TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رفع الخبز..أصل الحكاية
17/05/2015 - 12:45pm

طلبة نيوز- فهد الخيطان

سواء كانت الحكومة جادة في كلامها عن رفع الدعم عن الخبز، أم أنها مجرد مناورة، كما يؤكد بعض المسؤولين، فإن ردود الفعل على التصريحات الرسمية بهذا الشأن هى ما يستحق التوقف عنده.
لقد كان لافتا بحق أن غالبية المعلقين من إعلاميين، وسياسيين، ومحللين اقتصاديين، قد عارضوا التوجه. أما على المستوى الشعبي، فإن التيار الكاسح، وقف ضد القرار.
لكن في الوقت ذاته، يعلم هؤلاء، أو غالبيتهم على الأقل، أن المقصود بقرار رفع الدعم، هو رغيف الخبز الكبير، وليس"الرغيف الصغير" غير المدعوم أصلا. ومعظم المواطنين يتناولون هذا النوع من الخبز، فيما قلة قليلة ماتزال تعتمد على "الرغيف الكبير". وهذه الفئة ستكون مستثناة من قرار الرفع من خلال بطاقة ممغنطة تؤمن لهم الحصول على الخبز بالسعر الحالي.
إذا كان المواطنون والمحللون يدركون هذه الحقائق، فلماذا إذن يعارضون قرار رفع لن يمس قوتهم، ولا جيوبهم؟
لا أعتقد أن المعارضة هي للقرار بحد ذاته؛ فالجميع يعلم حجم الهدر في الطحين، مثلما يعرف أن غير الأردنيين هم المستفيدون من سياسات دعم الخبز.
المعارضة لهذا القرار، أو سواه من القرارات الحكومية، تعود في الأساس إلى حالة انعدام الثقة،  بكل خطوة تخطوها الحكومة؛ أي حكومة. أحيانا يكون القرار الحكومي في شأن من الشؤون العامة، إيجابيا، ويخدم مصالح الناس مباشرة، لكن نادرا ما يحظى بتقدير رجل الشارع. فعندما لايجد المواطن ما ينتقده في القرار، يكتفي بتعليق محمّل بالشكوك والظنون؛ "الله يعلم شو هدفهم من القرار".
وبسبب طغيان مزاج سلبي في الأوساط العامة، وتاريخ طويل من عدم الثقة المتبادلة، وسوء إدارة لملف العلاقة مع الجمهور، لم تفلح أية حكومة في بناء رصيد حقيقي من المصداقية، تستند عليه لتمرير قراراتها، وتكسب من ورائه الدعم لسياساتها.
وثمة ظاهرة تخص حكوماتنا، ليس لها مثيل من حولنا. الحكومات الأردنية يتيمة بكل معنى الكلمة، لا بل وعلى نحو أكثر تحديدا، يمكن القول إن مجلس الوزراء هو الميتم. لايجد من يدافع عن قراراته وتوجهاته، في الحلقات الوسطى من مؤسسات الحكومة، ولا في وسائل الإعلام. الوزير "يباطح" دفاعا عن قرار ما في وزارته، بينما الأمين العام ومن هم على مستواه في الوزارة، يلوذون بالصمت، هذا إن لم يحرّضوا ضده.
ولهذا يصبح الوزير وحيدا في المواجهة، وبالضرورة يتحول إلى عدو للشعب، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات رفع الأسعار.
ورغم مرور نحو ربع قرن على التحول الديمقراطي في الأردن، فإننا مانزال، دولة ومؤسسات، مجتمعا مدنيا، غير قادرين على إدارة حوار موضوعي وجاد حول السياسات والقرارات التي تخص شؤون حياتنا.
فيما يخص التوجه لرفع الدعم عن الخبز مثلا، ورغم النقاش الممتد حوله منذ سنوات، إلا أننا لم نشهد في وسائل الإعلام، أو منصات الحوار الكثيرة في البلاد، حوارا هادئا وعميقا حول الموضوع. كل ما يحصل هو تراشق بالكلام والاتهامات. فما يصدر من الأحزاب السياسية على سبيل المثال، لا يتعدى أن يكون خطابا شعبويا، يصب جام غضبه على الحكومة، دون أن يقدم رؤية ناضجة أو بديلا ممكنا.
والحكومات ليست أحسن حالا، فهى ولعلمها المسبق بعدم وجود ثقة بسياساتها، لا تعود مكترثة بشرح موقفها بطريقة مفهومة، وخلاقة، وما تزال متمسكة بوسائل التواصل والإقناع التقليدية.
المشكلة ليست في قرار رفع الدعم عن الخبز، إنما في منسوب الثقة المنخفض؛ فهذا الأخير يحتاج لقرارات جريئة لرفع مستواه،  أولا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)