TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تغيير رؤساء الجامعات بين مطرقة المعايير الأمنية والمعايير الأكاديمية
05/12/2017 - 8:15pm

ع

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

يعتبر التغيير في قيادات الجامعات قضية حيوية ومهمة في معظم الدول التي تلحق أهمية خاصة بدور المؤسسات العلمية الطليعي في إحداث التنمية والتطوير المجتمع. وانطلاقا من هذا الدور فإن معايير اختيار رؤساء الجامعات ورؤساء مجالس الأمناء أو مجالس الإدارة كما تسمى في بعض الدول تخضع لمعايير بالغة الشفافية والرقي والمهنية من أجل أن تكون مخرجات هذه العملية قيادات حقيقية لها أدوار ريادية وإستشرافية للمستقبل . ولعلى أبرز هذه المعايير في اختيار هذه القيادات الجامعية هو التاريخ العلمي والمهني للشخص، ومساهماته الأكاديمية، وصفاته الشخصية وخصوصا المتصلة بالرؤى الثاقبة، والتفكير الإستراتيجي ،والقدرات الإبداعية، ومهارات التشبيك مع مؤسسات المجتمع ،إضافة إلى المهارات القيادية. هذه المتطلبات وغيرها لإشغال موقع رئيس جامعة أو رئيس مجلس أمناء لا تشتمل على أي بعد متعلق بالمنطلقات والأفكار السياسية للشخص وولاءه وانتماءاته الحزبية والأيديولوجية حيث أن مثل هذه الأبعاد ترتبط بحقوق مدنية للمواطن ذات صلة بممارسات قانونية مشروعة تضمنها دساتير الدول ومنظوماتها التشريعية.
يمر التعليم العالي في الأردن بمرحلة حساسة خصوصا وأن قوانين جديدة للتعليم العالي والجامعات مطروحة للنقاش في البرلمان،وكذلك بروز استحقاقات تشريعية وإدارية وموضوعية للتغيير في رؤساء الجامعات ومجالس الأمناء استنادا لنتائج تقييم هذه القيادات ،واستنادا لتصريحات متتالية من مسئولين التعليم العالي حول أهمية ما يشكله التقييم من إطار مرجعي يمكن على ضوءه أن تحدث تغييرات من شأنها الإسهام في معالجة التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي في المملكة. والسؤال المطروح هنا هل المعايير الأكاديمية والفنية المعلنة هي الأساس في التجديد أو عدمه لرؤساء الجامعات الأردنية؟ وهل فعلا أن مجلس التعليم العالي هو السلطة المرجعية الأولى في اختيار أو تعيين رؤساء الجامعات أو التجديد لهم ؟ وهل هناك معايير غير أكاديمية وغير فنية وغير قيادية وغير معلنة تؤثر في اختيار الرؤساء أو التجديد لهم في مواقعهم؟ ومن هي هذه الجهات الأخرى إن وجدت التي تتدخل في التأثير على اختيار أو التجديد لرؤساء الجامعات في مواقعهم؟.
وفي معرض الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها فإننا نعتقد بأن معظم العاملين في الجامعات الأردنية يدركون دور الأجهزة الأمنية في قرار اختيار الرؤساء أو الجديد لهم ،وأن هذا الدور مستتر وغير معلن ولكنه فعال ويكاد يكون أحيانا حاسما حسب درجة قدرة رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي على إقناع هذه الأجهزة بأهمية وسلامة اختيار رؤساء الجامعات أو التجديد لهم، وحسب قوة وصلابة ومهارة هؤلاء المسئولين في الدفاع عن قراراتهم واختياراتهم .لا نعلم ما هي المتطلبات الأمنية في موضوع اختيار رئيس الجامعة؟ عمل رئيس عمل أكاديمي قيادي محض وهو ذا طابع فني يتعلق بالتعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع ، ومن المحير أصلا أن يكون للنشاط والانتماءات السياسية للشخص دورا بالغا في اختيار المرشح لشغل هكذا موقع .نتحدث عن هذا وقد علمنا من بعض المصادر بوجود توصية أمنية بعدم الولوج في التغيير الذي تم الترويج له أو الإيحاء به في أوساط رؤساء الجامعات الأردنية . يا ترى ألا ينسف هذا التدخل إن حدث الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟ألا يعتبر هذا تدخلا في صلاحيات وواجبات مجلس التعليم العالي الذي تناط به هذا الصلاحية بموجب القانون؟ وهل المعايير والاعتبارات الأمنية التي تستند إليها توصيات بعض الجهات والأجهزة تسهم في خدمة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي؟ وهل للصلات الشخصية لبعض رؤساء الجامعات مع بعض العاملين في الأجهزة الأمنية دورا في تثبيتهم في مواقعهم أو تعيينهم أصلا في هذه المواقع؟.
الأردنيون بكافة شرائحهم يدعمون الأجهزة الأمنية المختلفة خصوصا في ظل القدرة الفائقة التي أبدتها في المحافظة على استقرار المملكة في محيط ملتهب. ويقدر الأردنيون التضحيات الجسام التي تبذلها هذه الأجهزة ضمن إطار الواجبات الأمنية المناطة بها .لا نريد لهذه الأجهزة أن تنخرط في خارج سياقاتها وخارج مهامها وواجباتها بما يعرضها لعدم القدرة على اتخاذ القرارات الفعالة والأداء المتميز الذي عهدناه عنها في مجالها وفضائها الأمني المتخصص. الجامعات ليست هي النطاق والفضاء المهني للأجهزة الأمنية، واختيار رؤساء الجامعات قضية أكاديمية علمية وينبغي أن تخضع لمعايير مهنية وأكاديمية صرفة إذا أردنا لهذه المؤسسات التقدم والتطور الحقيقي فهل من مدكر!!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)