TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عذراً نبينا
30/11/2017 - 4:30pm

نحبك ولا نعمل بهديك , نحبك ويكره بعضنا بعضاً , ويقتّل بعضنا بعضاً , رغم اننا نعلم جيداً ان الامتثال لما امرتنا به هو طريقنا للفلاح والنجاح , وان الحق يقول لنا ( وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا ) يا من منحتنا بهديك سبل الرشاد واخرجتنا من الظلمات الى النور , ووضعت بين ايدينا شرع ودستور لو تمسكنا به وطبقناه منهجاً وسلوك , لما آلت اليه امورنا الى ما نحن فيه من تشرذم وهوان وانقسام وتخاذل .
تركنا هديك , ولهثنا وراء اهوائنا , كل يسير على هواه ويتبع ما يحقق له مبتغاه , بدون مراعاة ولا احترام لما امرتنا به ونهيتنا عنه . جاءت رسالتك لتقضي على سائر ألوان الانحراف الموجود في الحياة البشرية بكل اشكالها ، وتركت لنا دستوراً وميزاناً معتدلاً نرجع إليه ، ونهتدي به لتحقيق هذه الغاية ألا وهو القرآن الكريم , ولكننا يا نبينا نمارس الان كل الوان واشكال الانحراف سواء منه الاخلاقي والفكري والديني , باتت الغاية تبرر الوسيلة , وباتت الافكار المتطرفة تنتشر بين ظهرانيننا كما تنتشر النار في الهشيم .
جاءت شريعتك لتنهى عن الغش والظلم والكبر والخداع والكذب والفحشاء وقطيعة الرحم، وغير ذلك الكثير, وهذا ما جعلها شريعة شاملة لأصول الحياة البشرية التي لا تتبدل . ولكننا بتنا نتجرد من قيمنا وثوابتنا لنتماهى مع ما فرضته علينا متطلبات العالم الجديد حتى بتنا بلا هوية , اصبحنا تبعاً لاهواء وسياسات غيرنا , تحت شعار ما يسمى بالعولمة والتطور .
جاءت رسالتك بمبدأ المساواة التي لا يميز فيها أحداَ عن أحد ، ولا يُجعل الناس فيها طبقة دون طبقة ، بل جميعهم سواسية أمام أحكام الشريعة ؛ فكان العدل المطلق أهم سمات ديننا . اما الان فقد عدنا لعهد الجاهلية والذيْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فقد استشرى الظلم وبات البقاء للاقوى والمنفعة فوق كل شئ .
ماذا نقول بعد يا رسولنا فحالنا مخجل ووضعنا مؤلم , لقد تحقق فينا حديثك الشريف " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا ، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ " .
صدقت يا رسول الله فهذه هي حالنا فقد جاوزنا المليار , ولكن بلا تأثير او قدرة على تحديد المصير ’ تشغلنا الدنيا بزخرفها , همنا الكراسي والمتعة , تحكمنا المنفعة والشخصنة والانانية والجهوية والفئوية والتعصب والطائفية والقبلية . نعم عدنا لعهد الجاهلية لاننا ابتعدنا عن شريعتنا السمحة والتي لو تمسكنا بها لن نظل ابداً , فعذراً نبينا لتخاذلنا , واملنا بالله كبير بأن يتحقق الوعد ويعود لهذه الامة رشدها ومجدها . ونسأل الله ان يسود الامن والامان في كل مكان , وكل عام وامتنا بأحسن حال .
د. نزار شموط
صورة 1

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)