TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عن أمي وأمهاتكم في عيدهن
21/03/2017 - 3:45am

طلبة نيوز-

د.مهند مبيضين

لا أظن أن الأعياد كافية لتتويج الصبر والشكر، الأمهات وحدهن من لا ينتظرن ذلك من أحد، بيد أنها هي الأم تظل تعمل وتقدم كل شيء وترانا صغاراً مهما كبرنا، وتظل في ذاكرتنا رائحة الحب المعتق على صدرها، والحنان والحضن والشغف بعودتنا وانتظارنا مهما ابتعدنا.

الأمهات رسالة الله الباقية في الأرض لأجل الديمومة والبقاء، لذلك اعتبرت الصالحة منهن احد أبواب الجنة في السماء، ولكن طبيعة الحياة لا تمنح الأم عندنا صيرورة راحة او هدوء ممكن البقاء، ثمة ما يستدعي تدخلها واشرافها في كل شيء، وثمة ما يجعلها مسؤولة عن كل اخفاق أمام سلطة الأب الطاغية، زمان كانت الأم في تعب مستمر، تربية واشراف وعمل وتنظيف وخبيز وحلب الماعز وخضيض، تلك حياة أمي كما كثيرات من جيلها.

برغم ضعف الأم إلا أنها تظل قوية، وتبقى ملازمة للترقب والخوف علينا، برغم قمعها واستسلامها احياناً للمؤقت من الظروف، لكنها هي كل انتصارات عمرنا وهي حصيلة كل نجاحاتنا، وهي المنتظر لنا على أبواب الدار وشبابيكها كي لا تسأل في اليوم التالي عن أسباب غيابنا غير المعلن للأب.

كانت أمي ولا زالت طيلة حياتها، وجهاً من الصبر والحب والحنان، ككل الأمهات الطيبات القانعات بالرضا والحياة البسيطة، هي من جيل النساء القرويات اللواتي وردن الماء، ومارسن التحطيب، وتعبن كثيرا في ليالي الشتاء البارد أوالقيظ الحار، ولدت أكثر من أحد عشر بطنا كما يقال، عاش ثمانية، ومات الآخرون بفعل المرض وأكثر حسراتها وفاة اختي هدى التي ماتت بعد ستة أشهر؛ لأن أبي كان في الجيش ولم يعد أثناء احداث أيلول، فلم تجد من يأخذها للطبيب، فقد كان الانتظار للجندي في تلك الأيام بين الموت أو العودة ولو بعد حين.

الجارات حول أمي من نساء القرية، ظروفهن متشابهات، وحين اكتب عن الأمهات فأنا اختصرهن بأمي منوة، أحب العودة الممكنة معها إلى كل الأزمان، إلى صباحات المدرسة الأولى، وإلى رحلاتها التي كانت تعد لنا فيها كل ما يمكن من زاد وقالب الكيك الجميل الذي لا زالت رائحته تحضر كلما رأيت الكيك.

لا أذكر أن أمي جلست معنا على الطعام منذ أول لقمة، غالباً الأمهات يؤخرن الحضور ولا يجلسن ويشغلن انفسهن بالمطبخ، كأنها حجة لتوفير الطعام للزوج والأولاد، والسعادة قليلة جداً.

وتظل أمي منوة، جميلة هانئة، اكتب لها اليوم على غير عادة، فالأعياد مع يقيني أنها مجرد زيف، إلا أن البعد عنها هو ما يلح بالكتابة، وأمي يفرحها القليل وتظل تدعو للأبناء مهما استطال عمرهم وتحسنت معيشتهم بالرضا وكفايتهم أشرار الخلق والرزق الحلال، فسلام على امهاتكم جميعا وعلى امي منوة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)