TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الإرهاب ليس فكرا بشريا
04/02/2015 - 11:15pm

طلبه نيوز

الإرهاب ليس فكرا بشريا

كيف نحمي أبناءنا من الفكر التكفيري!

إنَّ سفك الدماء ليس فكرا بشرياً، وإنَّما هو فكر العصاة من الجن ومردة الشياطين ، وقد ساد هذا الفكر أهل الأرض، قبل أن يقضي أمر الله بهبوط آدم أبي البشر (عليه السلام) عليها ، حيث كانت الأرض مرتعا للجن ، فسفكوا دماء بعضهم بعضاً ، وأجروا الدماء أنهارا على سطحها ، فدنسوها بعد خلقها طاهرة مأمونة خاضعة لأمر خالقها ، فحشرهم الله في الجزر النائية والخرائب الخالية المهجورة إلى يوم القيامة عقابا على استباحتهم القتل وسفك الدماء؛ لأهون الأسباب دون أي وازع من ضمير، أو رادع من خلق ودين ، فاستبدلهم الله بني آدم خلائف رغبةً منه سبحانه و تعــــالى: لإعمارها بعد خرابها وتطهيرها من الدماء والأرجاس بعد إفسادها ، فقالت له الملائكة كما ورد في محكم التنزيل : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " (30 البقرة) لعلمهم بها فيما مضى من أحوالها مع الجن ، فقال لهم رب العزة : " إني أعلم ما لا تعلمون " (30 البقرة ) .
والإرهاب والقتل والترويع والتمثيل بالقتلى وتصوير هذه الجرائم وبثها على الملأ، ويستطيع أن يراها الصغير والكبير والمرأة والشيخ والطفل؛ لأنَّه يعمل على وقف حراك البشر، وتعطيل عجلة الحياة الإنسانية التي قضى الله أن تسير على ما طبعها الله عليه، وإلى ما شاء حتى يرث الله الأرض وما عليها بما فيهم أنسها وجنها، وإليه ترجع الأمور فيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون ، " فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام " (47 إبراهيم ).
إن خير ما نهتدي به ونحتكم إليه في أمر هولاء الإرهابين ؛ فكرهم ، وأفعالهم كتاب الله المحكم ، تنزيل من رب العالمين :" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " (42 فصلت)، ليحكم على فساد عقولهم وسوء مذهبهم ، فالقرآن مائدة الله على الأرض يأخذ الناس منه ما يصلح أمورهم ، ويقيم أودهم ويجبر عثرتهم , ولا تنقضي عجائبه إلى يوم القيامة .
والإسلام خاتم الأديان السماوية ،جاء به الله في آخر الزمان دستوراً صالحاً لعباده الذين اجتباهم للعمل به بعد فهم آياته وإدراك معانيه دون لي أعناق النصوص أو تمحُّل في تأويله وحمله على فطرة الله التي فطر الناس عليها، وفي ضوء هدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وسنته في عترته، وأهل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين , والقرآن آخر الكتب السماوية الموحى بها من السماء على يد روح القدس الأمين جبريل (عليه السلام ), وقد أُجمع في القرآن الكريم روح الكتب السماوية السابقة , ولم يختلف معها إلا في الفروع , فالأديان جميعها صدرت من مشكاة واحدة مع فارق خصوصيات الشعوب التي نزلت عليها ، وفارق ظروف الزمان وأحوال المكان .
فا لنحاكم فكر الإرهابيين وأهدافهم . فالظاهر من أهدافهم في ضوء أفعالهم هو المكر بالآبرياء العزل للعمل على ترويع الآمنين من النساء والأطفال الرضع والشيوخ الركع ، يسفكون دماءهم البريئة العزيزة على خالقها ، يدمرون كل ما تطاله أيديهم ،يحوكون خططهم مستترين متولين عن الأنظار في جحورهم :" وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد " (205 البقرة).

