TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأسئلة الموضوعية!
28/02/2017 - 5:45am

طلبة نيوز- د.يعقوب ناصرالدين

هل من المعقول أن نناقش أوضاعنا الداخلية بمعزل عن موقعنا في الإقليم بما يشهده في صراعات إقليمية ودولية، وما يمكن أن نواجهه من تحديات ومخاطر قد تنجم عن العمليات العسكرية على حدودنا الشرقية والشمالية، فضلا عن تداعيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وغير ذلك من أزمات عالمية آخذة في التعقيد والتصعيد، قد لا تبدو ظاهرة للعيان؟.

ثلاثة مستويات من التعامل مع تلك الحقائق تبدو المسافات فيها متفاوتة في درجات المسؤولية، وفي القدرات أيضا، فهل يمكن في نطاق النقاش تجاهل المستوى الأول من المسؤولية حين يجد جلالة الملك نفسه مضطرا للتعامل مع التوازنات الإقليمية والدولية التي تحولت إلى صراع ميداني، وعمليات عسكرية على أرض العراق وسوريا، بعضها على تماس مع حدودنا وخاصة الشمالية؟!

الخارطة تتغير من حولنا، وشكل الجوار الأردني لم يعد ثابتا، ونحن وحدنا نصون حدودنا على جميع الجبهات، حيث تقف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية على أهبة الاستعداد، فهل لا نسأل أنفسنا عن عظم المسؤولية التي يحملها الجيش في هذه المرحلة الحساسة التي يتحدد فيها مصير منطقة بأكملها، وذلك هو المستوى الثاني من المسؤولية.

أليس من الغريب أن ننظر إلى المستوى الثالث من المسؤولية، والمتمثل في إدارة الشؤون الداخلية، وكأنه المعضلة التي لا حل لها، والمشكلة المنعزلة عن الواقع الذي تعيشه المنطقة والعالم، فنختزل الأردن في نقاش غير موضوعي حول سداد عجز في موازنة الدولة، ويتحول الخلاف على الإجراءات الحكومية لسد العجز وكأنه صراع داخلي على لا شيء؟

قدر معقول من الموضوعية يمكن أن يقودنا إلى فهم الحقائق كما هي، فما أقدمت عليه الحكومة من تعديلات على الضرائب والرسوم والأسعار لا يتعدى مجرد حسبة عادية لزيادة الإيرادات بهدف سد العجز، وإذا كان السؤال يتعلق بما إذا كانت تلك الإجراءات قد مست أو لم تمس الفقراء ومتوسطي الدخل أم لا، فالجواب نعم، وأضيف والأغنياء أيضا، أي الشعب كله، وإلا كيف لا يتأثر الجميع بأزمة اقتصادية يمر بها بلدنا، في ظل ظروف استثنائية غير مسبوقة في المنطقة والعالم كله؟

وفي مثل هذه الحالة، وعلى مر تاريخ الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الدول، هل تكون الحكومات وحدها مسؤولة عن حل الأزمات أم المجموعات الوطنية كلها، والشعوب كذلك، فتعيد ترتيب أولوياتها، وتتفاعل مع المجهود الوطني من خلال عمليات التضامن في إطار المسؤولية المجتمعية، وتخفيض النفقات عن طريق التقشف، وتغيير السلوك والنمط الاستهلاكي، وغير ذلك مما يساعد على تخفيف الأزمة تمهيدا لحلها؟!

وأين المواجهة الموضوعية مع النفس، ونحن لم نستطع ولو لمرة واحدة أن نجيب على أسئلة يطرحها علينا الزائرون، كيف تتحدثون عن البطالة والفقر وانعدام فرص العمل ولديكم ما يزيد عن مليون عامل أجنبي، وأنتم تحتلون كذلك أعلى مرتبة بالنسبة والتناسب لمستخدمي الهواتف النقالة، وكم يصبح السؤال صعبا عندما يتعلق بالفوارق الكبيرة في مستوى المعيشة من حي إلى حي، ويكون الجواب أكثر صعوبة عندما يتحول إلى تبريرات غير مقنعة؟!

الأسئلة الموضوعية، أي المجردة من كل غاية ذاتية، تحتاج إلى أجوبة موضوعية تعتمد على الحقل والحقيقة، ونحن أحوج ما نكون إلى الموضوعية، وإلا سنظل ندور في فلك النقاش العقيم الذي لن يقودنا إلى أي اتجاه، ويجعل اللغة بيننا جافة، فارغة من المعاني، باعثة على اليأس والفشل، وعندها من يحاسب من؟!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)