TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التعليم العالي في الأردن ...واقع وتحديات
05/12/2017 - 7:30am

مقابلة مع الاستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات/ أستاذ زائر في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
المقدمة : إن تقدم أي مجتمع يعتمد بشكل أساسي على نوعية نظامه التعليمي بكافة مراحله ، وعلى مدى تناغم وتوافق مكونات هذا النظام بمراحله المختلفة : المدرسية والتعليم الجامعي المتوسط والتعليم العالي ، ويعتمد في النهاية على مدى توفير هذا النظام مخرجات تحقق فائدة للمجتمع وتلبي احتياجاته العلمية والاقتصادية والخدماتية.
فالتقدم الاقتصادي في أي مجتمع يشكل احد أهم أوجه الرفاهية لأفراده ، وهذا التقدم يرتبط بمدى تناغم مخرجات النظام التعليمي مع متطلبات سوق العمل .
س1 : إن تطوير التعليم العام ضرورة ملحة لتطوير التعليم العالي ما رأيكم في ذلك؟
ج1) إن إصلاح التعليم بكافة مراحله هو عملية تكاملية تبدأ منذ دخول الطفل إلى رياض الأطفال مرورا بالمرحلة الأساسية والثانوية وصولا إلى التعليم الجامعي بكافة مراحله (الدبلوم، البكالوريوس والدراسات العليا) فالطالب هو حصيلة ما يمر به من خبرات ومعارف خلال شتى مراحله التعليمية حيث أن مخرجات التعليم العام هي نفسها مدخلات التعليم الجامعي.
س2: ما رأيك بأثر نتائج امتحان الثانوية العامة المتدنية في السنوات الأخيرة وأثرها على التعليم العالي في الأردن؟
ج2) لا يخفى على أحد أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لإعادة هيبة امتحان الثانوية العامة قد حققت نتائج طيبة فيما يخص جودة مخرجات هذا الامتحان حيث تم ضبط موضوع الغش والنتائج الوهمية للامتحان وهو الأمر الذي كان له انعكاسات ايجابية على مستوى الطلبة ومخرجات هذا الامتحان مما حسن النوعية ولكن على الجانب الآخر الجانب الكمي للعملية فقد تقلصت نسب النجاح وأعداد الطلبة المتخرجين من مرحلة التعليم العام وانخفضت معدلاتهم مما شكل فئة جديدة في المجتمع هي فئة الطلبة الراسبين بالامتحان أو أصحاب المعدلات المتدنية وهو ما يدعو الحكومة لعمل استراتيجية خاصة لهذه الفئة.
س3: كيف ترى أهمية التعليم المهني في ظل الظروف المحيطة؟
ج3) في البداية فالمقصود بمصطلح التعليم المهني هو مرحلة التعليم التي تسبق التعليم الجامعي وتتلو التعليم الأساسي ويتوجه فيها الطالب لإتقان حرفة أو مهنة معينة ضمن مراكز تدريب تابعه لمؤسسة التدريب المهني وهذه المراكز تخرج ما يسمى بالعامل الماهر وهو من يساعد الفني ويقوم بالعمل بشكل مباشر في إنتاج سلعه أو تقديم خدمة وأهمية هذا التعليم هو أن كثير من الحرف التي يحتاجها سوق العمل والموجودة بكثرة ك(الخبازين ، النجارين ، الحدادين، القصارة وأعمال البناء، الدهان وغيرها ) هي أعمال يتم الاستعانة فيها بالعمالة الوافدة رغم أن هناك مردود اقتصادي للفرد وللدولة من خلال هذه الأعمال يتم استنزافه للأسف وتحويل العملات الصعبة خارج الوطن لتلك العمالة بسبب عزوف الشباب الأردني عن تلك المهن.
ومن هنا فلا بد من تكاتف الجهود الوطنية وتعزيز الشراكة ما بين القطاع العام ممثلا بمؤسسة التدريب المهني ووزارة العمل ودمج الطلبة ضمن إستراتيجية وزارة التربية والتعليم لتعزيز دورهم في الريادة والإبداع والتركيز على المشاريع الصغيرة التي ترفد الوطن وأبناؤه وترفع مستوى معيشتهم.
ومثال ذلك فالاقتصاد الاندونيسي والماليزي الذي بدأ اقتصاد زراعي وتحول إلى اقتصاد صناعي ومن ثم اقتصاد صناعي خدماتي وتحول الاقتصاد الاندونيسي إلى رابع أقوى اقتصاد في العالم فيما بلغت نسبة البطالة في ماليزيا 3% وهي أقل نسبة في العالم، وذلك من خلال المشاريع الصغيرة والاستثمار في المهن والحرف التي تصلح للتصدير بعد تصنيعها .
