TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأردن على عتبة إنتاج "اليورانيوم"
07/12/2014 - 11:45pm

طلبة نيوز-

كشف متخصصون أن اليورانيوم يغطي مساحات شاسعة من أراضي المملكة، رغم انه يتركز في وسطها بكميات واعدة وبتراكيز تضاهي المستويات التي ترنو الشركات العالمية إلى الاستثمار فيها، ما يمكنه من إنتاج "الكعكة الصفراء".
ويعتبر المتخصصون أن اليورانيوم الأردني يمكن أن يصبح بعد استغلاله تجاريا ثروة اقتصادية، تساعد على التخفيف من الأعباء المتزايدة للطاقة المستوردة وتحقق للمملكة سيادية واعتمادية ذاتية على مواردها المحلية.
لكن، ما تسعى الدولة الأردنية إلى انتزاعه في المحافل الدولية هو حقها في تخصيب اليورانيوم تماهيا مع الحالة الفيتنامية.
ورغم التسليم بكمية اليورانيوم الا انه هناك من يشكك في تراكيزه التي لا تشكل جدوى اقتصادية فيما يسعى آخرون الى رفع قياسات تراكيز اليورانيوم بشكل كبير. والكعكة الصفراء هي يورانيوم مركز مسحوق غير قابل للذوبان في الماء ويستخدم لإعداد وقود المفاعلات النووية.
 اليورانيوم ثروة استراتيجية
واعتبر رئيس هيئة الطاقة الذرية، الدكتور خالد طوقان، أن خامات اليورانيوم في الأردن ثروة استراتيجية واقتصادية تحقق للأردن مستقبلا المصدر الاساسي للمواد الخام اللازمة لوقود المفاعلات النووية.
وبحسب طوقان، تشير الدراسات التي أجريت في مناطق وسط الأردن الى وجود نحو 65 ألف طن من اليورانيوم، وهي كمية تسد احتياجات الأردن لتسعين عاماً في توريد الطاقة.
وأكد طوقان ان هذه المنطقة لا تشكل سوى جزء بسيط من المساحة التي تشير الدلائل الى انها تحتوي على اليورانيوم، مضيفا أن "كل الصحراء الجنوبية في الأردن تحتوي على اليورانيوم".
ووفق طوقان، فسيساعد هذا الخام على تحرير الدولة من كلفة استيراد الطاقة التي باتت تتجاوز ملياري دولار سنويا، ما سينعكس على الميزان التجارية من جهة، ويحقق للأردن اعتمادا ذاتيا من جهة اخرى لان هذا الخام سيستخرج من اراضيه.
كما سيؤدي استغلال هذه الخامات، بحسب طوقان، إلى عمل صناعات وتطوير تكنولوجيات خاصة به في المملكة، مؤكدا أن تراكيز اليورانيوم في هذه المناطق ضمن المعدلات التي تسعى الشركات العالمية المتخصصة للاستثمار فيها.
رفع تراكيز اليورانيوم 
من جهته، قال مدير عام شركة تعدين اليورانيوم الأردنية، الدكتور سامر قاهوق، ان الشركة تعمل حاليا على رفع قياسات تراكيز اليورانيوم في المملكة من تأشيرية إلى تخمينية، كما تعمل في الوقت ذاته على اكمال دراسات استخلاص اليورانيوم من الخام الأردني؛ حيث طرحت في هذا الخصوص عطاء لمحطة ريادية لاستخلاص اليورانيوم في منطقة سواقة وسط المملكة والتي تتركز فيها توضعات اليورانيوم لتقوم بمعالجة كميات أكبر من التي تتم معالجتها حاليا في المختبرات.
ويتوقع تشغيل هذه المحطة، وفق قاهوق، في الربع الأول من العام المقبل؛ حيث ستكون هذه المحطة مخصصة لاستخلاص اليورانيوم من الخامات الموجودة في مناطق وسط الأردن وبكميات محدودة لاغراض تجريبية، مؤكدا ان الكميات المستخلصة من هذه المحطة لن تصل إلى المستويات التجارية.
أما المحطة الثانية، فسيتم إنجازها خلال 4 إلى 5 سنوات، وستكون تطبيقية لانتاج كميات من اليورانيوم تصل من 300 إلى 400 طن، يتم رفعها مستقبلا في حال ارتفعت أسعار اليورانيوم عالميا، لتصل الكميات إلى 1500 طن، وبكلفة تقارب 100 مليون دينار سيتم استقطاب شركاء استراتيجيين لها.
