TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
"رسالة ورقية"!
08/03/2017 - 4:30pm

طلبة نيوز-

بقلم :هبة الكايد
أذكر أن آخر رسالة غرام ورقية كتبتها كانت قبل عقد من الزمن، حين كنت صغيرة في مراحل دراستي الثانوية، وأذكر أنني خططتها لمعلمتي الغالية نازك الطراونة التي لازمني عشقها مذ كنت في الصف الثالث الابتدائي حتى هذه اللحظة التي تقرؤون فيها هذه الكلمات.. وستبقى عشقي الأزلي حتى يضمني تراب الوطن بين ذراعيه الرطبة الندية.
لغة الكتابة .. وأقصد في "حضرة القلم والورقة" لها نكهة مختلفة عن كل لغات التعبير.. فلا يمكن لها أبدا أن تكون منقولة أوجاهزة أو ربما محفوظة عن ظهر قلب؛ هي لغة أسمى من أن تكون كذلك، وأرقى من أن يكون تفكيرها في اتجاه واحد؛ إنها لغة تجعلك تتخبط أمام الحروف وتتلعثم في جو الكلمات وتتقيد في فكرة الموضوع، لدرجة تجعلك تقتنع بأنك إنسان بارع في انتقاء كل كتبت.
حين أمسك القلم .. أتذوق الكلمة قبل أن تكتمل رسمة حروفها على الورقة، وأشعر بعذوبتها وأتلمسها في داخلي وكأنها شيء يضرب بعروق جسدي من كل صوب وحدب، لتنذرني بأنها ستأخذني إلى عالم آخر .. مليء بكل ما أحب وأشتهي وأتمنى.
وحدها هذه اللغة القادرة على إقناعك بذلك، ووحدها كذلك من يمكنها أن ترسم تلك السعادة على ثغرك بعد الانتهاء من كتابتها، متلهفا لقرائتها كاملة قبل أن تضمها لصدرك وتقبلها وتضعها في مغلف رسائل جميل تكتب عليه إلى "..." الغالي أو الغالية.
ولا أنسى أيضا .. تلك الابتسامة التي لم تفارق محياي أبدا حتى يجيء اليوم التالي وأسلمها لمن كتبتها من أجله، بل وتلازمني ابتسامة ثانية حينها، يعتريها شكوك عن ردة فعل قارئها بما خبأتُ له في حنايا تلك الورقة.
نعم.. إن الرسالة المكتوبة بخط اليد تسكنها الأرواح مهما مرعليها من زمن أما "الإلكترونية" فقد ولدت ميتة لا روح فيها مهما أعدنا قراءتها وطباعتها وبقيت رهينة بين أيدينا!
أعيدوا الحياة لأرواحكم وأرواح من تحبون .. فلا ضيْر من هذه التجربة!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)