TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
علماء برسم البطالة
05/03/2017 - 8:30am

طلبة نيوز- أ.د . سيف الدين الفقراء/جامعة مؤتة

صادفني في إحدى ضواحي عمّان أستاذ علم عالم كبير كان يعمل في الجامعة الأردنيّة, يسير على قدميه برشاقة في نشاط رياضي, فسألته عن أخباره فاختصر الإجابة بقوله : أستاذ قاعد متقاعد, فأدركت حجم المرارة في أنفاسه وعينيه, وقد نفته الجامعات وقوانينها وأنظمتها خارج أسوار حديقة عطائه وإبداعه, وفي مشهد مقابل التقيت العالم العلم محمود فهمي حجازي وهو من هو في حقل الدراسات اللغويّة, وقد جاوز عمره الثمانين حولاً ونيفاً في ضيافة جامعة الملك عبدالعزيز بن سعود وسألته عن عنوانه فقال : جامعة القاهرة , فهو ما زال على ملاك الجامعة ومعه طائفة من الأساتذة الكبار علماً وسناً, فهكذا تقدّر الجامعات علماءها, وهكذا تحترم الدولة أداوات نهضتها وتقدمها. 
في الأردن ما أن يبلغ الأستاذ الجامعي وهو العالم المتخصص الذي بلغ ذروة عطائه , وقدّم لوطنه ما لم يقّدمه سادة الفساد من الوزراء والمسؤولين؛ سنّ السبعين حتى تنبذه الجامعة خارج أسوارها, فثمة شواهد لا حصر لها أتذكر منها ( مع حفظ الألقاب) عيد الدحيات, و خالد الكركي, ومحمد شاهين, وهمام غصيب, وعبدالمجيد نصير, وإسحق الفرحان, وسمير استيتية, وعلي الحمد, وإبراهيم السعافين, ونهاد الموسى, وعبدالكريم خليفة, ويوسف بكار, وعبدالكريم غرايبة, وعودة أبو عودة, وحسين عطوان, وجعفر عبابنة, وعبدالكريم مجاهد. وغيرهم الكثير ممن لا أتذكرهم, أصبحوا خارج الجامعات وهم ما يزالون في قمة عطائهم ونشاطهم.
ومن المفارقة أنّ هؤلاء الذين تنبذهم الجامعة بفضل الأنظمة المعمول بها ينتقلون أو بعضهم إلى مراكز عمل أخرى, أو إلى جامعات لا تخضع لقوانيننا فيستمرّ عطاؤهم وتألقهم لسنوات, وتحظى الجامعات التي انتقلوا إليها بسمعة علمية عالية, وتخسر الجامعات الأمّ هذه الأسماء من معايير تقييمها. وفي مفارقة أصعب وأكثر مرارة نجد طائفة من ذوي الشأن والحظوة في الفساد تجاوزوا سن الثمانين وما زالوا يتقلبون في المناصب والوزارات, والشركات, وعضوية مجالس الإدارات في دولتنا الحبيبة, وليس لهم من الإنجاز إلاّ ما تسودّ به الوجوه, فكم من رئيس وزراء أو نائب له, وكم من وزير, وكم من أمين عمّان, ورئيس مجلس إدارة, وكم من رئيس جامعة, وكم من محامٍ , وكم من طبيبٍ, تجاوزا سنّ السبعين واستمروا في عملهم,أمّا عضو هيئة التّدريس فيعامل كعاجز مع بلوغه سنّ السبعين ويطرد خارج الجامعة! 
الأمم لا تنهض إلا بعلمائها, وتقدمها مرهون بما يقدمه هؤلاء العلماء إسهاماً في الحضارة الإنسانية, وتكريم الأمم لعلمائها دليل على تحضرها وقيّها؛ فما أحوجنا إلى آلية في قانون الجامعات الجديد الذي يطبخ في أروقة الحكومة للإفادة من هذه القامات العلميّة, وتفعيل صلتها بالجامعات, وتوطين هذه الكفاءات لرفع سوية الجامعات والبحث العلمي, وتحقيق تقدّم ملموس على التصنيفات العالمية للجامعات, ومعاملة علمائنا كما يعامل العلماء في الجامعات العالمية والإقليمية مثل جمهورية مصر العربيّة.
وما الذي يضير الدولة الأردنيّة؛ وهي التي تنوء بالتهرب الجمركي والضريبي, ومثقلة بالإعفاءات في الرسوم مثل الجسيم وإخوانه, أن تكرّم هذه القامات العلميّة عند انتهاء الخدمة ولو بإعفاء جمركيّ واحد, أو تقديم رعاية طبيّة مناسبة لهم, أو تقرّ آلية لاحترامهم وتقدير عطائهم, وإبقاء مكاتبهم مفتوحة في جامعاته لطلبة العلم, وهم من الذين لم تتطاول أياديهم على غير بقايا رواتبهم. 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)