إنَّهم ينطلقون من فلسفة شائنة كاذبة خاطئة، يكفرون بها عباد الله الذين يقيمون الصلاة و يأتون الزكاة و يركعون مع الراكعين، فما هو ذنبهم ؟ و ما هي جريرتهم ؟ تحكمون عليهم بالموت بطريقة وحشية تأباها الوحوش البرية، نحن الأردنيين الذين نحمل هموم الأمة ونتفاعل مع قضاياها بكل صدق و مسؤولية، لم نتآمر على عربي قط، ولم نسع لكسب مواقف سياسية ،على حساب ديننا وقوميتنا و عروبتنا - و الكلام هنا ينساق على الأردن شعباً و حكومة و قيادة وقوات مسلحة، فلم نرسل جيشنا مع الذين أرسلوا جيوشهم لمحاربة أشقائنا ، وأطلقت قيادتنا آنذاك صيحات مدوية محذرة من نتائج ما سيحصل في المنطقة ، حيث تحولت منطقة الشرق الأوسط إلى وكر ومنطلق للإرهاب يجد فيها كل مذهب دفن، وكل جماعة متطرفة خبا نجمها؛ مثل القداحين و القرامطة و الحشاشين وغيرهم، فرصة للظهور في ظل الإحباط الذي أصاب الناس ، و تهافت القيم و المنظومات الفكرية و الثقافية و الاجتماعية في المنطقة من جراء ما يحدث في العراق وسوريا.
هذا الفكر التفكيري الإرهابي الذي يشيع اليوم في بلاد العرب، مصدره ليس بشريا، وإنَّما يوحي به لبعض البشر من قرنائهم من الجن و الشياطين؛ فينشرونه بين الناس و يزينونه لهم ليخرجوهم من إنسانيتهم، فنقرأ في محــــكم التنزيل : " وقيضنا لهم قرنآء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين " (25 فصلت)، وبذلك تسلب إرادة أتباعهم من البشر، وتتوقف فعاليات عقولهم ويصبحون خدما منفذين لأوامر قرنآئهم من الجن والشياطين ، يلوذون معهم بالظلام يحيكون به مكائدهم وينمون به مذاهبهم ، يزينون حججهم لإقناع البسطاء والسذج من الناس الذين عُميت عيونهم عن نور الحق والهداية واستنكفوا عن عبادة ربهم :" ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " فران على قلوبهم اليأس والظلام والتطرف، و تحولوا إلى عبدة للجن، ومن ثم يتم نقلهم من الحياة الآدمية إلى حياة الجن في الخرائب والأقبية المظلمة ، كما هم الآن، لايشاهدون في النهار وإنما يبقون متلفعين بالظلمة، مستترين عن الأعين محشورين مع قرنآئهم، مخلصين لهم ومستمتعين بهذه الرفقة ,فنقرأ في محكم التنزيل :" ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا " (182 الأنعام) .
إن هذه الفئة الضالة المضلة قد تجذر فيها الإرهاب وتأصلت فيها الرغبة في إراقة الدماء ؛ و لهم في التاريخ أنساب و أسلاف، لم يراعوا حرمة دماء المسلمين حتى في بيت الله الحرام، فهذا أبو طاهر القرمطي؛ بعد أن نشر الخراب في جنوب العراق و بادية الشام يوافي سنة 317 هجري مكة في يوم التروية و الحجيج يهللون و يلبون، فقتل الحجاج قتلاً ذريعاً في فجاج مكة و دخل البيت الحرام و هم متعلقون بأستاره , و يقال إنه قتل منهم نحو عشرة آلاف ، طرح كثير منهم في بئر زمزم ، وعرى البيت من كسوته و قلع بابه، وقلع الحجر الأسود و أخذه معه إلى عاصمته " هجر " حتى رد إلى موضعه في عهد الخليفة المطيع سنة 339 هجرية، و يقال أنَّه كان زنديقاً لا يصلي و لا يصوم، ولا يؤدي فرائض الإسلام ( الهمذاني ص 62, و النجوم الزاهرة 3/224)
فما العمل مع هؤلاء فإذا ناقشتهم قالوا بإصرار نحن على الحق و الآخرون على الباطل، و أنَّهم هم المصلحون : " و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون " ( 11 البقرة ) , و قد رافقوا الجن و استنكفوا عن عبادة خالقهم و استكبروا : " و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " ( 36 الزخرف )

