TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الحل يكمن في رفع سوية الخطباء
05/03/2017 - 9:15am

طلبة نيوز- د.رحيل غرايبة 

ليس أمامنا حل مقنع في معالجة الاختلالات التي نشاهدها في طريقة التعامل مع مسائل الوعظ والإرشاد والتربية والثقافة سوى مسار إعادة النظر في القائمين على هذه المواضيع من حيث الاختيار وحسن الإعداد والتأهيل والتوجيه والتثقيف، والانتقال نحو معالجة جوهر المشكلة بطريقة علمية موضوعية طويلة الأمد؛ تستند إلى دقة تشخيص المشكلة من حيث جوهرها وأسبابها وعوامل تفاقمها وما يترتب على ذلك من نتائج وآثار تمس الفرد والمجتمع.

التعليمات والقرارات العلوية الصارمة لا تمثل المدخل الصحيح للعلاج في قضايا البناء الثقافي والقيمي، والتربية الأخلاقية المستندة إلى الدين ومنظومة العقائد، إذا لم يكن هناك مجموعة قيادات مؤهلة تحملها وتؤمن بها إيماناً عميقاً، ممزوجة بالقناعة الراسخة التي تؤهل المتحدثين لمخاطبة الناس، ويملكون القدرة على توصيل المعلومة ويملكون القدرة على التأثير في الجمهور بطريقة سلسة تحترم مبادىء الدين وتحترم عقول السامعين.

ومن هذا المنطلق يكمن الحل في وضع استراتيجية مدروسة بعناية، تقوم على دقة اختيار الخطباء وفق مواصفات معتبرة متفق عليها، وخضوعهم لامتحانات عادلة تكشف عن حسن الفهم للدين ليهم، وعن تمكنهم في الأساسيات التي تجعلهم أهلاً للحديث في الفقه الإسلامي ومسائل العقيدة وعلوم الشريعة، ومن ثم إخضاعهم لبرامج تدريبية مكثفة، ودورات تثقيفية ترفع من سويتهم العلمية، وتكسبهم جملة من المهارات الأساسية المطلوبة على صعيد الفهم والأداء وحسن الخطاب وحسن التاثير.

يبدو أن قطاع الخطباء والوعاظ والمرشدين تعرض في المراحل السابقة إلى شيء من الإهمال وعدم الاهتمام الكافي؛ من حيث التساهل في قبول الأشخاص، ومن حيث التساهل في أمور الواسطة والمحسوبية، ونية الاشفاق على بعض الحالات أحياناً، بالإضافة إلى عدم إدراك خطورة هذا الموقع؛ ما أدى إلى تسرب مجموعات لا تحسن فهم الدين، ولا تتقن أدوات الخطاب ولا تقدر مسؤولية الكلمة ولا تدرك خطورة المنبر والخطبة والموعظة وأهمية الفتوى وتأثيرها في الجمهور.

ولذلك لا بد من الاستدراك من خلال البدء في تبني منهج استراتيجي وبرنامج إصلاحي جذري، يبدأ من جعل مركز الخطيب موقعاً محترماً ومقدراً، من حيث الراتب والمكافأة ومن حيث اللياقة الشخصية وحسن المنطق وسلامة اللغة، بالإضافة إلى سلامة الفهم وحسن السلوك، وذلك عن طريق تمكين الخطيب من جعل خطبة الجمعة مؤتمراً أسبوعياً مرقوباً لأهل الحي ولأهل المحلّه، يتم من خلاله معالجة قضاياهم، وتناولها بطريقة مدروسة، تسهم في تحسين حياتهم وتساعدهم على حل مشاكلهم ومشاكل أسرهم وعائلاتهم بطريقة سهلة وميّسرة ومفهومة.

مهمة وزارة الأوقاف في هذه المسالة تتمثل بمساعدة الخطباء على كيفية إعداد الخطبة، وكيفية اختيار المواضيع، وكيفية المعالجة وكيفية مخاطبة الجمهور، وفي طريقة تحسين الأساليب واستخدام الأدلة والقصص بطريقة محترمة، وليس إلغاء عقول الخطباء وإلغاء دورهم وتحويلهم إلى متلقين، وأدوات تنفيذية جامدة، ولا بأس من تزويد الخطباء بعناوين ومواضيع مهمة يصلح تناولها بطريقة اختيارية وتشاورية، بعيداً عن الإلزام الشرطي ولوائح التهديد والعقوبة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)