طلبة نيوز- كامل النصيرات

أول أمس كنتُ في قريتي «الكرامة» ..وحين وصلنا إلى الجندي المجهول كانت الطريق المؤدية إلى القرية مغلقة استعداداً لاحتفالات الجيش بذكرى الانتصار في معركة الكرامة ..هذا النصر الذي شكّل بارقة أمل للعرب بعد إحباطات حرب حزيران ..و تأكّد لهم أن هزيمة العدو امر ليس صعباً إذا توفّرت الإرادة الحقيقيّة لذلك ..
طوال الطريق لمشارف القرية وأنا أتأملها و أتذكر طفولتي في كل متر من أمتارها ..ضحكي ..جنوني ..دموعي ..جوعي ..شبعي ..و لكنّ صورة العسكر تسيطر على مخّي ..فتذكرتُ حديث أبي عن يوم المعركة ..وكيف أرادت «اسرائيل» تفجير السوق الرئيس في البلدة بالديناميت ..وتذكرتُ «عماد الجريري» قبل أيّام كيف جرّني إلى العامود الموجود بجانب «قهوته» وأراني كمية الرصاص و الشظايا التي أصابت ذلك العامود ..
كم أشعر براحة غريبة حينما أستنشق عبق الشهداء ..حينما أشعر أن أرواحهم تحوم في المكان ..ولكنني أتساءل في ذات الوقت : يا ترى ؛ هل هم فرحون عندما ينظرون إلينا ..؟ هل يرون الذي استشهدوا من أجله قد تمّ الحفاظ عليه ..؟
دخلتُ القرية ..عمار يا «كرامة « عمار ..محلاتها بازدياد ..ازدحام غير مسبوق ..حركة دؤوبة ..ولكن وجوه الناس تميل إلى البؤس ..لماذا ؟ قد أملك كل الاجابات أنا ..ولكنّ كلامي أو شهادتي مجروحة ؛ لأنني ابنها و ابن عرقها و مرقها و صاحب تفاصيلها ..واسمي موشومٌ على كل زاوية من زواياها ..و ترابها يعرف خطوي و موسيقى ركضي عليه ..
لذا أريدكم أنتم أن تعرفوا الجواب ..وأن تطرقوا كل باب فيها ..فخلف كل باب حكاية من حكايات الكرامة..