TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
كلمة الأستاذ الدكتور عزمي محافظة رئيس الجامعة الأردنية في مؤتمر " القضية الفلسطينية...إلى أين ؟"
08/04/2018 - 1:15pm

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم راعي المؤتمر أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسماحة والعطوفة الضيوف الكرام من كل مكان أبنائي الطلبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإنه لمن دواعي الغبطة والفخر أن نجتمع اليوم في رحاب الجامعة الأردنية ونستقبلكم من حيث قدمتم في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تنظمه الجامعة بعنوان "القضية الفلسطينية- إلى أين" التزاما منها بمسؤوليتها التاريخية ودورها الوطني وحرصا منها على إثارة الاسئلة حول الماضي والراهن والمستقبل. نلتقي على ابواب الذكرى السبعين للنكبة التي اعتبرت الحدث الأكثر أهمية في تاريخ العرب المعاصر بالرغم من أن ذلك التاريخ لم يكن بداية القضية الفلسطينية التي أخذت معالمها تتشكل منذ مجيئ نابليون للشرق العربي ثم مؤتمر بال 1897 ومن ثم وعد بلفور 1917 فالإنتداب البريطاني 1920- 1945 وصولا الى قيام دولة الإحتلال الصهيوني وما تلاها وجلبته للمنطقة من كوارث ومآس واحداث مفصلية رسمت وجهة التاريخ المعاصر للشرق الأوسط. نلتقي اليوم لنؤكد جميعا أن فلسطين عربية وستبقى عربية، وستبقى القدس عاصمتها إلى الأبد، وأن القضية الفلسطينية وبرغم كل ما يشهد الحاضر العربي من ازمات راهنة تبقى قضية العرب الأولى وإن انشغلت الجامعة العربية بازمات مفتوحة على المجهول في سوريا واليمن وليبيا. نلتقي وفي قلب الجامعة الأردنية شعلة متوقدة ترسم صورة ولا أبهى من صور وحدة الصف الذي نحن أحوج ما نكون إليه اليوم، وطلبتها يشكلون امتدادا لطلبة "الأردنية" الذين انتفضوا بعد نكسة 1967 مشتعلين بعشق الأمة، متألقين ومتمسكين بأمل الوحدة العربية التي لا تشوبها إقليمية أو عنصرية. الحضور الكريم حديثنا اليوم في موضوع ليس كغيره من المواضيع، فقضية فلسطين ورمزها مدينة القدس تثير في كل واحد منا أعمق مشاعر الحميّة الوطنية والقومية والدينية. كيف لا وهي حاضنة قبلة المسلمين الأولى في المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، ومسرى ومعراج رسوله الأمين، ومثوى قيامة السيد المسيح عليه السلام، والأنبياء والمجاهدين والصالحين على مرِّ العصور. إن مصيرها خط أحمر كما عبَّر عن ذلك جلالة الملك عبد الله الثاني في كل مناسبة من المناسبات. إن التمسك المطلق بعروبة القدس يستند إلى معطيات ثابتة أولها أن القدس تاريخياً عربية منذ الأزل، منذ أقامها اليبوسيون العرب، وهم بطن من بطون الكنعانيين الساميين أهل البلاد الأصليين قبل ستة آلاف عام. ثم إن العرب دون غيرهم هم سكان فلسطين الثابتين عبر الزمن، والقانون الدولي واضح وقاطع بأن الوطن يعود إلى أهله الذين عاشوا فيه دون انقطاع على امتداد التاريخ. يحاول اليهود بالمكابرة تسويغ الاستيطان اليهودي غير الشرعي في القدس العربية، بقولهم إن اليهود بنوا في القدس قبل ثلاثة آلاف عام، وأن ذلك يعطيهم الحق في البناء اليوم. لقد قفز المحتلون عن أكثر من ألفي عام من عدم وجود أي يهودي في القدس وسائر فلسطين، بعد أن نفى البابليون ما كان لهم