وأشار قاهوق إلى أن الأعمال التي قامت بها الشركة الأردنية الفرنسية لليورانيوم المعروفة باسم "اريفا" كانت ضخمة واستفاد الأردن منها، خصوصا بعد أن آلت جميع المعلومات التي أعدتها هذه الشركة إلى الحكومة بعد انهاء عقدها وسحب منطقة الامتياز منها بعد الاختلاف معها على طريقة احتساب اليورانيوم.
وتم انشاء شركة التعدين خلفا لأريفا، وتعمل حاليا في منطقة وسط الأردن التي تم سحبها من "أريفا" بعد انهاء العقد معها العام الماضي، فيما ستنتقل بعد ذلك إلى مناطق أخرى في المملكة لاستكشاف خامات اليورانيوم.
ويعد إنهاء عقد "اريفا، وبحسب بنود الاتفاقية معها، آلت كل بيانات وأصول وموجودات تلك الشركة للحكومة الاردنية وبقيمة رمزية بلغت 72 ألف دينار، إلى جانب بيانات حجمها قرابة  300 غيغا بايت.
وبين قاهوق ان معهدين فرنسيين وخبير فرنسي عملوا على تدقيق النتائج التي توصلت إليها "أريفا"، وتوافقت آراؤهم مع التي توصلت اليها كوادر الشركة الأردنية لتعدين اليورانيوم وانه كان فيها مغالطات من حيث "تراكيز" اليورانيوم نتيجة استخدام طريقة قياس لم تكن مناسبة؛ حيث استخدموا تقنية القياس الرديو متري وهي ليست التقنية المعيارية لانه معروف عالميا ان اليورانيوم السطحي طريقة حسبته الصحيحة بحفر الخنادق والتحليل المخبري الكيميائي.
وبين قاهوق أن الشكوك كانت في ذلك الوقت تدور حول محاولة الشركة الفرنسية تأخير المشروع من خلال طلب تمديد الرخصة، على ان يكون منجم اليورانيوم الذي كانوا سينشؤونه جاهزا ما بين 2020 إلى 2022، لافتا إلى أن "اريفا" خفضت من الميزانية التي كانت مخصصة للمشروع بشكل كبير بعد تأثرها بأزمة مالية نتج عنها ايضا تراجع واضح في اسهمها بالاسواق العالمية.
أهم مناطق اليورانيوم
وبحسب قاهوق، يتواجد اليورانيوم في غالبية اراضي المملكة، غير انه يتركز بشكل أكبر في وسطها، وتحديدا في مناطق سواقة وخان الزبيب؛ حيث تتميز هذه المناطق بوجود اليورانيوم فيها سطحيا، ما يجعله سهل الاستخلاص، كما يتواجد الخام في مناطق أخرى مثل الحسا والقطرانة، سيتم الانتقال اليها بعد انتهاء الأعمال في مناطق الوسط.
وأكد قاهوق أن العمل في مجال استخلاص اليورانيوم بهذه المناطق لا يتعارض مع أي نشاطات استثمار خامات ومعادن أخرى كالصخر الزيتي؛ حيث يتواجد اليورانيوم على عدة اعماق قد تصل في بعض المناطق إلى 30 مترا.
 مشروع استخلاص اليورانيوم
مدير مشروع استخلاص اليورانيوم في شركة تعدين اليورانيوم الأردنية، الدكتور حسين اللبون، قال ان طبيعة العمل في مشروع اليورانيوم لها خصوصية تتطلب الوقت الطويل من الدراسات والاختبارات من اجل التوصل إلى صناعة ملائمة لخصائص الخام الأردني.
وفي هذا الخصوص، قال إن هذه الصناعة تتطلب السير في عدة مراحل تبدأ من الاستكشاف الذي يقوم به جيولوجيون بهدف التوصل إلى ما يسمى بتقدير المخزون وقد تم اتمامها فعلا، تليها مرحلة الاختبارات الهندسية، ثم اختبارات مبدئية لجمع العينات من الموقع، ثم مدى طواعية الخام لعملية الاستخلاص التي اثبتت انها ايجابي بالنسبة للخام الأردني، لتقوم بعدها كوادر المشروع بالمرحلة التالية التي تعتمد على جمع العينات بشكل كبير من خلال آليات الميدان من المواقع التي يحددها جيولوجيون، ترافقها اختبارات متخصصة، وهو ما اتمته الشركة فعلا.
أما حاليا، فتعد شركة تعدين اليورانيوم لإنشاء المحطة الريادية في موقع المشروع في منطقة سواقة لإجراء الدراسات المتقدمة على تراكيز اليورانيوم وتنتج كميات بسيطة منه لاثبات أن الخام الأردني قابل للاستخلاص.