س4: ما تعريف التعليم التقني وما أهميته وكيف يمكن زيادة نسبة المقبلين على هذا النوع من التعليم؟
ج4) التعليم التقني وهو ما أصبح مصطلحا يتردد كثيرا في الآونة الأخيرة هو مرحلة من التعليم الأكاديمي الذي يتلو مرحلة الثانوية العامة ويتوجه فيه الطالب إلى إحدى الكليات للدراسة لمدة سنتين ويتخرج الطالب من هذه المرحلة كفني متخصص في مجال دراسته.
وتأتي أهمية هذه المرحلة نظرا للحاجة المتزايدة في سوق العمل للفنيين المؤهلين والذين من المفترض أن يشكلوا قاعدة الهرم العمالية وأوسع فئة فيه ولكن للأسف هي في الأردن أقل فئة وتشكل رأس الهرم.
س5: الهرم الوظيفي في الأردن كما ذكرت مقلوب وهناك فجوة بين احتياجات سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي كيف يمكن تقليص هذه الفجوة وعلاج هذه المشكلة؟
ج5: أشكركم على هذا السؤال الذي يحتاجه سوق العمل والخريج فهذه الفجوة هي نتيجة التخطيط غير المدروس في طرح التخصصات داخل الجامعات حيث يفترض أن يطرح التخصص حسب احتياجات سوق العمل المحلي والخارجي وبالتوازي مع رغبات الطلبة وميولهم إلا أنه وللأسف فبعض التخصصات هي أسماء لامعة براقة تخرج للبطالة أفواجا من الطلبة ويجب إعادة النظر فيها من خلال وجوب وجود دوائر لمتابعة الخريجين وأرقام حقيقية لنسب التشغيل بالإضافة إلى ثقافة المجتمع التي تركز على تخصصات معينة على سبي المثال كثير من التخصصات الهندسية والتي يعاني الكثير منها من نسب إشباع وركود مما يسبب بطالة لخريجها .
س6: هناك مشكلة واضحة بالنسبة للعمل لخريجي البكالوريوس وعلى العكس بالنسبة لكثير من تخصصات الدبلوم كيف يمكن علاجها؟
ج6) في البداية فثقافة المجتمع يجب أن تتغير لأن كثير من الطلبة خريجي مرحلة الدبلوم يحضون بفرص عمل أكثر من خريجي البكالوريوس وهو الأمر المنطقي لكن أصبح المتعارف عليه أن يتوجه للتعليم التقني الطلبة أصحاب المعدلات المنخفضة فيما يتوجه للجامعات الطلبة الذين حصلوا على معدلات أعلى حتى وان توجهوا لتخصصات مشبعة وراكدة وليس لها سوق عمل ، بالإضافة أن طالب الدبلوم سيعمل بيده وهناك ثقافة لدى عدد لا بأس به من الشباب بضرورة أن تكون الوظيفة ذات طابع مكتبي حتى وإن كان مردودها المالي أقل.
س7: ما هي أساليب علاج العجز المالي للجامعات الأردنية؟
ج7) العجز المالي هو واقع تعاني منه معظم جامعات العالم التي تنفق على البحث العلمي فدور الجامعة هو ليس تجاري أو ربحي ولكن هو دور تنموي تعليمي ولكن الغريب في العجز المالي لدى الجامعات الأردنية هو أن الإنفاق ليس على الأبحاث وإنما على الكادر المتضخم بشكل غير مبرر سواء أكان أكاديمي أو إداري ، فالتعيينات بأغلبها كانت بشكل شخصي ودون أساس واضح ولا حاجه فعلية للتعيين مما جعل الميزانية تستنزف للرواتب بالإضافة إلى الرسوم الجامعية التي لا تغطي العملية التعليمية ولا تفي بمتطلبات تلك العملية ، والعلاج هو من خلال استثمار الموارد المالية للجامعات وتوظيفها التوظيف الصحيح والتركيز على التدريب واستقطاب الطلبة الوافدين والحصول على دخل بالعملات الصعبة .