من وجود قبلي قصير متقطع، في بعض أجزاء فلسطين. وعندما جاءت الفتوحات العربية الإسلامية في عهد الخليفة الراشدي العادل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، قبل أربعة عشر قرناً، لم يكن لليهود في فلسطين أي وجود على الإطلاق. ورغم ما دأب اليهود منذ احتلالهم للقدس الشرقية عام 1967 عليه من حفريات أثرية منهجية تحت كل شبر من مدينة القدس المسوّرة، وتحت إشراف كبار علماء الآثار لديهم، وبالأخص في محيط المسجد الأقصى المبارك وتحته إلى أعماق بعيدة، لم يجدوا أثراً يهودياً واحداً، وباعتراف كبار علماء الآثار لديهم. كما فشل المستشرقون التوراتيون الذين وفدوا قبلهم في إيجاد أي أثر يثبت خرافاتهم التوراتية. مدينة القدس القديمة كنز أثري عزّ نظيره في العالم. إنه يحتضن في بقعة صغيرة لا تتعدى الكيلومتر المربع الواحد، آثاراً كنعانية ورومانية وعربية إسلامية بينها قصور أموية وآثار عبّاسية وفاطمية وإخشيدية وأيوبية ومملوكية وعثمانية. فأين هي الآثار اليهودية التي يدّعون؟ لقد اعترف كبار علمائهم بانتفاء أي وجود لها على الإطلاق. نعيش اليوم في عالم يفترض أن يسوده ميثاق الأمم المتحدة، في أعقاب حربين كونيتين مدمرتين أزهقتا أرواح عشرات الملايين من البشر. هذا الميثاق الذي ينص على احترام السلام والسلامة الإقليمية لجميع الدول الأعضاء، ويمنع العدوان. ولقد صدرت عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن عشرات القرارات التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، منها القرار 181 الذي ينص على إنشاء دولة فلسطينية على ثلاثة أرباع فلسطين الخضراء التي تشمل الجليل الغربي والضفة الغربية جميعها ومعظم القدس الكبرى مع امتداد عبر باب الواد يربطها بسهول فلسطين في اللد والرملة، بالإضافة إلى قطاع غزة حتى ما بعد عسقلان. لقد اغتنم اليهود مناسبة رفض قرار تقسيم فلسطين عام 1948 فاحتلوا 78% من مساحة فلسطين، وأتبعوها بعدوان 1967 الذين أكملوا فيه احتلال فلسطين، كما شردوا معظم أهلها. وقد صدر القرار 194 الذي ينص على حق اللاجئين غير القابل للتصرف بالعودة إلى ديارهم، والتعويض لمن لا يرغب في العودة. وفي أعقاب حرب 1967 أصدر مجلس الأمن قراره رقم 242 بوجوب انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بالقوة، بما في ذلك القدس الشرقية. ولكن العالم يعرف أن إسرائيل ترفض حتى يومنا هذا الانصياع لجميع القرارات والمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 التي تمنع منعاً قاطعاً انتقال أي مواطن من مواطني سلطة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة أو الاستيطان فيها، كما يحافظ على حقوق الشعب الذي يقع ضحية الاحتلال. صاحب السمو الملكي ....الحضور الكريم يرتبط الأردن ارتباطاً عضوياً بالقدس أرضاً وشعباً وتراثاً، عززه أداؤه المميز في حرب 1948، وما أمكن للأردن إنقاذه من فلسطين ومدينة القدس التاريخية، وهي القدس التي يعدّها العالم أرضاً محتلة، كسائر أراضي الضفة الغربية. وعلى الرغم من الاحتلال الجاثم على مدينة القدس وأكنافها، على امتداد نيّفٍ وأربعين عاماً، فقد ظل للأردن دور أساسي في حماية الأماكن المقدّسة، وهو دور ظل يمارسه عن طريق وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإصرار رغم جميع الصعاب. ولقد حذَّر جلالة الملك عبدالله الثاني إسرائيل من مغبة الاستمرار في الإعتداء على حرمة الحرم القدسي الشريف، منذراً بأن جميع الاحتمالات مفتوحة، وأنه إذا كانت الاعتداءات السابقة قد أدَّت إلى انتفاضة فلسطينية، فإن أي اعتداء قادم سوف تواجهه انتفاضة كبرى، وعلى إسرائيل أن تحمل هذا التهديد محمل الجد. لقد قامت الجامعة الأردنية ومنذ بداية تأسيسها على رسالة تمكين الإنسان، وصناعة المستقبل وإشاعة الأمل وتنمية الوعي، وخلال عقودها المديدة كانت ملتصقة بهموم العروبة وبقضية العرب الأولى "فلسطين" . وفي تاريخها الطويل عناية متصلة ومستمرة بطلبة فلسطين الحبيبة، وجهود علمية وعناية بالذاكرة الوطنية الفلسطينية، تعيد نسج الصلات الأولى التي مدها شريف العرب الحسين بن علي يوم بدأ إعماره للأقصى واستمر نهجه مع نجله الملك المؤسس والراحل الكبير الحسين بن طلال ويتجدد كل فجر مع الملك المعزز عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه. وانطلاقا من تاريخ مديد، وزمن أردني فلسطيني مشترك، يتقاسم الفرح والحزن والخبز والملح والعذابات، وعمد بدماء الأردنيين في باب الواد واللطرون والشيخ جراح، تعيد الجامعة الأردنية خطوط التاريخ من جديد، وتكتب في دفتر الزمن الراهن أنها منذورة لدعم الطالب المقدسي بخاصة، والطالب الفلسطيني بعامة، بالإضافة لدعم الباحثين في الجامعات الفلسطينية من خلال الصندوق الذي تم إنشاؤه العام 1994 وما زال مستمرا حتى يومنا هذا. وقد عملت الجامعة على إنشاء مركز دراسات القدس العام 2009 ، بشراكة مع مؤسسة فلسطين الدولية، ولطالما آمنت الجامعة الأردنية بضرورة تكريس دور العلم والتعليم في إذكاء الذاكرة التاريخية في نفوس وأذهان الأجيال من الطلبة لتبقى القدس حيّة في صدورهم، فاعتمدت مادة عن القدس تدرَّس لطلبة الجامعة كدليل على وعي الجامعة بأهمية إعداد الطلبة وتعريفهم بالتاريخ الحقيقي للقضية الفلسطينية، وتأهيلهم معرفيا للدفاع عن إرثها وحضارتها وصون مستقبلها ومستقبل أجيالها. كما خصصت الجامعة جائزة بقيمة عشرة الاف دينارلافضل رسالة دكتوراه عن القدس تمنح كل سنتين كما تعمل الجامعة عبر مركز الوثائق والمخطوطات ولجنة تاريخ بلاد الشام على نشر دفاتر القدس والإهتمام بتاريخها، وأملنا كبير بالباحثين الشباب الابقاء على هذا الاهتمام. صاحب السمو ....الحضور الكريم إن الجامعة الأردنية وسيْرا على نهج الهاشميين وموقفهم الثابت والأصيل في وصايتهم الشرعية على المقدسات الدينية في القدس لتؤكد استمرار وقوفها علميا ومعرفيا وأكاديميا إلى جانب الإخوة الفلسطينيين، ودعمهم وهم يرزحون تحت نير الاحتلال وظلمه الغاشم. بل إن الجامعة لن تدخر وسيلة ولا جهدا في دعم صمود الأهل في القدس ماديا ومعنويا وأكاديميا، وترسيخ مكانتها في القلوب لتبقى هي القضية الحية أمام مخططات تهويدها، لتبقى القدس عاصمة الأمة في الثقافة والأدب والفكر والتاريخ. ختاما أعاود الترحيب بكم جميعا واشكر اللجنة التحضيرية للمؤتمر على ما بذلته من جهود كبيرة في الإعداد والتحضير له كما اشكر الداعمين له واتمنى لضيوف المؤتمر طيب الإقامة في الأردن وسلامة العودة الى بلدانهم. أدام الله الاردن واحة أمن وأمان في ضل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)