TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رسالة او رسائل الى الملك
08/01/2017 - 3:00am

طلبة نيوز-  د. معن علي المقابلة

سادت في الآونة الاخيرة ثقافة مخاطبة الملك برسائل ، سواء كانت هذه الرسائل للشأن الخاص او الشأن العام ، وكان اخرها رسالة النائب السابق وصفي الرواشدة ، والتي يصفها البعض بالنارية ، وهي لم تكن رسالته الاولى ، وعلى ما يبدو انها لن تكون الاخيرة ، سواء كانت هذه الرسالة منه او من غيره ، بالرغم من انه عنونها بالنداء الأخير ، ، وملخص الرسالة ان السيل بلغ الزُبا وان استمرار صمت الملك على كل هذه التجاوزات والفساد في مؤسسات الدولة ستؤدي الى فوضى تعم البلد وان حِلْم الأردنيين لن يطول. 
وقبل ذلك بخمس سنوات وجه الحراك الشعبي بكل اطيافه وسبقه المعارض البارز ليث شبيلات والذي خرج من رحم مؤسسة الحكم-والده سفير ووصي على العرش ووزير ورئيس للديوان الملكي- ، رسالة قوية حاولا فيها ان يُوصلا رسالةً واضحةً للملك وهذه الرسالة عنوانها "إصلاح النظام" وروحها المحافظة على النظام الملكي الهاشمي.
وتم التقاط الرسالة بشكل خاطئ ، فكان التعامل مع الحراك الشعبي ومطلبه آنف الذكر ، الانحناء للعاصفة الى ان تهدأ ، فيما عُرف (بالأمن الناعم) ، واجرى النظام بعض " الإصلاحات التجميلية" والتي لم ترقَ الى الحد الأدنى من مطالب الحراك ، ثم أخذ بالتراجع القهقري بعد ان هدأ الحراك من خلال التضييق على الحراكيين واعتقال بعضهم وتقديم البعض الاخر لمحكمة أمن الدولة ، ثم جائت ثالثة الأثافي حينما قامت حكومة النسور بتقديم مشرع قانون لمجلس النواب تعزز به صلاحيات الملك الدستورية بتعيين وإقالة مدير المخابرات ، ورئيس هيئة الأركان ، وقائد الدرك ، بشكل مباشر.
وهاهي عاصفة الحراك هدأت الا ان عواصف الأزمات التي تعصف بالبلد لم ولن تهدأ أبداً ، فهاهي الازمة الاقتصادية تعصف بالبلد ، ودهاقنة وخبراء الاقتصاد في النظام لم يتعلموا من جامعات الغرب والشرق التي درسوا فيها على حساب الدولة الا علاج رفع الضرائب ، فجيب المواطن هو أغلى ما يملكون بينما الرواتب تتآكل ، والمستثمرون فروا من بيرقراطية مقيته ،وضرائب من كل الأنواع بحيث اصبح الاردنيون يتندرون بأن الحكومة قد تفرض ضرائب على الهواء الذي يتنفسونه ، الى جانب انتشار الرشوة بشكل فاضح وعلى اعلى المستويات وأدناها ، والفقر الذي أخذ يطحن المواطن ، والبطالة التي لا يخلوا كل بيت أردني من عاطل عن العمل او اكثر.
اما قِيم التسامح والانفتاح التي بدأت تتلاشى في المجتمع نتيجة التوهان الفكري والثقافي ليحل محلها الانغلاق والتعصب والنزق الذي نشاهده في الشارع بشكل يومي بحيث اصبح الاردني يكفر الاردني ويقتله لمجرد انه يختلف معه في الفكر ، لا يكاد يمضي يوم الا ونسمع جريمة بشعة هنا واخرى هناك ، الأخ يقتل أخيه والابن يقتل أمه وأبيه ، قيم وفكر ظلامي بعيدة كل البعد عن قيمنا الأصيلة التي تربى ونشأَ عليها الآباء والاجداد ، ووزارة التربية والتعليم التي مهمتها غرس القيم الأصيلة في المجتمع وتبديد هذا الفكر الظلامي والمنغلق من خلال غرس قيم التسامح وقبول الاخر في الأجيال ، وتضمينها مناهجنا بخطط مرسومة واستراتيجية وفلسفة واضحة وليس بشكل ارتجالي ، اصبح همها وشغلها الشاغل ضبط امتحان التوجيهي امنياً ومنع الغش ، وهذا الضبط ليس له علاقة من قريب او بعيد بالتربية ولا بالتعليم. 
دولة تُعطل كل المؤسسات الرقابية فيها على كثرتها- هيئة مكافحة الفساد ، ديوان المظالم ، ديوان المحاسبة...الخ- او يفقد الشعب الثقة فيها ، وعلى رأسها مجلس النواب ، لتحل محلها الرسائل للملك ، فإذا ظُلْم موظف في وزارة او مؤسسة يبعث برسالة للملك ، وإذا أخذ الفقر والعوز بأُسرة بعثت برسالة للملك ، واذا أُحيل موظف درجة عليا او دنيا او ضابط برتبة عليا أيضاً او دنيا الى التقاعد يبعث برسالة الملك......الخ.
ورسائل ترجو الملك ان يوقف هذا الانهيار في موسسات الدولة من فساد ، ومحسوبية ، واختلاس ، واهدار للمال العام ، وبيروقراطية ، وتسلط ، بحيث اصبح كثير من المسؤولين يتعاملون في مؤسساتهم على انها مزارع لهم ولمحاسيبهم.
الاستغاثة بالملك سواء بالشأن العام او الخاص تحمل في مضمونها في اعتقادي أمرين لا ثالث لهما:-الاول ، ان الأردنيين بمختلف اطيافهم لا يزالون يَرَوْن في الملك الحصن الحصين والملاذ الأخير لهم ، وانه في النهاية سينتصر للشعب ويقلب الطاولة على مؤسسة الفساد ورموزها او هكذا يأملون. اما الامر الاخر ، فهو ان الشعب لم يعد يثق بالطبقة الحاكمة ممن توارثوا الحكم في العقدين الاخيرين سواء ممن ورثهم الملك عن المرحلة السابقة ، او ممن جاءوا بعهده ، كما لم يعد يثق بقوانين الانتخاب لمجلس النواب وبمن يفرزهم.
وفِي الحالتين لم تعد النخب ومن خلفها الشعب مقتنعة بالوسيلتين اللتين يتم فيهما فرز النخب الحاكمة في السلطات الثلاث التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية.
فهل ينتصر الملك لشعبه؟
 
 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)