TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
قف مكانك ... وتأمّل ( مرّة تلو المرّة )
28/12/2017 - 2:00pm

بقلم الدكتور سلامه يوسف طناش
أستاذ التعليم العالي في الجامعة الأردنية

يـدّعي الكثيرون بأنهم علماء،لا بل خبراء فيشؤون التعليم،و شؤون التعليم العالي وما يتبعهما، وأنهم يمتلكون القدرة على رؤية المستقبل، ومحاكاة العالَم في أموره وقضاياه. وهم في الواقعـ وللأسف ـ لم يقوموا بدراسة علمية أو لم يقرأوا مقالة في كتاب متخصص،لا بل لم يلحظوا عِلما في مجلة موثوقة عن التعليم أو التعليم العالي وجودته. وهم عندما يطلب منهم أن يتحدثوا في شؤونه يسعون لتكليف غيرهم بذلك. لعلمهم بأنهم غير قادرين على فهم ما يطلب منهم، أو حتى كيفية البحث في ثنايا المعرفة للوصول إلى موضع يمكنهم من طرح خبرات الأخرين في شأن يفترض فيهم أن يطرحوا هم خبراتهم فيه، ( إن وجدت).

إنّ إشكالية إدعاءالمعرفة تسقط في أوّل رؤية حقيقية للفرد على مسرح الواقع، وفي موضع تكتنز فيه حكمة المثقفين. إذ ينكشف ما خلف الستارة ومنذ المشهد الأول. فالجمهور الأردني وبكل تأكيد قد ارتقى بوعيه ومستواه الثقافي وذوقه الفني. فلم يعد ذلك الجمهور الذي يصفق لكل ما هو بهيٌّ، أوطلي. لقد اكتسب هذا الجمهور من ثقافاتٍ متعددة بتعدد الدروس وتنوعها، وتشكُّل المشارب وتفرعها، وتأصل الخبرات الرصينة وشموخ حكمتها. فخرج بها شامخا قويا بنكهة الأرض. وأدرك بأن كل ما يمكن أن يكون جميلا لم يعد كذلك، وأن الحكمةَ تكمنُ في العمل المُخلصِ لوجه الله والوطن. وأنَّ كل ما يبدو بهيـّا ليس بالضرورة هو لعيون الوطن. لذا فإننا نجد المتملقين والمنافقين والضعفاء يستعطون بعضهم بعضا. وبدا لنا ما بدا من أفراد هنا وهناك يُنَظّرون في شؤون العامة ويخططون لشؤونهم الخاصة. فها هم يروغون في قضايا ليست قضاياهم، ويصدرون أحكاما ليست من شأنِهم، ويجلسون على مقاعد ليست من حجمهم،وليس لهم فيها شأنٌ أو دراية.

لقد نسوا إبن خلدون ومقدمته في التاريخ، وما أكده على أهمية الإدارة، ودورها في تطور المجتمع أو تخلفه. فهل إدارة التعليم والتعليم العالي وما يلف حوله شأن شخصي؟ وهل رسم سياساته أمر فردي؟إذا كان الأمر كذلكفإن إدارةالتعليم والإدارة الجامعية وما يرتبط بهما والفوضى المُنظَّميَّة هي هُنـا أمر حتمي.وهي تعنى لمن لا يعرف، بأن الإداري ( وليس القائد ) عندما تَغيبُ لديه الرؤيا المؤسسية، أو لا يعرف لها نكهةً أو لا يدرك لها معنىً، فإن الأهداف تكون لديه الحانا متقطعة غير واضحة وغير محددة. إذ السجع فيها والطباق هما الأصل، وليس المعنى أو المضمون. مما ينتج عنه عدم القدرة على وضع الإجراءات الصحيحة ومتابعتها بحزم وجدية. ويترتب على ذلك كلِّه اتخاذ قرارات يجانبها الصواب، ويصبح العاملون في المؤسسة يعانون من عمى الإدارة. وفي غياب الخصائص الشخصية والإدارية والفنيةفإن أي شخص يمكن له أن يدير أية مؤسسة تعليمية أو أي مؤسسة لها علاقة بالتعليم العالي مهما كبرت أو صغرت. إن الإشكالية ليس في إدارتها، فقد يفعلها. ولكن الإشكالية وللأسف هو ما ستؤول إليه المؤسسة بعد يضع سنين. إذ يقال بأن النتائج ستكون سيئة ليس على المؤسسة فحسب، بل على المجتمع كله، وعلى نظامه الإجتماعي.وكثيرا ما يقال لا يصلح العطار ما أفسد الدهر.
لذا، فقد تبدو الإدارات في مجملها مغلقة بدوائر متراصة من النفاق والكذب والدهلزة ووفق نظم التروس. ولا يجوز لك بأي شكل من الأشكال أن تخترقها مهما أوتيت من العلم وحسن الخلق، وطيب الشيم، وعزة الانتماء وصدق الولاء. فالكل علماء في مجال علمك، فكلهم علماء في الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، وعلوم اللغة، والفلسفة، والطب، والفلك، وعلم تصنيف الجامعات والجودة...........ويتحدثون في علم التنجيم كذلك،وإدارة التعليموالجامعات، والكليات الجامعية، وتحديات التعليم والتعليم العالي في( هنولولو) وليس في الأردن. هم محقون في تصوراتهم فهم يحلمون فيها، وينافقون عليها، وعندما تراهم في التلفاز تبتسم، وتدرك شكل طفولتهم العلمية وما يمتلكون من معارف تعكس طبيعة سلوكياتهم، وتقول هل يعقل أن يكونوا قادة لمؤسسات تقود المجتمع وترسم مستقبله؟ إذ هم يقولون بأنهم يضعون من يريدون في المواقع الفلانية والعلانية، وما عليك إلا أن تتبع خُطاهم. فهم يرسمون الطرق ويعبدونها ويزرعونها بالورود أو بالشوك. قف مكانك .... وتأمل، وما عليك إلا أن تختار. لقد أصبح الكذب مجاملة، والنفاق مفضلة، وحتى ولو على حساب أو مصلحة الوطن.
أنْ تقول الحقيقة لهم مهما كانت،وكما هي، فهذا جلف ولاتمتلك القدرة على المجاملة. أنْ تكون صارما وجادا في وقت الشدة واللطِّة فهذه قسوة وصلف.أن تدافع عن وطنك في وجه الحاقدين الكاذبين وأنت الكبير فهذه مخاطرة. يقولون لك دعك من هذا وذاك، واترك الأمر لمن هم في مقدمة السفينة مالك وما لهم، وكأنّك بعيدٌ عن الوطن قلبا وقالبا. ويستكثرون عليك المجداف الصغيرالذي تلاطم به الدوامة. فهم لا يدعون مجدافك أن يكبرمهما كبر وجدانك وقلبك ووعيك. فالوطن قلبك ودمك ونبض احساسك لا يخبو أو يضمر، وولاءُك لقيادتك أمر لا يحتمل النقاش، فهو حتمي.
وأخيراً،هل المجتمع يعمل للأفراد؟ أم أنّ الأفراد يفنون بعملهم لمجتمعهم؟ هل المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة الوطنية؟ أم أن المصلحة الوطنية ترقى على المصلحة الشخصية؟ الإجابة معروفة لكل فرد. ولكن أين منهم ومنا ومنها. فدائرة الصمت تكبر، فمن سيخرج منها!!؟

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)