س8: ما رأيك بنظام التعليم الموازي في الجامعات؟
ج8: النظام الموازي هو عبارة عن تعليم خاص داخل الجامعات الحكومية لرفد خزينتها وتعويض النقص المالي ولا داعي له في حال كانت الجامعات مكتفية ماليا لأنه في الظاهر تعليم مدفوع الأجر ولكن مسوغات هذا النوع من التعليم هو أن الجامعات تسد فيه جزء كبير من احتياجاتها بالإضافة إلى رفع رواتب العاملين في الجامعات مما يحد من هجرة العقول والأدمغة إلى الخارج خصوصا ان أوقات الدوام طويلة ورواتب الجامعات الأردنية تقل كثيرا عن نظيراتها الخارجية .
س9: كيف يمكن استقطاب الطلبة الوافدين وما أثرهم على مؤسسات التعليم العالي؟
ج9) الطلبة الوافدين هم مورد مالي هام للجامعات ومدى قوة النظام التعليم ومستوى الجامعة يساهم بشكل فاعل في استقطاب هؤلاء الطلبة والسمعة الطيبة تتأتى من خلال الكوادر التدريسية المتميزة والبنية التحتية والخدمات المقدمة للطالب بالإضافة إلى خطة تسويقية للسياحة التعليمية في الأردن ويعزز ذلك المناخ الأمني المستقر.
س10: هناك توجه لدى الوزارة لإلغاء نظام التجسير ما رأيك به ؟
ج 10: انا مع تخفيض أعداد الطلبة المجسرين وهو باب للطلبة الذين لديهم طموح في الانتقال لدراسة الهندسة وغيرها ولكن الشكل الحالي للتجسير يجعل الدبلوم ممر وليس نظام تعليمي مستقل يخرج فنيين ومتخصصين في مستوى الدبلوم مما يوجب تغيير سياسة التجسير برفع المعدل وتقليل النسبة .
س11: النظام المؤسسي في الجامعات وطرق تفعيل مجالس الجامعة؟
ج11) يجب تفعيل هذه المجالس وتحويلها من مجالس شكلية إلى مجالس فعلية ضمن صلاحيات كل منها ترسيخا لمبدأ الحاكمية وسيادة القانون ولكن للأسف ما زالت كثير من هذه المجالس موجهة ولا تخدم أهداف وسياسات الجامعات.
س12: ما أهمية وجود استقلال مالي وإداري للجامعات وأثر ذلك على جودة النظام التعليمي؟
ج12: الجامعة كيان له خصوصيته يحتاج للدعم الحكومي ليقوم بواجبه خير القيام ولكنه يجب أن يحظى بالاستقلالية في القرارات المالية والإدارية وأنا أؤيد إخضاع التعيينات الإدارية لديوان الخدمة كما اتخذ مؤخرا قرار بذلك وهو ما يعزز استقلاليتها والتركيز على النوع .
س13: هل تؤيد التوجه للقبول المباشر في الجامعات الرسمية بدلا من القبول الموحد؟
ج13) نعم بالتأكيد هناك ضرورة ملحة للتحول للقبول المباشر ووضع أسس قبول لكل جامعة حسب طبيعتها وخصوصيتها وذلك من أجل تعزيز التنافسية بين الجامعات الحكومية وتباين جامعة عن أخرى.

س14: هل تؤيد تغيير أسس القبول في الجامعات الخاصة ؟
ج: لا بد من إعطاء القطاع الخاص دوره وتشجيعه لرفد سوق العمل بالخريجين المؤهلين وتشجعيه ووضع السياسات التي تخدمه بالتوازي مع السياسة الحكومية للجامعات الرسمية في الأردن. وذلك من خلال:
1) تثبيت المعدلات
2) توجيه هذه الجامعات نحو التخصصات التقنية بما يناسب احتياجات سوق العمل
3) المحافظة على معايير الاعتماد والتشديد عليها.
4) عمل خصومات وإعفاءات لهذه الجامعات لتعزيز دورها.
س15: الشراكة ما بين القطاع العام والخاص وأثره على توفير فرص العمل؟
ج15 : لا بد من ان تكون علاقة القطاعين العام والخاص علاقة تكاملية مبنية على أساس التعاون المشترك وعقد الشراكات التي تخدم مصلحة القطاعين العام والخاص وأضف الى ذلك اهمية الشراكات الدولية والمشاريع الاقليمية التي ترفد الوطن بالخبرات .
س16: تصنيف الجامعات محليا وعالميا وأثره على مستوى التعليم في الجامعات؟
ج16: بالتأكيد إن مدى موائمة التعليم العالي في الجامعات للمعايير والضوابط الدولية والعالمية سيجعل من هذه الجامعات مقصدا للطلبة العرب والأجانب الراغبين بالدراسة ويرفد خزينة الجامعات بالموارد المالية والاهم من ذلك انه سيرفع مستوى الخريجين بما يليق وسمعة الجامعة ويسهم في تقدمها .
