TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التأهيل المسبق لأعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي الأردنية ضرورة تأخرت طويلاً
12/12/2016 - 1:45pm

طلبة نيوز:
د. محمد الوديان

كلية الهندسة - جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
جلَب التوسع غير المسبوق في التعليم العالي الذي شهدته المملكة الأردنية الهاشمية خلال العقود القليلة الماضية وما رافقه من دخول أعداد كبيرة من الطلبة الأردنيين وغير الأردنيين لمؤسسات التعليم العالي وما تطلبه ذلك من دخول أعداد كبيرة من أعضاء هيئة التدريس من الأردنيين وأيضاً غير الأردنيين من كل التخصصات وحمَلة مختلف الدرجات المتخرجين من مختلف مدارس التعليم الجامعي من كافة أصقاع الأرض في سلك التعليم العالي الأردني, نقول جلب ذلك كله وغيره تغيرات كبيرة ترجمت نفسها إلى تحديات حقيقية جمة كان من الأفضل والأيسر لو تم التعامل معها في وقت مبكر من هذا التوسع الكبير الذي مضى عليه الآن سنوات عديدة. وبعكس ما قد توحي به هذه المقدمة للقارئ الكريم, فإنني لا أرمي في هذه المقالة التعرض للتغيرات التي حصلت في التعليم العالي الأردني نتيجة التوسع المشار إليه أعلاه, لكنني لدي كل النية الإلتزام بالجانب الوارد في عنوان هذه المقالة والمتمثل بضرورة التأهيل المسبق لأعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي الأردنية والذي يمثل واحداً أعتقد جازماً أنه من أهم أوجه التحديات ومواطن الضعف في منظومة التعليم العالي الأردني برمته.
بدابة, ربما علينا أن نعترف بأننا اعتدنا إلى درجة الإدمان سماع وتكرار شكوى وتذمر أعضاء هيئة التدريس من الطلبة وخصوصاً في سنوات ما بعد التوسع في التعليم العالي الأردني والتي يتسم بعضها بطبيعة الحال بالمصداقية, إلا أنه ومن المفارقة أننا في ذات الوقت أغفلنا - وما زلنا - النصف الآخر من الصورة والمتمثل بشكوى الطلبة وتذمرهم المرير من بعض مدرسيهم على المستويين المهني وبنفس الأهمية الشخصي فخرجت الصورة مبتورة مشوهة وغير مكتملة. وهنا لا بد من التأكيد أنني لست في طور إلقاء اللوم على طرف, فليس هذا المقصود, وإنما في خضم تحليل أراه منطقياً ومشخصاً للواقع.
لعلي أستطيع أن أجزم أن الإنتقال المباشر من صفة طالب (دراسات عليا) إلى الصفة الجديدة - عضو هيئة تدريس في مؤسسة تعليم عالي - ومن دون مقدمات يمثل نقلة كبيرة وصعبة بالنسبة للكثيرين من المعنيين يترتب عليه تبعات سلبية كبيرة لعل من أهم تجلياتها شكوى الطلبة ومعها شكوى أعضاء هيئة التدريس أيضاً المشار إليهما في الفقرة السابقة! وأدعي هنا أن معظم هذه السلبيات يرجع إلى عدم التأهيل الكافي المسبق, مع التركيز على كلمة المسبق! وكي نجعل من هذا الإنتقال عملية أكثر سلاسة وأكثر نجاحاً على المدى المهني الطويل للشخص, أرى أنه ينبغي المرور بمرحلة انتقالية يتم استغلالها كما أود أن أقترح هنا في تأهيل وتدريب القادمين الجدد إلى الأكاديميا في الجوانب المهنية والشخصية ذات الصلة قبل انخراطهم في هذه المهنة الجليلة والحساسة. ولمزيد من التوضيح لما أرمي إليه ولتحقيق أفضل النتائج, ينبغي أن يتم التأهيل بعد التخرج مباشرة وعلى مدى فصل دراسي كامل يسبق دخول الأكاديمي إلى الحيز التدريسي. وفي حال تعذر ذلك, ربما يتم التفكير, على سبيل المثال, بالفصول الصيفية الثلاثة الأولى من التعيين لإتمام المهمة, ذلك أن الفترة الأولى من دخول مجال التدريس في التعليم العالي هي الحاسمة والأكثر صعوبة والتي تترك أثراً بعيد المدى على مسيرة الأكاديمي المهنية. ولا يكتمل السيناريو الوارد هنا دون وضع إطار تشريعي وهيكيلة إدارية تنظيمية حيث نقترح دراسة إمكانية تأسيس مركز وطني متخصص لهذه الغاية يتم توطينه في هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تكون مهمته الإشراف على وتنفيذ عمليات التدريب إضافة لوضع معاييير محددة وقابلة للقياس للحكم على مدى نجاح وفعالية التجربة, ... إلخ.
ولا يمكن الحديث والخوض في مثل هكذا فكرة دون المرور بمزيد الإعجاب والتقدير على ذكر أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين والتي كانت نتاج الإهتمام الشخصي المباشر لجلالة الملكة رانيا العبدالله وتنفيذاً لرؤية جلالتها للإرتقاء بنوعية التعليم حيث يمكن الإستفادة بشكل كبير من تجربة هذه الأكاديمية الرائدة مع وعينا باختلاف مجالات التأهيل والتدريب عند تناول ذات المجال في مؤسسات التعليم العالي التي ركزت تقليدياً على التعليم وهي الرافعة الأهم إضافة إلى جوانب البحث العلمي والشراكة مع المجتمع. إلا أنه وفي خضم المخاضات الكبيرة التي تحصل في العالم العربي لا بد من إضافة بعد جديد هو غاية في الحساسية ويشكل دافعاً قوياً لفكرة تأهيل الأكاديميين المطروحة هنا والذي ينبغي أن يحتل مساحة ملائمة في محتوى التدريب. ويتجلى هذا البعد بحقيقة أن الأكاديميين يتعاملون مع فئة عمرية ومجتمعية تشكل الهدف الأول والأكثر عرضة للتحولات الفكرية والسلوكية السلبية المدمرة من قبل المجموعات التخريبية بمختلف أشكالها وتوجهاتها ليتمكن الأكاديمي من لعب دوره الصحيح في تأهيل وتحصين شبابنا إناثاً وذكوراً وهم عدة الأمة وسبيل نهضتها.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)