TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الدكتور محمد المجالي يرد على وزير التعليم العالي مرة أخرى
07/01/2017 - 3:15pm

تعقيب على رد وزير التعليم العالي
حول علاقة الدين بالتطرف
أحترم عاليا وزير التعليم العالي، وقد خدمت معه عميدا للدراسات العليا في الجامعة الأردنية، ولا أشك في نزاهته، والمشكلة أكبر منه، هي على مستوى الحكومة والدولة.
صحيح أنني لم أقتبس الكلام كله، ولكن أرجو من معاليه أن يتذكر العنوان، ما هو؟ أليس مشروع مقاومة التطرف؟ فلماذا يُدرج موضوع كليات الشريعة ضمنه؟ إلا أنّ عند الذين كتبوا المشروع قناعة بأن الدين أحد عناصر التطرف، وأذكّر معاليه بأن وزارة الأوقاف أسندت لها 49 نقطة لمعالجة التطرف، ربما بقدر نقاط الوزارات الأخرى، وهذا مؤشر خطير، وآلمني أن تذكر جمعية باسمها في كل المشروع، وهي جمعية قرآنية تعالج فكر الناس وسلوكهم، وتربيهم على القرآن، بدل هذا الانفلات الأخلاقي الذي جلب ويجلب الدمار والانتحار والضياع عند قطاعات من شبابنا على وجه التحديد، لكنها المعالجة الجزئية القاصرة من قبل الحكومات المتعاقبة.
إن هذا الاعتقاد بأن الدين من أسباب التطرف مسألة عززها علمانيون وليبراليون وملحدون، ولا أدل من أن الحكومة ومَن خطّط لها في هذا الشأن قد ركزوا على الدين في مشروعهم أكثر من أي جانب آخر، ولو افترضنا جدلا أنّ هذا صحيح، وأن المقصود فهم الدين لا الدين نفسه، فكان المفروض أن نعتني بمخرجات كليات الشريعة، وإعادة النظر في خططها، ووجود هذه الحوافز التي تحدث عنها المشروع (بصيغته الكاملة)، وحينها ستكون المعدلات عالية تلقائيا، كما هو الحال في الجامعة الأردنية، ومرة أخرى لماذا كلية الشريعة على وجه التحديد دون غيرها، وكثير من الكليات روافد للتربية والتعليم، وهي ترعى أولادنا، وتوجههم، فهل أسكت عن تأهيلهم؟
إن موضوع الحوافز مطلوب للفئات كلها، خاصة التربية والأوقاف، ولا ننسى أن هذا سيوجد خللا في المنظومة الوظيفية كلها، فلن يقبل أي موظف بأن يتميز عنه آخر، وها نحن نرى حماة الديار من جيش وأمن، وهم أحق أيضا بالحوافز، وغيرهم أيضا، فكل واحد مسؤول عن نهضة هذا الوطن وقوته وأمنه، ولذلك أرجو أن لا نتحدث عن حوافز حقيقية ونحن نعرف السقف الذي نعيش تحته!
آلمني أن الحكومة لم تكن حازمة في مشروع مكافحة التطرف من موضوع الاستهزاء بالدين والتهجم عليه وعلى رموزه، فهناك من يستهزئ بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وهؤلاء مستفزون لا لشريحة محددة، بل للشعب كله، ومع ذلك وكأن الأمر تشجيع لهم ومكافأة. ألم تعلم الحكومة وأجهزتها بعد بأن التطرف والإرهاب غالبا ردة فعل لانحرافات موجودة؟ فالظلم والفساد وإشاعة فوضى الأخلاق المنحرفة والتهجم على الدين كلها عوامل استفزاز لا تحمد عقباها، وفي المقابل بطالة وفقر شكّلا عوامل تراجع أخلاقي ويأسا عند قطاع كبير من الشباب، وماذا ستكون النتيجة!؟
أليست الحكومة هي التي تقدم الحلول الجزئية، بدل المنظومة المتكاملة؟ هذا التعليم المدرسي الذي تم التركيز فيه على التوجيهي، وبسبب التشديد والتركيز قل عدد الطلبة في كثير من الجامعات وكليات المجتمع، بل أُغلق بعضها، وتشتت أسر بأكملها، وكان ينبغي أن ننظر إلى الموضوع بشكل عام، ابتداء بالتعليم الابتدائي وجدية التعليم ورفع كفاءة المدرسين، والاهتمام بالصفوف المتقدمة ووضع امتحان كالمترك قديما، وفي آخر صفين يكون التخصص بموضوعات محددة يختارها الطالب، كما في الدول المتقدمة، وننتهي من كابوس التوجيهي، ويكون هناك امتحان قبول في الجامعات، ويصبح نمط التعليم مختلفا.
وموضوعنا الرئيس مرة ثانية هو رفع المعدل، تقولون: جربوا عاما!! ونحن جربنا أعواما رفعه لـ 70% فكانت النتيجة تفريغ الطلبة من كليات الشريعة وأقسامها، واسألوا مؤتة وآل البيت وغيرها، ماذا كانت النتيجة؟
المطلوب معالجة الأمور بغير هذه المنهجية المستفزة للناس، وأرجو أن لا يتم استغباء الناس فهم أوعى من الحكومات والمسؤولين، ولعل ما جرى في الكرك مثال على وعي الناس وتضحيتهم وعدم انتظار حتى مجرد إشارات من الحكومة، فهو وطنهم الغالي، نريد مصداقية وثقة بين الناس وحكوماتهم، وهي مفقودة منذ زمن.
لا بد من وجود القدوات وإنهاء الفساد وأن يستشعر المواطن أن الجميع يبنون الوطن وينهضون به، فلا واسطة ولا محسوبية، وأن تقوم كل جهة بمسؤوليتها على أفضل وجه، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم تغول جهات على غيرها.
الدين روح الأمة، وهو الضابط لأخلاقها وسلوكها وفكرها، وغالبية الناس متدينون بالفطرة والقناعة التامة، فلا تغامروا باللعب به، تارة بالمناهج المدرسية وأخرى بخطبة الجمعة والآن بتجفيف كليات الشريعة، حينها سيكون التديّن خبط عشواء، وسيكون التطرف الحقيقي الذي لا نريده ابتداء.

التعليقات

أ.د. محمد سليما... (.) السبت, 01/07/2017 - 16:08

أ.د. محمد سليمان مبارك

كلام جميل وفي محله. مشكلتنا في هذا البلد الطيب هو عدم وجود خطة شاملة مدروسة للأصلاح ومحاربة الفساد والنهوض بالتعليم بشقيه المدرسي والجامعي، وكثرة التنظير والمنظرين. أتمنى أن أرى جهودا حقيقية في تحسين أوضاع الناس وتخفيف البطالة، ومحاربة الفساد والفاسدين.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)