و بأي آلية نتعامل معهم ! و كيف نحمي شبابنا من فكرهم التكفيري !؟ بعد أنْ بان للجميع صعوبة ردهم إلى الحق و العقل والدين، فما من طريقة لإصلاح هؤلاء إلا القتل و الحشر و التنكيل : " فوربك لنحشرنهم و الشياطين " ( 68 مريم ) .
ونأمل نحن وغيرنا من شعوب المنطقة؛ المساعدة من كافة شعوب العالم وحكوماتهم وجيوشهم أن تسهم في محاصرة هؤلاء المتطرفين الزنادقة، وإخراج مرجعياتهم المارقة من جحورها حيث يدفع قائد البلاد بهذا الاتجاه بقوة و ثقة عالية لمعالجة الأوضاع الأمنية أولاً ومحاربة الكفر والضلال مسوق بإرادة الله بأن لا نسكت و لا نيأس و لا نستكين عن التصدي لهم بكل المتاح من القدرات

مستمدين العون من العزيز الجبار : " و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض و لكن الله ذو فضل على العالمين " ( 251 البقرة ) .
فالإنتماء الصادق و أخذ الحيطة و الحذرلنكون جميعاً سياجاً منيعاً للوطن و بتكاتف الجهود و التعاون مع الأجهزة الأمنية و الإستخبارية مع الدول العربية المجاورة، والصديقة نتخلص من جذور هذا البلاء في حشرهم أولاً في الزوايا : " احشروا الذين ظلموا و أزواجهم و ما كانوا يعبدون " ( 22 الصافات ) عزروهم و أكشفوهم أمام الملأ و تتبعوهم في كل مكان وأرصدوا لهم كل طريق واحشروهم حتى تتشقق الأرض عنهم و تخرجهم إليكم، وتسلمكم مقاليدهم أذلاء مقيدين؛ تنفذون حكم الله فيهم، وإنَّ الله ناصر المؤمنين : " يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً و ذلك حشر علينا يسير"( 44 ق )
و بتفعيل دور الجامعات و الجوامع و المدارس و الإعلام حيث النور و الفكر و العقلانية و الوسطية و البعد عن التطرف، نحمي عقول شبابنا و نحيطهم بسياج من الانتماء الصادق للوطن و نعزز فيهم القيم الإنسانية التي نادى بها ديننا الحنيف للاحتراز من أوهام و شعوذات و رقى هذا الفكر الشيطاني الفاسد من خلال مساقات جامعية أو نشرات دورية تعرف بجرائم هذه الفئات عبر التاريخ و تكشف زيف مذاهبهم و تعري مقولاتهم و تبطل مفاسدهم و تسفه حججهم و تطفي نارهم بمدد من الله القوي القدير : " كلما أوقدوا نار للحرب أطفأها الله و يسعون في الأرض فساداً و الله لا يحب المفسدين "( 64 المائدة ) .
و يجب أن تبدأ التوعية لخطورة فكرهم و وهم الانسياق خلفه من البيت و المدرسة و الجامع و الجامعة ، والإعلام الهادف الذكي المتخصص الذي يستطيع أن يصل إلى عقول الناشئة؛ يخاطبهم بالحجة و المنطق والتجربة، و بمقدورنا أن نتخلص منهم و ليس ذاك بعيدا ، كما تخلص المسلمون من شرورهم في الماضي بوعي الناس و حكمة الدولة و مقدراتها في التصدي لهم بصدق و أيمان و اقتدار و احتراف، و هو وعد الله للصادقين المؤمنين من عباده : " و عد الله الذين أمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا " ( 55 النور )

ولن يحققوا أهدافهم بجريمتهم النكراء بقتل الأسير الطيار الأردني العربي المسلم الشهيد معاذ الكساسبة، بهذه الطريقة البشعة التي تأباها كل القيم البشرية على شتى مذاهبها، حيث جمدت قلوبهم وتحجرت عواطفهم، وصمت آذانهم عن نداءات والدته المكلومة، وكلمات أبيه المجروح، وصيحات الأطفال الرضع والشيوخ الركع في كل مكان؛ فأسرة الشهيد أفاقوا من صدمتهم، وتجاوزوا خوفهم وحزنهم، وأخذوا يجمعون عشائر، المملكة حول القيادة والقوات المسلحة الباسلة، التي لن تجر إلى أوهام بتحقيق نصر قريب انتقاما وأخذا بالثار إلى حرب برية لا يعلم نهايتها إلا الله، القيادة الأردنية قيادة عقلانية ستحتفظ بالرد المناسب في حينه .

و بالله التوفيق و الهداية

د . احمد المشرف الحراحشة / جامعة آل البيت
aalmishrif@aabu.edu.jo

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)