TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
زيادة استقلالية الجامعات في ظل غياب أسس سليمة لاختيار رؤسائها يعني تدميرا لها
20/04/2017 - 5:00am

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة
صرح وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي غير ذي مرة بأن مشروع قانون الجامعات ومنظومة تشريعات التعليم العالي المزمع عرضها على السلطة التشريعية يتيح للجامعات الأردنية مزيدا الاستقلالية وحرية التصرف بشؤونها من خلال تعظيم الصلاحيات التي تتمتع بها مجالس أمناء الجامعات. وفي الوقت الذي نتفق من حيث المبدأ مع الوزير الطويسي في أن الجامعات الرسمية عبارة عن مؤسسات عامة تتمتع بالشخصية الاعتبارية التي يترتب عليها استقلال مالي وإداري ، وأن هذه الاستقلالية ضرورية ولازمة للتعاطي مع العمل الأكاديمي والجامعي فإن منح مزيد من الاستقلالية لهذه الجامعات لن يعطي أكله وثماره المتوخاة في ظل الإعتبارات والأسس الحالية التي يتم على ضوئها اختيار رؤساء وأعضاء مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات.
ومن مراجعتنا للقوائم العديدة لرؤساء مجالس أمناء الجامعات لم نتمكن من الوصول وبشكل منتظم وموضوعي (Systematic) لقواسم مشتركة تفصح عن أي معايير للكفاءة والجدارة تم اعتمادها في تشكيل هذه المجالس.والدليل على ذلك ما وصلت إليه هذا الجامعات من تراجع في أدائها ،وضعف في قياداتها ،وانشغال إداراتها بامور وقضايا هامشية وجانبية ليس لها علاقة لا بالعمل الأكاديمي ولا بمجمل التعليم الجامعي التي وجدت من أجله. رؤساء مجالس الأمناء في أحيان كثيرة يشكلون دروعا لحماية رؤساء الجامعات من قبل الجهات الرقابية الرسمية عندما تثار عليهم لغط وشبهات فساد أو عندما تنتاب جامعاتهم اختلالات أكاديمية وإدارية واضحة . بعض رؤساء مجالس الأمناء يرتبط بعلاقات وصلات شخصية مع رؤساء الجامعات ونوابهم ، مما يجعل من إمكانية الرقابة والمسائلة قضية مشكوك في فعاليتها ونجاعتها ، فكيف يمكن في ظل هكذا ظروف أن تسهم زيادة استقلالية الجامعات في تحسن العملية التعليمية والأكاديمية فيها؟
فكرة استقلالية الجامعات فكرة جميلة انبثقت أصلا من الجامعات الغربية حيث حرصت هذه الجامعات على أن تكون هذه المؤسسات الأكاديمية بمنأى عن التعقيدات البيروقراطية ومبدأ التسلسل الهرمي القاسي في المنظمات الحكومية التقليدية الذي تكون الكلمة الفصل فيه للمرتبة والشريحة الإدارية الأعلى، وحيث أن هذه التراتيبية الإدارية والسلطوية لا تتناسب مع الفلسفة التعلمية والأكاديمية التي تركز على المعرفة والحجة والإقناع (Knowledge, Evidence and Persuasion) . وهنا ينبغي القول بأن استقلالية الجامعات لم ولن تعطي أكلها إلا ضمن بيئة إدارية وسياسية ملائمة تعمل على اختيار موضوعي للإدارات الجامعية ابتداء من رئيس وأعضاء مجالس الأمناء وانتهاءا بتعيين العمداء ورؤساء الأقسام .إن ما يلاحظه المتابع للشأن الجامعي وتحديدا في مجال حوكمة الجامعات يؤكد بأن المشكلة ليست في استقلالية الجامعات بقدر ما هي في كيفية اختيار المجالس والإدارات التي تمارس هذه الاستقلالية. لا نعلم كيف يمكن أن يتم إزاحة رؤساء جامعات أثبتوا بالتجربة أداءا عاليا لا لسبب إلا لعدم تلبيتهم طلبات شخصية لرؤساء مجالس أمناء جامعاتهم؟، كما لا نعلم لماذا ومن قبل من يتم الاصرار على تعيين نواب رئيس ممن دارت حولهم شبهات فساد مالي في الماضي؟. لا نعلم لماذا لا يحاسب رؤساء الجامعات من قبل مجالس الأمناء بسبب تجاوزاتهم في مجال التعيينات الإدارية والتفافهم على قرارات مجلس الوزراء بخصوص التعيينات الإدارية عن طريق ديوان الخدمة المدنية ؟ لا نعلم كيف ولماذا يستخدم رؤساء الجامعات "القيل والقال والتجسس" كنمط إداري مستحدث في جامعاتنا؟.والأخطر من هذا كله هو ما الذي تفعله مجالس الأمناء إزاء ما آلت إليه الأمور من انقسامات في الجسم الجامعي نتيجة لحالات الاستقطاب التي يمارسها رؤساء جامعات تم التنسيب بتعيينهم من رؤساء مجالس أمناء؟. وهنا نتساءل ما قيمة زيادة صلاحيات واستقلالية مجالس الأمناء إذا كان رؤساء وأعضاء هذه المجالس يتم اختيارهم على أسس كثيرة باستثاء الكفاءة والجدارة والرؤيا الثاقبة.
نعتقد أن زيادة استقلالية الجامعات ومنح مجالس أمنائها مزيدا من الصلاحيات لن يقدم كثيرا ولن يحسن من أداء معاهدنا التعليمية .من جانب آخر نعتقد بأن زيادة صلاحيات الجامعات ومجالسها المختلفة يمكن أن تعطي أثرا عكسيا بسبب إمكانية تمترس الجامعات خلف هذه الاستقلالية وازدياد الصعوبة في مسائلة القائمين على عليها من قبل مؤسسات الدولة الرقابية. أخيرا فإن إصلاح منظومة الجامعات يتطلب مزيدا من الموضوعية والإستقلالية في تعيين مجالس الجامعات وإداراتها بعيدا عن اعتبارات التنفيع الشخصي والتسحيج السياسي والتدخلات الأمنية . إصلاح الجامعات الأردنية يحتاج إلى زيادة في المسائلة والشفافية والمحاسبة ربما أكثر من زيادة الاستقلالية والصلاحيات .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)