TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تعيين بولتون: إسرائيل وأمريكا أولاً
26/03/2018 - 12:45pm

د. عزت جرادات
تابعت كبرى الصحف العالمية، وبخاصة الأمريكية والإسرائيلية، باستثناء الصحافة العربية، تابعت باهتمام وتحليل تعيين (جون بولتون) مستشاراً للأمن القومي في الإدارة الأمريكية، وأبرزت معظم تلك التحليلات حالة التشدد التي يتصف بها، والمواقف الحادة التي يتخذها في القضايا الدولية، وبشكل خاص ما يتعلق بإيران وكوريا الشمالية، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فهي قضية النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وقد أصبح هذا المصطلح هو البديل (للصراع الصهيوني- العربي).
يعتبر (بولتون) من (الصقور) سياسياً، وأدى دوراً هاماً في مسألة (أسلحة الدمار الشامل) المعروفة والتي أدت بدورها إلى غزو العراق، وله ارتباطات بعدد من المؤسسات والمنظمات السياسية، ومنها: زميل كبير في معهد المشاريع الأمريكية، زميل قيادي في معهد (إيست – ويست دينامكس)، وزميل مشارك في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، وعضو لجنة المحافظين الجدد للحرية الدينية الدولية، وهذه على سبيل المثال لا الحصر، وقد انخرط في سلك الدبلوماسية والسياسة منذ تخرجه من جامعة (ييل) مع زميليْ دراسته، بيل وهيلاري كلنتون)، ولعل أخطر تعبير سياسي دبلوماسي صدر عنه، عندما وصف منظمة الأمم المتحدة بأنها (مجتمع دولي يقاد عند الحاجة من قبل القوة الوحيدة في العالم عندما تقتضي مصالحها ذلك) ويعني بالقوة الوحيدة، الولايات المتحدة الأمريكية.
لعل هذه المقدمة تساعد في فهم أو التعّرف على آرائه أو اتجاهاته السياسية فيما يتعلق بالقضية التي تهم المنطقة، وهي قضية (النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي)؛ ففي مقالة سابقة منشورة في (الواشطن بوست) عبّر بشكل مباشر إلى أن تسوية (النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي) على أساس (حل الدولتيْن) غير قابل للتطبيق فقد ولد ميتاً، ويدلل على ذلك بأن عملية السلام لم تحرز أي تقدم، بل أنها تتراجع، دونما أن يشير إلى أن من أهم أسباب ذلك هو تخاذل أو انحياز أو (لا مبالاة) دور الوسيط أو راعي عملية السلام، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، وهو صاحب النظرية التي تقوم على (أساس ثلاث دول) يتم بموجبها وضع غزة مجدداً تحت سيطرة مصرية، فيما تقود الضفة الغربية، ولكن وفق صيغة جديدة، تحت السيادة الأردنية، لضمان السلام والاستقرار في الدول الثلاث: مصر والأردن وإسرائيل!
أما التحليلات الصحافية حول تعيينه (بولتون) مستشاراً للأمن القومي الأمريكي، فجاءت متباينة، فبعض الصحف الأمريكية، مثل نيويورك تايمز توقعت مزيداً من التشدد في السياسة القائمة على (أمريكا أولاً)، وقد يؤدي حسب (واشنطن بوست) إلى تغييرات جذرية في مقاربة الإدارة الأمريكية لمختلف الأزمات حول العالم، أما (فورن بوليسي) فقد اعتبرته (سلاح إسرائيل السري)!، أما الصحافة البريطانية، فقد لخصّت أحدى الصحف الموقف بأن دائرة التعصب بإدارة ترامب- قد اكتملت بتعيين بولتون اليميني المتشدد، والمستفز، مستشاراً للأمن القومي، و(بومبيو) للخارجية، و(هاسبل) للاستخبارات المركزية، وأما الصحافة الإسرائيلية، فقد رحبت بهذا التعيين، فذهبت (بديعوت أحرونوت) إلى أن (بولتون) سيحضر معه مواقف حازمة ودعماً مطلقاً لإسرائيل، فيما عبر رئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينت، عن ترحيبه بالصديق الموثوق لإسرائيل، وأشادت وزيرة العدل الإسرائيلية (ايليت شاكيد) بتعيين صديق إسرائيل في موقع هام في الإدارة الأمريكية، ولم تتعرض الصحافة العربية الرئيسية للموضوع، وربما اعتبرته (شأنا أمريكيا داخلياً)، باستثناء التشاؤم في الصحافة الفلسطينية، وتوقعاتها بالواقع الأكثر دماراً أو انهياراً، باعتباره صاحب تاريخ عريق في معاداة الفلسطينيين، أما الصحافة الأردنية، فهي متاحة أمام القراء وتناولت التعيين بأبعاده المتعددة.
وأخيراً، يمكن القول أن المؤسسية هي التي ترسم خرائط السياسة الأمريكية، وثمة ثوابت لتلك السياسة، ومن أهمها بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط هي (الحماية والدعم والحفاظ على إسرائيل وأمنها)، إلا أن درجة هذه الحماية تعتمد على توجهات قيادات الإدارة الأمريكية، وهي بلا شك أصبحت في أوجها أو قمتها في عهد الإدارة الأمريكية الحالية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)