طلبة نيوز- د.هند ابو الشعر

منذ أن بدأ ربيع العرب القلق وغير المزهر، بدأ  في الأردن مفصل جديد من مفاصل تاريخه، وهو ما يتلمسه الباحث في التاريخ قبل غيره من الناس، صحيح أننا لسنا دولة عظمى لا من حيث المساحة أو من حيث  الكثافة السكانية، ولسنا دولة نفطية، ولكن مخزوننا  المتراكم في التعليم والمنجز في قطاع الصحة، من أهم ثرواتنا  التي تنبني عليها منجزات هذا الزمن الأردني العظيم، وأسمح لنفسي بكلّ ثقة بأن أقول، إن لدينا مؤسسة  عسكرية ثابتة وعفيةّ ومنتمية، وإن عمر الجيش العربي يكاد يبلغ عمر الدولة، وقد تأسس على قواعد عروبية لم تتغيرّ، وإنّ كيان الأردن ارتبط بأسس الثورة العربية الكبرى، وهنا مربط الفرس،  فعندما بدأت الزلازل تدك كيان العرب قبل أربعة أعوام، كانت المداميك التي قامت عليها الدولة الأردنية ثابتة، وبدلا من أن تمتد نيران الجوار إلينا، فتحنا قلوبنا ومدننا وقرانا لأهلنا من العرب الذين لاذوا بنا، تماما كما فعلنا عبر تاريخنا الممتد مع زمن التأسيس العام 1921 م، واتضح لنا أننا نعيش في وطن يحترم مكوناته، لذا فإن مقولة قائد الوطن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين تختصر كل هذا، عندما قال لكل أردني : “ ارفع رأسك فأنت أردني “ وارفع رأسك بعمانّ ، وهي دعوة لأردن هذا الزمن الجديد الذي يعيش مفصلا مشرفا في تاريخه، وربما كانت هذه الدعوة من الملك تعلن بداية عهد أردني يقوم على  دور أكبر للأردن في محيطه العربي والإقليمي والعالمي، وكلها متداخلة  وكلها تجعل الملك يقول لشعبه : “ ارفع رأسك فأنت أردني “ ، لثقته بأن الوطن يعيش مفصلا جديدا في زمن أردني يستحق فيه المواطن  أن يشعر بالكرامة والتميزّ، فماذا نريد أكثر من أن نرفع الرأس عاليا ..؟
أنا أحسّ بالفرح عندما أتذكر أننا كنا نرسل أبناءنا إلى كلّ ديار العالم لينالوا نصيبهم من التعليم العالي، في حين أن لدينا الآن آلاف الطلبة من أكثر من أربعين جنسية في جامعاتنا، وأشعر بالفخر عندما أذهب إلى مستشفيات وعيادات الأطباء في القطاع الخاص، لأجدها تغصّ بالمرضى العرب الذين يثقون بأطباء الأردن، وأحس بأن الأردن بألف خير عندما أدخل المدينة الطبية لأجدها تقدم خدمات فائقة وممتازة لكل أبناء الوطن من عسكريين ومدنيين، وللحق فقد تفوقت في السنوات العشر الأخيرة مؤسسات القطاع الحكومي الصحية، وباتت تنافس القطاع الخاص، فلماذا لا نرفع رؤوسنا عاليا، ونحن نتمتع بالأمن والأمان ..؟
الحق أقول لكم، إن من يتابع تاريخ الوطن ويرصد حركته، ومن يعرف كيف تكتب مفاصل التاريخ سيعرف أننا نعيش زمنا جديدا يستحق أن يجعلنا نرفع الرأس الأردنية بشموخ، وأن نستذكر جهود الروادّ في القيادة والجيش والتعليم وقطاع الصحة، فهم الذين أوصلونا إلى هذا الزمن الذي يمثل الأردن كله منذ البدايات مع تأسيس الإمارة، ومع كلّ الأهل من شتى المنابت والأصول ، نعم، هذا زمن أردني جديد، زمن الرأس المرفوعة مثل راياتنا التي تخفق فوق رؤوس نسور الجوّ ، أما من لا يريد أن يرفع رأسه فخرا بأردنيته فهو لا يستحق هذه الأرض الخيرةّ، ولا يستحق سماء الأردن ، وهو لا يعرف المواطنة، وكفى..!