TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
سرقة البنوك والتعاطف الشعبي
25/01/2018 - 1:15pm

بقلم د. محمد عطالله سالم الخليفات
شهدت مدينة عمان في حادثة سابقة وعلى مدار يومين متتالين 23-24/ 1/ 2018م سرقة بنكين (يمكن تصنيفهما من الدرجة الثانية)، وبالرغم من الاتجاه السائد لدى المجتمع الأردني عامة في نبذ السرقة والنظرة المشينة للسارق باعتبارها من السلوكيات المحرمة شرعاً وغير المرغوب فيها اجتماعياً، إلا أن هاتين السرقتين لقيتا بعض التعاطف والأمنيات للسارقين بالتوفيق، لا بل أن هناك من انهال بالدعوات الصادقة للسارقين بالإفلات من قبضة العدلة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن هناك خطب ما دفع بالناس للتعبير عن تلك المواقف الغريبة التي لا يقبلها عقل؛ وهي تأييد السارق. فما هي دوافع ذلك التعاطف.
في الواقع إن المتفحص للظروف التي حدثت فيها السرقات يجد أنها جاءت في ظل حالة من اليأس والامتعاض الشديد التي يعيشها الشارع الأردني نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة وخاصة رفع الدعم عن الخبز وفرض الضريبة المرتفعة على معظم السلع الأساسية التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها، هذا ناهيك عن تقنين الحكومة في تحديد الجهات المستفيدة من الدعم، علاوة على تدني قيمة الدعم مقارنة مع الرفع الذي طال أسعار السلع. من هنا فإن هناك من نظر للسرقات التي طالت البنوك، وبصفة خاصة من فئات الطبقة المعدمة واليائسة (المسخمطة) التي تنكر الحكومة وجودها، بأنها جاءت كرد فعل عشوائي على تصرفات الحكومة التي اتخذت من جيب المواطن وسيلة لسد عجزها عن تأمين موارد تستقيم بها خزينة الدولة وموازنتها.
من جهة أخرى، هناك من اعتقد جهلاً بأن السرقات ما دامت قد تمت بعيداً عن جيب المواطن الفقير، وتوجهت لأصحاب رؤوس الأموال، فإن ذلك مدعاة لعدم المبالاة وتناقل الخبر بشيء من الاستهزاء من باب التسلية لا أكثر، والتفريغ عن بعض المكنونات التي يكتنفها الخوف من المستقبل ومن الرفع المتكرر للأسعار.
أما عن مواجهة الجهات الأمنية ذلك التعاطف بالحدية والتهديد بملاحقة كل من تعاطف شعورياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مع السارقين، فإنه بلا شك رد فعل مبالغ فيه، وذلك أن المواطن الأردني مهما بلغ من تهميش، ومهما ساءت أحواله الاقتصادية فإنه لن يتخلى عن مبادئه السمحة ومواطنته النبيلة، بحيث أنه إذا ما علم موضع ذلك السارق، فإنه قد يسابق الجهات الأمنية للقبض عليه وتقديمه للعدالة، ولنا في أحداث قلعة الكرك خير دليل.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)