TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التعليم والطبقية الاجتماعية
26/12/2017 - 5:30pm

الأستاذ الدكتور سلامه يوسف طناش ..

أستاذ التعليم العالي / الجامعة الاردنية..

نشاهد لا بل ونعيش – وللأسف – مظاهر حقيقية تتزايد يوما بعد يوم، وتُلقِي صورة قاتمةً بالإشارة إلى عدم المساواة الاجتماعية، والتي يفترض أن يُخفِف أو يلطف من وجودها التعليم، وذلك باعتبارنا مجتمعا قطع التعليم فيه مراحل متقدمة. عدم المساواة ليس فقط في الوضع الاقتصادي؛ أو الدخل الفردي؛ أو الغنى الفاحش والرفاه. بل تعدى ذلك للكثير من مناحي الحياة الاجتماعية والفرص التي يتم توفيرها لأفراد المجتمع، وبشكل متوازن. إذ إن عدم المساواة الاجتماعية بمفهومها الواقعي هو المسؤول عن إضعاف النسيج المجتمعي وبنيته وترابطه، مما يؤثر على طبيعة عمليات التواصل، والتناغم، والتفاهم بين أفراد المجتمع الواحد، ومؤسساته. إذ يشكل إطارا حياتيا يولد لديهم الشعور بأنهم مسلوبي الإرادة، والقدرة على تعزيز المساهمة الفاعلة في بناء وتأطير قوة مجتمعهم وضمن الأدوار الحقيقية ووفقا لقدراتهم. عدا عن ذلك فإن عدم المساواة في التعليم سيؤدي إلى إضعاف النمو الاقتصادي، وتضييع كل جهود القوى البشرية ورأس المال الإنساني، والتمكن من الدعم الحقيقي لبناء المستقبل الذي يسعى إليه المجتمع الأردني. لذا، فإن على المفكرين الذين يسعون لتعزيز الاقتصاد الوطني: أن يأخذوا بعين الاعتبار الشعور بأن الاقتصاد وتطوره يأتي ضمن مفاهيم العدالة الاجتماعية، وأن النّمو الاقتصادي لا يرتكز على فئة اجتماعية دون أخرى. وهنا يأتي دور التعليم والتعلم الحقيقي دون تمييز طبقي. إذ يعمل التعليم إذا ما أحسن توظيفه وبشكل حيوي ونشط على تلطيف وتضييق المسافات للوصول إلى الترابط والتماسك بين جميع مكونات المجتمع، من خلال تأكيد مفاهيم العدالة الاجتماعية. وهنا يكون الحديث عن وجود نظام تعليمي يحقق المساواة التي تنتج فرصا متماثلة لجميع الأطفال والشباب للنجاح والوصول بهم إلى ما يعرف بالتعلم الحقيقي والمرتكز على قدراتهم الفعلية. ولكن يبدو أن النظام التعليمي ومنذ أكثر من خمسة عشر عاما لم يسر بهذا الاتجاه. فهو لم ولا يزال بعيدا عن توفير الفرصالتعليمية المتكافئة. إذ تبقى العوامل الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية تلعب دورا حاسما في تقديم تعليم وتعلم متباين، ووفقا للطبقة الاجتماعية، والتي يبدو أن التعليم قد عمل على تعزيزها بدلا من أن يخفف من حدتها، وبعكس اتجاه ما يهدف إليه التعليم بشكل عام. إن المساواة في التعليم ومخرجاته كانعكاسات تعلمية، ومهاراتية وسلوكية، كانت ولا زالت تشير إلى عدم قدرة النظام التعليمي على تحقيق مفهوم المساواة الاجتماعية كواقع يمكن مشاهدته، أو عيشه. وهذا ما يمكن أن تلمسه ووفقا لمجمل العديد من المؤشرات المحبطة، والتي أخذت بمفهوم الدفع إلى الأمام نحو الخلف. إذ انعكس ذلك وبكل مضامين التعليم في طبيعة الاقتصاد، ونوعيته، ومجالاته بحقيقة لا يمكن تجاهلها. فلا الاقتصاديون قادرون على تلمس المهارات والسلوكيات، ولا حتى المعارف التي يمكن من خلالها بناء الاقتصاد وفق رؤية شمولية للسنوات المقبلة، وكما كانت عليه حقائق السنوات الماضية. والدليل على ذلك أننا لم نسهم ولو بجزئية واحدة ضمن اقتصاديات العالم. إن هناك حجم هائل من الربط بين الاقتصاد والتعليم عبر الزمن، وهذا الربط يبدو جليا واضحا في اقتصاديات المستقبل وللألفية الثالثة، واقتصاديات التقنات التكنولوجية. فالتعليم لم يعد مظهرا شكليا من مظاهر الحياة. فقد يؤدي ذلك إذا ما استمر عليه الحال للإحباط، والسكون الاجتماعي، وأن تبقى الطبقية مبعثها التعليم بدلا من يكون ملطفا لها، ومعززا للعمل والإنتاج، والترابط الاجتماعي. فهل ندرك ذلك، ونعمل برؤية شمولية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار كل فرد في المجتمع، وكل فئاته ومكوناته للوصول إلى الهدف المنشود.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)