TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عندما تكون مختلفا
04/11/2016 - 1:30pm

عندما تكون مختلفا
د. فاطمه العليمات

في المشهد الإنساني معظم الناس يتشابهون في صفاتهم وفي أفعالهم، وفي أحاسيسهم ومشاعرهم، وفي ثقافتهم وفكرهم، ويتشابهون في وطنيتهم وقوميتهم، وكثير منهم يتحدث في أمور شتى ويظن أنه متحدّث خبير، وحديثه حديث البلهاء، ومنهم من يحاور ويجادل وحواره حوار الطرشان، ومنهم من يتكلم عن الفكر والثقافة وهو كالبالون المنفوخ، ومنهم من يخوض في الرجولة والكرامة وهو ممسوخ وجبان، ومنهم من يتنطع بالصدق والأمانة والشفافية والنزاهة وهو عرّاب الكذب والغدروالخيانة والخسة والنذالة، ومنهم من يتغنى بالوطنية والقومية وهو كالحرباء يتلون بألوان مصالحه وحاجاته ويميل حيث تميل الريح.
إن هؤلاء في حقيقتهم فارغون من كل شيء. يمرّون بنا أو نمرّ بهم في أفضل الأحوال مرور الكرام، وهم لا يلفتون انتباهنا ولا يتركون أدنى أثر في حياتنا.
أما المختلف عن هؤلاء فإننا نقف إجلالا وإكبارا لاختلافه، ونرفع قبعاتنا وننحني لوقاره، وننهض نستلهم من بعض حضوره، ثم نعود أدراجنا وأعناقنا مطوقة بنفحات إنسانيته لنعبر طريق حياتنا على وقع خطواته؛ فهو كثير وهم قليلون، وهو كبير وهم صغار، وهو أنموذج يحتذى وهم نقطة سوداء، وهو مثال يستشهد به وهم ممن يستعاذ منهم عند ذكرهم، وهو مدرسة وهم حانات، وهو ممن يقال فيه: إن ما تتعلمه من المختلف في يوم لا تتعلمه من المتشابهين في دهر.
فطوبى للمختلفين الإيجابيين، ثمرة النفوس الطيبة الصادقة، النفوس المخلصة الطموحة، النفوس الجديرة أن يقال عنها: إن مرورها بحياتنا لم يكن مرورا عابرا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)