TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الحكومة في الحافلة
14/04/2015 - 5:00am

طلبة نيوز- فهد الخيطان

طاب للحكومة هذا التقليد في الزيارات الميدانية، لا بل إنه أصبح حافزا للجولات؛ الرئيس والوزراء في حافلة واحدة ينتقلون من عمان إلى المحافظات. قبل أيام كانوا في الكرك، وتحديدا في لواء المزار الجنوبي. التقوا بفعاليات تمثل أبناء اللواء، كان من بينهم من وضع على صدره بطاقة تعريفية كتب عليها "حراك الكرك". ثم تناول الفريق الوزاري طعام الغداء في مضارب رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة. بعض الخبثاء وصفوا دعوة الغداء بالمصالحة بين رئيس الوزراء د. عبدالله النسور والطراونة.
على كل حال، هذه تفاصيل ثانوية؛ المهم أن الحكومة نظمت رحلة ثانية أمس، كانت عجلون محطتها، وفي الحافلة نفسها التي تعود لواحدة من شركات النقل السياحي المشهورة. لو كان لنا نحن معشر المواطنين حق الاقتراح، لفضلت أن يختار "أبو زهير" والوزراء واحدة من الحافلات العاملة على خطوط الجنوب أو عجلون عمان و"بالعكس"؛ ليعيشوا تجربة التنقل بالباصات العمومية، لأنها بحق تجربة حافلة، وليست مثل الحافلة المكيفة ذات المقاعد الوثيرة التي ركبتها الحكومة.
وهذا أيضا تفاصيل، يمكن أن تلقوا بها جانبا إن شئتم. الأهم هو برنامج الزيارة. في متابعة صحفية للزيارات الميدانية امتدت لنحو عشرين سنة، ثمة تقليد لا تشذ عنه الحكومات، على ما فيها من تنوع في خلفيات الرؤساء والوزراء. التقليد يقوم على حشد ما يسمونه بفعاليات المحافظة المعنية بالزيارة؛ من مديري دوائر ووجهاء وقادة مجتمع محلي، في قاعة كبرى أو صيوان عريض. بعدها يتناوب المسؤولون في المحافظة والوزراء على إلقاء الكلمات الرنانة، وتسبقها بالطبع خطبة عصماء لرئيس الوزراء تتناول شؤون المنطقة والعالم كافة.
معظم الكلمات تكون معدة مسبقا، ومرت من مكتب المحافظ؛ لا لشيء، فقط للتأكد من عدم وجود أخطاء نحوية وما شابه. وينتهي النشاط عادة بتناول طعام الغداء عند أحد وجهاء المحافظة. وفي أغلب الأحيان، يكون أحد نوابها؛ فأعيان المحافظات كونهم غير معنيين بحكاية القواعد الشعبية ورضا الحكومة عليهم، لا ينافسون على ولائم الحكومة، خاصة أن غالبيتهم من سكان العاصمة.
بعد اقتراحنا الأول بشأن استبدال الحافلة "خمس نجوم" بأخرى شعبية، نود لو أن الحكومة تستبدل برنامج الرحلة ليكون أكثر إثارة، بدل هذه الرتابة التي تجعل من رحلة الحكومة حدثا روتينيا مملا.
ماذا لو فكر الرئيس والوزراء بالانتشار في الشوارع حال وصولهم إلى قلب المدينة، وإجراء لقاءات عشوائية مع المارة من المواطنين؟ يذهب رئيس الوزراء، مثلا، إلى مبنى المحافظة، ويستمع لملاحظات المراجعين. ويتوقف وزير الصناعة والتجارة عند بائع خضار، ويسأل المواطنين عن رأيهم بالأسعار. ويتوجه وزير البلديات إلى مبنى البلدية، كي يرى بعينيه الطريقة التي يتعامل بها الموظفون مع المراجعين. وفي الطريق يتفقد مستوى النظافة في الشوارع. ووزير الأشغال العامة ليس أمامه سوى النزول من الحافلة قبل أن تبلغ وسط المدينة، ليعاين الحفر والمطبات.
هكذا، سيجد كل وزير لنفسه برنامجا ممتعا ومفيدا، يعود بعده إلى مكتبه في عمان محملا بالملاحظات الميدانية الحقيقية، وعلى لسان أصحابها، من دون وسطاء من أصحاب الجاه في المحافظة.
لكن قبل الشروع بمثل هذه الجولة الميدانية، يتعين على رئيس الوزراء أن يحدد لوزرائه موعد التجمع عند موقف الباص للعودة إلى عمان. بخلاف ذلك، سيضطر للمناداة عليهم بالسماعة نهاية اليوم، أو يعود وحيدا في الحافلة.
ليس مهما أن تركب الحكومة حافلة أو طائرة، المهم أن تحقق الرحلة مبتغاها؛ الإنصات إلى صوت الناس العاديين.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)