TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعة الهاشمية حاضنة للإبداع
14/02/2017 - 7:15am

طلبة نيوز- .أ.د.كمال الدين بني هاني

تجتاحُ الجامعاتِ كلَّ يوم حالة، وربّما جائحة، لا ذنب للجامعات بها، ولكنّ عناصر تتجمّع حتى نجد الريحَ تعصفُ بهدوءِ الحياةِ الجامعية، وتثور ثائرةُ المجتمع، ويتنطّع ليُدلي بِدَلْوه أشخاصٌ كثر، ويفتي في الأمر من لا يعرف كيف تكون الجامعات.
ونحن حين نعاين هذا الواقع تزداد رغبتنا في استعادة العصر الذهبيّ للجامعات، واستحضار لحظة الجامعة كما أرادها مؤسسو العمل الجامعيّ في بلدنا الغالي. 
وقد نرى الثقافة الوطنية، ولا نرى الجامعات تضيف لها ما هو منشود منها، فالفعل الثقافي لم يعد أولوية من أولوياتها، وانحسرت موجة المدّ الأكاديميّ، وتراجعت الدفقة الأولى لجامعاتٍ أرادت أن تكون مركز العمل الثقافي مثلما هي مركز الإشعاع الأكاديمي.
والجامعة الهاشمية، جامعة من جامعات هذا الوطن الغالي، ومؤسسة من مؤسسات التعليم العالي التي تسعى إلى الإعلاء من شأن العلم، والنهوض بوطننا الحبيب في جوانب حياته كلها، علماً وثقافة وبحثاً وتدريساً.
وفي الجامعة الهاشمية مجموعة من الأكاديميين فخورين بمنجز وطنيّ تبزغ شمسه من الزرقاء، ومن هذه الأرض التي نحتفل عليها بالإبداع، في مجالاتٍ راودتني قبل سنوات فعرضتها على زملائي أعضاء مجلس عمداء الجامعة فأقرّوا فيها جوائز مادّيّة ومعنويّة تمنحها الجامعة لتكون ميادين للتسابق، ونحن نتطلع إلى تكثيرها، وتوسيعها، لتصبحَ ستّة عشر مجالا إبداعيّا هي (تلاوة القرآن الكريم والحديث الشريف، والشعر الفصيح، والخاطرة، والرسم، والغناء، والقصة القصيرة، والتمثيل، والتحقيق الصحفي، والمقالة، والعزف، والعمل التطوعيّ، التميز الأكاديمي بين أولي الضرر، الشعر النبطي، التميز الأكاديميّ بين الطلبة الوافدين)، وأحسب أننا بحاجة إلى التنافس في الإبداع، وفي الخير، وفي بناء الأوطان، وفي المعرفة، والفكر والرقي والمساهمة الثقافية البناءة.
ماذا نريد اليوم من الثقافة، والعمل الثقافيّ؟ وأين نحن اليوم من كلّ ذلك؟ إننا في الجامعات نعلّم، ونتعلّم، ونرسي نسقاً معرفياً بحثياً، وأعرافاً وسمتاً ثقافياً، إننا نرغب في استثمار طاقات بناتنا وأبنائنا الطلبة في منتج ثقافيّ راقٍ، نريد أن نعمم العمل الثقافيّ التنويري، نريد زخماً ثقافياً، نريد جيلاً واعياً بأبعاد وجودنا الثقافي، يكتبون ويقرأون، ويعزفون، ويغنون أعذب الأغنيات من أجل الحياة، وقيَمها العالية، ومن أجل وطن رصيده العمل الثقافي والتعليم والعنصر البشريّ الراقي.
فالجامعات مصانع القيادات للمجتمعات، وليست مصانع للشهادات والموظفين، وكيف يكون أبناؤنا قادةً إلا بالإبداع، والتنافسية، والانتماء الواعي، والتفكير الناقد المتطلّع إلى صناعة مستقبل الأوطان والأفراد والجماعات. تشغلنا هموم الثقافة، ونتساءل عن قدرتنا على الحراك الثقافي في الجامعات، وتبرز في أذهاننا أسئلة حول قدرتنا على صناعة الحدث، وعلى ترجمة فكرنا فعلاً ثقافياً محكوماً بفلسفة ذات شأن، تتطلع إلى مستقبل الأمة ومستقبل الأوطان، ومستقبل الأفراد، الذين سيكونون آباءً وأمهاتٍ، وقادةً، وأفراداً فاعلين على مستويات الفعل الثقافي الوطني جميعها.
نريد للثقافة أن تكون ضابطا للنفوس والعقول، وأن تصوغ وجدان الأجيال، ونريد للجامعة أن تستردّ دورها الأساس في قيادة المجتمعات، وكيف يكون ذلك ما لم يكن مصحوبا بنسق ثقافيّ موجّهٍ، ومنطلق من فلسفة واضحة تجاه شؤون الأمّة وشعوبها، وجماعاتها، وأفرادها.
نريد أن نعلّم أبناءنا كيف يرتقون ويحلمون، وكيف يبدعون، لأنّ العالم الذي نعيش فيه اليوم عالم متسارع، عصيٌّ على التوقّعات، صاخب الإيقاع، متعدّد الأبعاد، بحيث صار فكْرُ الفردِ، أيِّ فردٍ يقصّرُ دون الإلمام بآفاق المستقبل، وحركة الوعي فيه. نريد لأبنائنا أن يصبحوا قادرين على الريادة وتحقيق الاختراقات الإبداعيّة، ليكونوا مؤهلين للعيش في المستقبل، فهو لهم، ولمن كانت له الغلبة للدخول في عصور ما بعد الحداثة.
فبالحلم والخيال الخلاّق يمكن الولوج إلى الزمن المستقبل، وبالتميّز والافتراق يمكن الاستمرار في فرض حضورنا الإيجابيّ في هذا العالم، وربّما في عوالم أخرى كما يقول المستقبليّون!
نريد للجامعة أن تتجاوز اقتصارها على التعليم، لتنطلق بطلابها نحو الفكر والحداثة والعصرنه والإبداع، ونريد أن تخرج من العاديّةِ نحو التميّز. ونريد للهاشميّة أن تكون مبدعةً وتحافظَ على سنّةِ الإبداع بين طلبتها الأحبّة. نريد لثقافة التميّز أن تنبثق من الجسم الجامعيّ بشكل طبيعيّ، حدَّ الاعتياد عليها. ونريد لبنات الجامعات وأبنائها أن يكونوا نخبةً متعلمة مثقّفة مطّلعةً، ومؤهّلةً، ذاتَ ذائقةٍ ارتقتْ في سنين الجامعة، وتمّ صقْلُها وبلورتها. نريدهم وقد ازدهرتْ نفوسهم، وباشروا في إنتاج الثقافة، أو أتقنوا التعامل معها بطريقة ناضجة.

نريد للفعل الثقافي الفردي أن يزدهر، ونريد للعمل الثقافي المشترك أن ينمو ويتفاعل، ليصبح في مجموعه سُنَّة يتبناها أبناؤنا، فيصبح جماعياً، ليصبح المنجز بدوره تشاركياً. فعندما يكون الظلام جماعياً وفردياً وعامّاً، لا بد من أنه يكون فعل التنوير فعلا نتواطأ عليه ونتواضع، ونتفق لنستعيد الحياة الاجتماعية الصحيحة (إن لم نقل المثالية) ممن يحاولون سرقتها منّا ولنستعيد حياتنا المعاصرة من براثن من يخططون ويعملون لاغتيالها، بإذن الله.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)