإثبات الذات من جديد، ودخول عصر الدول الحديثة.
ذلك لن يتحقق من دون بناء سردية وطنية متماسكة؛ جديدة كليا وأصيلة، تقوم على مبدأ الالتزام الوطني، وخيار الديمقراطية؛ ديمقراطية الدولة الوطنية، كخيار وحيد للرد على صراع الهويات الذي يضرب عالمنا العربي.
صدورنا مثقلة بالهموم اليومية والمعيشية، لكن ما من شيء ذي قيمة يمكن تذكره في عيد الاستقلال أكثر من الاستقرار. الاستقرار هو الذي يمنحنا الفرصة للبناء، والتفكير بالمستقبل. وأي تفريط فيه، سيضعنا في "مركب واحد" مع دول الفوضى والخراب.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)