TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
في رحيل الأسد
24/05/2015 - 6:30pm

طلبة نيوز-
وها هو علامة العصر وأستاذ الأساتيذ ناصر الدين الأسد يرحل عنا في وقت تكاد تكون فيه لغة الضاد أحوج ما تكون فيه إليه ، وها هي ذي صاحبة الجلالة تندبه اليوم وكل يوم ،وقد عز نظيره في زمن تشكو فيه ما ألم بها من ظلم ذوي القربى ،ومن عسف الغربة والتغريب .كيف لا وقد كان بين ظهرانينا يضمد كلومها و يؤنس وحشتها و يحفظ لها قرارها ووقارها ،كيف لا وهو من بقية السلف الصالح الذين باهت بهم وباهوا بها.
عرفناه حينما كنا في ميعة الصبا ندرج في مدارج الجامعة الأردنية، التي أسسها، طلابا
شادنين في الثمانينيات(وهكذا كان يريدها بحكم انها الأصوب )من القرن المنصرم ، وكان اسمه وما يزال وسيبقى مجلجلا يثير فينا الكوامن ، ويشحذ الطموح ،
كنا حين نراه جائلا في دروب الجامعة وأروقتها، متفقدا احوالها ،مطمئنا عن أبنائه من طلابها تشرئب أعناقنا صوبه ،لا نحرك طرفا ،نقبس من محياه البهي،
ومن طلعته الباسقة التي تفيض هيبة ووقارا،ونطرق السمع نحوصوته الجهير الذي يملأ السمع فصاحة
والأذن بيانا،وقد كان ممن يملؤون العين والاذن، وكم كنا تترقب ندوة أو محاضرة يكون فيها محاورا أو متحدثا حتى نشنف آذاننا ببلاغة بيانه، ونجلو سمعنا بحلو الفاظه وبلاغة معانيه .تستمع إليه فتجذبك رصانة لغته ويستهويك
ندى صوته الشجي، وكأنه قادم من عصر زهير وطرفة أو ابي الطيب، وقد كنا
لا نحسب للوقت حسابا ونحن ننصت إليه،وكأن على رؤوسنا الطير،
و لا أبالغ البتة، إذا قلت بأننا كنا نراقب الوقت لا ليمضي،وإنما ليتوقف،حرصا منا على ألا تضيع تلك اللحظات التي لم تمر إلا بعد ان بصمت بصماتها في الذاكرة .
وأخر ما أعلل النفس به هو صدى صوته الشجي العذب الذي سيبقى ماثلا في الذاكرة،وهو يلقي على طلاب
الدكتوراة علمه ، في مكتبه الذي يعلو مكتبي،حيث كان لي شرف زمالته في قسم اللغة العربية في جامعتنا الاردنية ،وقد كنت أدرس طلاب الدكتوراة
أيضا،فكنت أحيانا أتوقف عن الحديث لطلابي كي التقط بعضا من عباراته الآبدة
كي أختزنها في الذاكرة لمثل هذا اليوم وغيره من قابل الايام، كيف لا وإذا تحدث ناصر
فرض الصمت على الجميع ،بل ران عليهم،وإن أقواله وعباراته لأوابد شوارد، وتوقيعات تغني العبارة منها عن
سطور، وتختصر صفحات.
رحمك الله يا أبا بشر وآجرك عن العلم وأهله، وأفسح لك في مستقر رحمته.
الأستاذ الدكتور جهاد المجالي
الجامعة الأردنية

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)