TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
امتحان التوجيهي مرة واحدة في السنة بين مؤيد ومعارض
16/12/2015 - 3:00am

طلبة نيوز- أ.د أمل نصير

منذ أن أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نيتها عقد امتحان التوجيهي مرة واحدة في السنة بدأ بعض الطلبة اعتصاماتهم ولو قيل سيعقد 3 أو 4 مرات سيحتج آخرون، فكثير من الناس لا يحبون التغيير، وأصبح الاحتجاج على أي شيء، بل على كل شيء ديدنهم لا سيما في السنوات القليلة الماضية!
نظام الامتحان لمرة واحدة كان مطبقا لسنوات طويلة عندما كان التوجيهي في أوج نجاحه وهيبته وتميّزه، وله ميزات كثيرة منها: اعتماد المنهاج وحدة واحدة، وتقليل زمن القلق، وحالة الطوارئ عند الطالب وأسرته، إنقاص الاختناقات المرورية، وحوادث السير، وإطلاق النار والفوضى... في يوم النتائج إلى مرة واحدة، والتقليل من الظروف غير الطبيعية، والطوارئ في كافة أرجاءالوطن، إضافة إلى توفير لمال وجهد الوزارة.
القرار لم يكن فرديا أو تارتجاليا أو متسرعا كما قيل، بل جاء بعد دراسات واقترحات عدد من الخبراء، وهو تنفيذ لإحدى توصيات مؤتمر التطوير التربوي الذي عقد مؤخرا في عمان ، وأقره مجلس التربية والتعليم .
كان الأفضل لو أعلن عن القرار مع الإجراءات الأخرى التي ستصاحبه لاسيما موضوع تخفيض عدد المواد التي سيتقدم لها الطالب أو تلك التي ستحتسب له في المعدل إلى غير ذلك من إيجابيات لطمأنة أبنائنا الطلبة لاسيما أن كثيرا منهم يخشى من كثرة التغييرات التي تحدث في مجال التعليم سواء على مستوى التوجيهي أو القبول في الجامعة...
امتحان التوجيهي من الأمور التي لحقها الجدل، فبعدما كان الناس يتأففون مما يحدث فيه من ألوان الغش، وتسريب الأسئلة، وفوضى القاعات، والاعتداء على المدارس ... جاء القرار الحكيم الذي تمناه كثيرون بإعادة الهيبة لهذا الامتحان الذي كنا نعتز بمصداقيته على مستوى المنطقة العربية كلها، ولكن سرعان ما عادت الشكوى من جديد بحجة التشدد فيه حتى من الذين كانوا ينتقدون انفلاته، وكأني بكل مواطن يريد إجراء الامتحان على مقاسه، وما على الوزارة إلا تصميم المطلوب!
ومثله حدث في تقييم نتائج الامتحان، فقد كان الناس ينتقدون تضخم العلامات، وأصبحوا اليوم يشكون من اعتدالها، ومن كانوا يتحدثون عن ضعف الخريجين بدؤوا يتسآلون عن كثرة أعداد الراسبين ومصيرهم... كل حسب مصلحته الأسرية والاقتصادية... وقلما يتنبه هؤلاء أن هذه الأمور لا يمكن أن تتحق جميعها في أي امتحان، بل هي تتناقض فيما بينها.
انخفاض مستوى العلامات في التوجيهي سيتبعه لا محالة ميزة الانخفاض في معدلات القبول في الجامعات، ويقرب الأمرين معا من المنطقي والطبيعي، ويبعدهما عن التورّم المبالغ فيه، وطالما أن الأمر عام على جميع الطلبة فلماذا الشكوى؟! إلا إذا كان الهدف تكديس الطلبة في الجامعات، ومن ثمّ معاناة جُلّهم من ضعف التحصيل، والبطالة بعدما يكونوا قضوا سنين عديدة من عمرهم، وبيع الغالي والنفيس في سبيل تعليم مردوده غالبا بطالة لسنوات!
من التعليقات الطريفة حول عقد الامتحان لمرة واحدة القول: إن الوزارة اتخذت هذا القرار تمهيدا لدفع الطلبة نحو التعليم المهني، وكأن هذا مؤامرة، والحق أن التوجه نحو التعليم المهني والتقني هو أحد الحلول المهمة لتقليص نسب البطالة التي باتت تهدد السلم المجتمعي والأمن الوطني، وهو مفيد في توفير العامل الماهر الذي نشكو جميعا من ندرة وجوده، وتوفير مبالغ ضخمة تهاجر من العملة الصعبة التي تستنزف من ميزانية الدولة مقابل رفدها بمثل تلك المبالغ المهاجرة بعدما تُفتح الأسواق الإقليمية أمام العامل الأردني الماهر مثلما فُتحت من قبل أمام خريجي الجامعات، فالفجوة باتت واضحة بين التعليم الأكاديمي من جهة، والتعليم التقني والمهني من جهة أخرى، ولا بدّ سدها، ويبقى الميدان واسعا للجميع، فمن لديه الرغبة والمقدرة الأكاديمية يتوجه نحو التعليم الأكاديمي ومن لديه الرغبة المهنية والتقنية يتوجه إلى المعاهد والكليات المتخصصة بعدما تقوم الجهات المعنية بتجهيزها وتوفير الظروف الملائمة لإنجاحها، والذي يتقن عمله ويخلص فيه أياً كانت وجهته وتخصصه هو المقدّر اجتماعيا، والمقتدر ماليا لا العاطل عن العمل العالة على أهله ووطنه.
رضى الناس غاية لا تدرك، وأصبح على المسؤول اتخاذ القرار المناسب بعد دراسات كافية ومشورة المختصين، فلا قرار يرضي الناس كافة، ومثله عقد الامتحان لمرة واحدة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)