 اليورانيوم في التقارير الدولية:
في شهر أيار (مايو) الماضي، استلمت شركة تعدين اليورانيوم الأردنية أول تقرير فني خاص بكميات اليورانيوم في أراضي وسط المملكة، الذي أعده فريق من الخبراء المعتمدين عالمياً حسب الأسس المعتمده عالمياً.
واستند التقرير إلى معلومات تم الحصول عليها نتيجة عمليات التنقيب التي يقوم بها الفريق الفني الأردني، تحت إشراف فريق الخبراء، والذي تم حسب نظام (JORC) المعتمد عالمياً بكل تفاصيل عمليات التنقيب بما في ذلك حفر الخنادق وجمع العينات وتحليلها في مختبرات هيئة الطاقة الذرية الأردنية والتي أثبتت تحاليل جزء من هذه العينات في كندا.
ورجح رئيس فريق الخبراء المعتمدين لحصر كميات اليورانيوم في وسط أراضي المملكة، مارات أبزالف، في ذلك الوقت أن تزيد كمية اليورانيوم المكتشفة بعد استكمال عمليات التنقيب بمقدار 5-15 ألف طن أكسيد اليورانيوم.
وبين أبزالف، الذي يعمل مستشارا دوليا ومديرا عاما لشركة "ماسا جيوسيرفس الاسترالية"، أنه إذا ما تم حساب كميات اليورانيوم التي يزيد تركيزها على 71 جزءا بالمليون، فإن الكمية تصبح 65979 طن أوكسيد اليورانيوم.
ودحض أبزالف الأرقام التي أعلنتها الشركة الأردنية- الفرنسية لتعدين اليورانيوم سابقاً بان كميات اليورانيوم في وسط الأردن الذي يزيد تركيزه عن (71) جزءا بالمليون هي (28400) طن أوكسيد يورانيوم.
 حق تخصيب اليورانيوم
الدكتور خالد طوقان جدد تمسكه بحق الأردن في تخصيب اليورانيوم باعتباره حقا سياديا بالنسبة للمملكة ومكفولا بالاتفاقيات الدولية، لاسيما وان الأردن وقع على الاتفاقية الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية.
وقال طوقان ان هذا الحق محفوظ لمستقبل الاجيال المقبلة، لفوائده التجارية، لأن أسعار اليورانيوم تتضاعف بعد تخصيبه، كما أنه سيحقق للأردن استقلالية أكبر ويجعله مصدرا للوقود النووي في المنطقة، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدا أن التخصيب ان تم فإنه سيكون لاغراض تجارية.
في هذا الخصوص، أوضح قاهوق ان تخصيب اليورانيوم في مفاعلات الطاقة يكون بنسبة 5 % إلى 7 % لنظير 235 من اليورانيوم، وفي المفاعلات البحثية بنسبة 20 % كحد أقصى، أما رفع التخصيب لأسباب عسكرية فيكون ما بين 90 % و95 %، وهو بعيد عن توجهات الأردن في هذا المجال.
وقال قاهوق إن الولايات المتحدة الأميركية تركز على بند تنازل الأردن عن حقه في التخصيب المستقبلي لليورانيوم كشرط اساسي لتوقيع اتفاقية تعاون نووي بين البلدين، مبينا ان ذلك جاء بعد تنازل إحدى الدول التي وقعت مع واشنطن اتفاقية عن هذا الحق، وهو أمر مرفوض كليا بالنسبة للأردن، رغم انها وقعت مع فيتنام اتفاقية دون ان تفرض عليها هذا الشرط.
يشار إلى أن الأردن وقع اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية العام 1996، وصادق عليها العام 1998، وتنسجم هذه الاتفاقية مع السياسة والمبادئ الأردنية الرامية الى نزع السلاح وبناء السلم العالمي، وإخلاء منطقة الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل.
اكتشاف اليورانيوم في الثمانينيات
المهندس قيس القيسي وهو حاليا من ضمن كوادر الشركة الأردنية لتعدين اليورانيوم كان على رأس عمله في سلطة المصادر الطبيعية عند تم اكتشاف اليورانيوم لأول مرة في بداية ثمانينيات الفرن الماضي.
وفي هذا الخصوص، بين القيسي انه تم في نهاية السبعينيات إلى بداية الثمانينيات عمل أول مسح جوي اشعاعي ومغناطيسي لكافة مناطق المملكة، كما تم عمل تتبع المناطق الاشعاع العالي؛ إذ تبين في ذلك الوقت وجود اليورانيوم، خصوصا في وسط المملكة، إلى وجود الثوريوم جنوبي المملكة.
