TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الذلّ الشهي
09/03/2014 - 6:00am

احمد حسن الزعبي
منذ ان فتحت الشمس عينها ظلّ واقفاً و بيده الأوراق الثبوتية، والمصدّقات، ودورات التدريب، وشهادات الخبرة، موضوعة كلها بمغلف بنيّ اللون، كان يبدّل اليد التي تحمل المغلف كل خمس دقائق كي لا تتعرّق الأصابع ويبتل المغلّف ويقرف الشخص..ظل يتمشى في الشارع الفارغ طويلاً بانتظار خروج الحلم من مقرّ إقامته علّه يعترض سيارته ليقابله وجهاً لوجه دون المرور بكل التعقيدات الإدارية والبروتوكولية التي فشل في كسرها أكثر من مرّة..
داخل السور العالي والأباجورات المغلقة..استيقظ الشخص، اخذ حماماً دافئاً، خلع ثوب الحمام وبدأ يتجهّز للخروج، لبس بدلته السوداء « جورج أرماني»..لبس قميصه الـ»M&S» ، ثم مدّ عنقه ولوى «بوزه» إلى أعلى أثناء إحكام ربطة العنق الــ»قوتشي» حول رقبته.. لبس جوارب الــ»FALKE».. ارتدى حذاءه من « «AUBERCY.. وقبل ان يخرج تعطّر بـ»الجيفنشي» وارتدى ساعة «الرولكس»، وضع نظارة «الفرساتشي» على عينيه .. ثم نزل عن الدرج اللولبي ماراً من امام بركة السباحة ثم انطلق الى البهو .. تبعه المرافق الداخلي وهو يحمل حقيبته ومضى المرافق مسرعاً صار يمشي بموازاته، اتجها نحو السيارة التي تصطف عند الدرجة السفلية الأخيرة ، فتح المرافق الخارجي الباب الخلفي من السيارة ، وأسرع الحارس الشخصي للجلوس في الكرسي الأمامي ، ثوانٍ قليلة ،تسمّر المارون من الخدم والموظفين ، فتحت البوابات، أخرجت السيارة مقدمتها من البوابة الأخيرة..أسرع أبو يحيى راكضاَ فور رؤيته السيارة تطل برأسها من المخرج ..اقترب أكثر حاول إيقافه بجسده، لوّح له بالمغلّف البني . الا ان الشخص أدار وجهه نحو النافذة الثانية وانطلقت السيارة بسرعة فائقة..اقترب أبو يحيى من احد حراس البوابة ليبرر فشله وتجاهله من قبل الشخص:
- بجوز ما سمعني!
- حتى لو سمعك..مستعجل كثير..وما ظل معه وقت
- أبو يحيى: ليش هو وين رايح !!
- حارس البوابة: بده يحضر صلاة الاستسقاء .!!..
- أبو يحيى: آآآآآآآآآه...استسقاء...طيب ممكن سؤال؟
- حارس البوابة تفضّل: هسع لو أجاك واحد معاه سيارة موديل السنة وبيدخن سيجار..وقلّك معيش حق ربطة خبز للأولاد وشحّدني لله ..بتشحّده ؟!.
- حارس البوابة :لأ..
- أبو يحيى: السلام عليكم !..
أطبق صوت البوابة على الحارس من الداخل..ومضى ابو يحيى يخيّط الطريق بساقيه النحيلتين..
***
وتسألون عن انحباس المطر؟...
..بادروا انتم..وليكن اعتصام رجاء وتذلل لله هذه المرة .... ابحثوا عن دراويش القرى ومساكين المدن ومجانين الأحياء البوادي، أُرجوهم أن يقبلوا الخروج معنا...ارجو أمهاتنا الطيبات المسالمات و آباءنا المخلصين الأتقياء الذين سّلموا أنفسهم للرضا ، أرسلوا أطفالكم ودوابكم الى الأرض العطشى واتركوهم يدعون الله أنى شاؤوا ولا تلقنونهم ما يقولون ، فالله يستمع للقلوب لا الى الألسنة...اخرجوا كل من لم يتلوّث بعوادم الحياة ، او يثقل كاهله بأرتال الذنوب.. ابعدوا كل المتأنقين المتملّقين الذين يدعون الله بكفّين تحيط بهما «كبك» من ted baker» منقوشة بالكبر والغرور ...
ادعوا الله .. فالسماء قريبة.. لكن «احنا البعيدين»..
تذللوا ..تذللوا...ان الذلّ الشهي الوحيد..
هو الذلّ إلى الله..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)