س17: بماذا تنصح الطلبة الذين أنهوا امتحان الثانوية؟
ج17 :انصح جميع الطلبة بالتوجه للتخصصات التقنية وتجنب التخصصات الراكدة والعناوين اللامعة والبراقة والعمل على ترسيخ ثقافة ان طالب الدبلوم هو فني متخصص وليس بالضرورة له التجسير.
س18: هل تعتقد أن الجامعات الأردنية قادرة على المنافسة؟
ج18 بالتأكيد وهي تنافس فعلا ومستواها والحمد لله متقدم

س19: ما مقترحاتك لإصلاح التعليم العالي ؟
1) تحديث نظم وأساليب الدراسة الجامعية : أثرت تكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلي بشكل جذري على نظم وأساليب التدريس الجامعي مما دفع الجامعات إلى مساعدة الطلاب على اكتساب مهارات التعلم وخاصة أساليب التعلم الذاتي، واهتمت بالتنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس لتحسين فعالية وكفاية الطالب والجامعة.
توجيه البحث العلمي بالجامعات لخدمة المجتمع وحل المشكلات..2
3) جودة التعليم العالي: تبني الاتجاه بضرورة تقويم أداء الجامعات ووضع نظم للاعتماد لتحقيق الجودة والفاعلية في النظام الجامعي. والتي تهدف إلى رفع الفاعلية والمرونة والقدرة التنافسية للجامعة ..
أهم أفكار التطوير :
(1 تعاون ومشاركة الأطراف ذات العلاقة في عملية تخطيط وتطوير التعليم العالي (وزارة التعليم العالي، وزارة التخطيط، وزارة التربية، رجال الأعمال ، الغرف التجارية والصناعية)، ومن ثم الوصول إلى القرارات التخطيطية للتطوير والآليات المناسبة لتنفيذها.
2) الأخذ بمنهج إدارة الجودة الشاملة في إدارة مؤسسات التعليم العالي ومن ثم تحقيق رفع كفاءة الأداء بهذه المؤسسات والقيام بوظائفها ( إعداد القوى البشرية، البحث العلمي، التنشيط الثقافي والفكري العام ) بصورة مرضية.
3) تحديث عمليات الاتصال والإدارة في المؤسسات التعليمية من خلال الأخذ بمنهج المؤسسة الإلكترونية، ومن توفير المناخ الملائم لانضباط العملية التعليمية وانطلاقها لتواكب العصر.
4) الاهتمام والعناية ببرنامج التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونتهم باعتبارهم الأداة الحقيقية لتفعيل كافة أشكال ومداخل التطوير، وتحقيق التأهيل المرغوب للطلاب وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لإدارة التنمية.
5)إعادة النظر في المناهج الدراسية الحالية بمؤسسات التعليم العالي، والعمل على تغييرها أو تعديلها لتواكب التنمية، وأيضاً التركيز على استخدام الوسائط المتعددة في عمليات التدريس الجامعي .
6) الاستفادة من تقنيات التعليم عن بُعد وتبني الجامعات المفتوحة، مما يعطي فرصة أكبر للراغبين في التعلم، علاوة على تحسين مستويات التدريس والتعليم.

7) التأكيد على ضرورة ارتباط التعليم العالي والجامعي بحاجة العمل في عملية مستمرة وتحقيق التكامل بينهما، وذلك من خلال تدريب القوى البشرية بعد تأهيلها، ومن ثم تكامل الإعداد والتدريب كوظيفة رئيسية لمؤسسات التعليم العالي في ظل مفهوم التربية المستمرة.(الحوار المتمدن)
8) عمل امتحانات كفاءة معرفية ووجوب تضمين نتيجتها في كشف علامات الخريج الجامعي.
س20: ما رأيك بامتحان الكفاءة الجامعية ؟
هو امتحان لا بد منه لقياس مستوى الجامعات كما هو حاليا وقياس مستوى الطلبة .
س21: النظرة المستقبلية للجامعات؟
يجب تفعيل مجالس الجامعات والكليات واللجان لمأسسة العمل وإعادة النظر بمعايير قبول الطلبة والاستثناءات والبحث عن الاستثمار والطلبة الوافدين وزيادة الدعم الحكومي والبحث عن الشراكات الدولية والتركيز على البحث العلمي ومشاريع التخرج ومعايير الاعتماد والتوجه نحو الطاقة المتجددة وإعادة النظر بالخطط والبرامج والتخصصات التي تطرحها الجامعات.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)