وقال القيسي ان السلطة عملت بموارد ومعدات محدودة كانت متاحة لها في ذلك الوقت، ثم قامت خلال الفترة ما بين 1992 إلى 1998 بعمل دراسات على اليورانيوم السطحي وحفرت في تلك الفترة نحو 1800 خندق، وجمعت عينات وحللتها حسب الامكانات المتاحة في ذلك الوقت ايضا؛ حيث كانت التقديرات الاولية تشير إلى وجود 30 ألف طن، وهي ليست بعيدة عن التقديرات التي تم التوصل اليها الآن باستخدام معدات حديثة.
اليورانيوم والبيئة
فيما يخص التأثيرات البيئية لمشروع استخلاص اليورانيوم، أكد قاهوق ان عملية استخلاص وتعدين اليورانيوم عن السطح ستساعد على تطهير منطقة العمل منه، مبينا أن استخلاص اليورانيوم بدأ عالميا منذ عقد الثلاثينيات؛ حيث تم منذ ذلك الوقت تحديد الامور التي يجب اخذها بعين الاعتبار في هذه الصناعة.
الأمان النووي
الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدورها، قالت أن الأردن ملتزم بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية في 11 مشروعا على المستوى الوطني تتعلق ببرنامجه النووي، وأبرزها المفاعل البحثي وتعدين اليورانيوم والأمن والأمان النووي وتطوير البنية التحتية، كما أكدت ان البرنامج النووي الأردني سلمي بكافة مضامينه، وأن الأردن ملتزم بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية، إضافة إلى التزامه بكافة المعايير الدولية المطبقة لتعزيز الامان النووي وتوقيعه على كافة الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، مبينة انها تتابع بشكل دوري هذه الاجراءات وتحصل على تقارير مستمرة بخصوصها.
وأكدت الوكالة كذلك أنها وضعت معايير أمان دولية لتطبيقها في جميع الانشطة والمرافق النووية التي تستخدم للاغراض السلمية ولتطبيقها كذلك في الاجراءات الوقائية التي تهدف إلى تقليص مخاطر الاشعاعات القائمة، وانها لن تصرح بأي حال من الأحوال لأي منشأة لا تمتثل لتعليماتها التي تضمن الأمن والامان النووي، مبينة أن لديها نظاما تفتيشيا مهمته التحقق من التزام الدول الأعضاء، ومنها الأردن، بالتعهدات التي قضتها بموجب معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية وعدم استخدام المواد والمرافق النووية إلا للأغراض السلمية.
اليورانيوم في الفوسفات
تمكنت شركة مناجم الفوسفات من انتاج اليورانيوم الخام من الفوسفات العام 2009 وذلك وفقا لما كشفته وثيقة لويكيليكس صادرة عن السفارة الأميركية في عمان حملت درجة السريّة ، إذ اظهرت هذه الوثائق ان الشركة انتجت كمية محدودة في مختبراتها وذلك بعد توقيع الشركة لاتفاقية بقيمة 625 مليون دولار مع شركة الاسمدة الهندية لبناء مصنع جديد لمادة الفوسفوريك اسيد بالقرب من معان.
وكشفت الوثائق ان رئيس الشركة ورئيسها التنفيذي في ذلك الوقت وليد الكردي قال ان "مختبرات الشركة استخلصت اليورانيوم من صخرة فوسفات من خلال المعالجة بالفوسفات لانتاج الفوسفوريك اسيد".
وبينت ان العينة المنتجة كانت عبارة عن غرامات قليلة وان الشركة لم تكن مهتمه باستخراج اليورانيوم وانتاج الكعكة الصفراء لانه ليس مجديا اقتصاديا بالنسبة للشركة.
التشكيك في تراكيز اليورانيوم
مدير عام سلطة المصادر الطبيعية د.ماهر حجازين مع تأكيده على وجود اليورانيوم بشكل واسع في الاراضي الاردنية، إلا انه شدد على ان المهم من ذلك هو مدى تركيزه.
وفي هذا الخصوص؛ اعتبر ان نسب التراكيز التي يتم الإعلان عنها لا تشكل اية جدوى اقتصادية مقارنة بحجم المشروع النووي الذي يتم الحديث عنه من جهة، ومع أسعار اليورانيوم عالميا  من جهة أخرى.
واعتبر انه وبحسب هذه المعطيات فإن كلفة استخراجه ستكون أعلى من جدوى بيعه للاسواق العالمية، مبينا ان شركة اريفا الفرنسية التي تعد من اهم الشركات العالمية في هذا المجال انسحبت بعد توصلها إلى ان نسب تراكيز اليورانيوم في الأردن مغايرة للتوقعات التي بنتها قبل بدء عملها

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)