TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إصلاح التعليم ضرورة ومسؤولية وطنية أ.د. محمد القضاة
07/12/2016 - 7:00am

 الرأي: كتبت مقالة عن ثورة المناهج الاردنية بتاريخ 12/5/2004  هنا في جريدة"الرأي"، على اثر الرغبة الوطنية يومذاك في تغيير المناهج وما رافقها من حالات شد عكسي رفضت الرأي في هذا الشأن، وكان رأي المعارضين بسبب تصريح وزير الخارجية الامريكية يومذاك عندما قال:"إنني مع احترامي لتقاليد دول المنطقة العربية، فعليها أن تعيد النظر في تقاليدها وممارساتها بهدف معرفة ما إذا كان التغيير ممكناً" ، وتبدو المقالة اليوم في مكانها على اثر الجدل المثار حول هذا الموضوع "مع" أو"ضد"، ومن المستحسن ان نشير الى قول الملكة رانيا  في تغريدة على موقعها من أنّ " الحل يكمن في المضي معا بعملية تطوير متكاملة عناصرها سياسات التعليم والمدرسة والمعلم والمنهاج والأهالي … لذا أدعو كل فرد في المجتمع لأن يكون جزءا من الحل. فلكل منا دور وعلى كل منا مسؤولية”. وإنني إذ اشاركها الرأي في ان نمضي الى التغيير والتطوير لاجتثاث الرتابة والجمود ونرى أن الحاجة الى تغيير المناهج يجب الا يؤخذ بهذا المستوى من الخوف والتشدد؛ وإنما لا بد أن نسأل هل مناهجنا تلبي احتياجات شبابنا وأولادنا؟ وهل الحياة بمعطياتها وتغيّراتها هي نفسها قبل عقود مضت؟ لا بد أن نتحرك فعلياً لتحريك فكر جديد في المناهج التعليمية، بعيداً عن الحساسية المفرطة عند بعضنا، وهذا يتطلب أن تُناقش المسألة بعقلانية وشفافية ونطالب بالتطوير والتحديث بعيداً عن التوتر الذي تخلقه بعض التصريحات من هنا وهناك، نحن نريد أن نغير بإرادتنا الوطنية بما يخدم احتياجات مدارسنا وأجيالها الشابة، والذين يطالبون بالتغيير والتطوير من داخل مجتمعنا  ليسوا ضد دينهم ولغتهم وتاريخهم كما يحلوا لبعضنا أن يصفهم؛ وكأنهم أبواقاً للآخر، وانما لا بد أن نضع في الاعتبار أن العالم يتغير ويتطور، والدول تتنافس في برامجها وخططها ومنجزاتها، وهذا يتطلب ان نبتعد عن حالة الانكماش والشد العكسي الذي لا يخدم مستقبل الأجيال الجديدة وما يطمحون به، وحين نعود إلي رسالة الإسلام وبداية الدعوة نجد أن الإسلام قد حطم الأوثان، وتغيير المناهج الرتيبة اصبح ضرورة، وهذا ليس عيباً ولا قصوراً؛ وانما مرحلة تقتضي المراجعة، وحين نقرأ مناهجنا ندرك أنها تحتاج بين حين وآخر إلى مراجعة وتغيير؛ فما الغريب في تغيير مناهج يضعها البشر؟ هل تنقلب الدنيا حين يُغيّر منهاجاً رديئاً ويُبدّل بأحسن منه؟ 

علينا أن نعترف أن أنماط التعليم تتغير، وقد كنا في الماضي نعلّم حسب الإمكانات المتاحة، واليوم المعلومة تصل البيت دون رقابة، والعولمة وضعت العالم أمامك في البيت والغرفة الصفية، فهل يكفي أن نعلم أطفالنا وأولادنا معارف ومعلومات يحصلون عليها بضغطة زر الحاسوب أو الهاتف الذكي ، فهل تغيير المناهج ووسائل تدريسها ضروري أم لا؟ إن المتابع لأنماط الحياة  في السنوات الأخيرة يدرك أن مفاهيم كثيرة قد تغيرت، وهذا يدعو لتغيير المناهج وأساليب التدريس ووسائلها؛ إذ لا يكفي ان يبقى التركيز على امتحان الثانوية العامة ونتناسى المراحل التعليمية كلها، وما شاهدناه من تراجع التحصيل العلمي للطلبة في مواد الرياضيات والعلوم يشكل جرس انذار للنظر الى هذه المراحل دون الثانوية العامة بمزيد من الرعاية والاهتمام والجد، لأن هذه المراحل هي الاساس في البناء التعليمي المتميز، ودون هذا التركيز والاهتمام قد تتراجع العملية التعليمية برمتها، وهو ما لا يريده أحد في عملية الاصلاح المنشودة.

التغيير يجب ان تغيره العقول التي تناقش ، بحيث يقوم المعلم بالتغيير بأسلوب ناقد يفتح الافاق امام الطلبة بمهنية ومعرفة وجد، وهذا يتطلب تأمين الغرفة الصفية بمستلزماتها التعليمية لكي يصل التغيير مداه، وعلى الاسرة ان تنشد التغيير وتساعد في تنفيذه؛ لأن التغيير بدأ في أوائل عام 1990 حين قامت وزارة التربية والتعليم الأردنية بتغيير المناهج ويومها استشاط  البعض غضبا ورفضوا التغيير ظناً منهم أن تغيير هذه المناهج لمصلحة عملية السلام ، مع أن ثمة تغييرات قد شهدها الأردن حينذاك في أعقاب الانفتاح الديمقراطي وانتخاب أول مجلس نيابي بعد انقطاع عملية الانتخاب لأكثر من عقدين يومذاك، وبعد وضع الميثاق الوطني، وهذه التطورات رافقها يومذاك تغيير في نمط التفكير والحوار وفتح صفحات جديدة، والمناهج هي رأس عملية التغيير ولذلك تمت تلك العملية، وها نحن نشهد السيناريو نفسه، والمعارضة على اشدها ضد عملية التغيير، والمؤسف أن بعض هذه المعارضة أصبحت لأجل المعارضة دون أن تضع البديل ، وحين يُطالب هؤلاء بالبديل لا يقدمونه. فلماذا إذن كل هذا اللغط وردات الفعل التي تأتي وكأن المنطقة ستنقلب إن غيرنا من طريقة تفكيرنا وكيفية تعاملنا مع بعضنا بعضاً؟ فلذلك, لا يجوز أن تربط المسألة دائما بالدين, لأن جوهر الإسلام ورسالته تستوعب كل مكان وزمان, والاجتهاد باب مشروع ومفتوح ولم يغلق في أي زمان، فلماذا كل هذا الصخب وهذه الاتهامات حين نسمع رأياً ينتقد شيئاً من وضع البشر؟ فهذه المناهج ليست معتقداً أو ديناً نغيره، وانما مباحث لا بد أن تتماشى مع الحياة العصرية ومعطياتها ومنجزاتها، ومن منا يستطيع أن يعيش الآن في عقلية الخمسينيات وحتى التسعينيات, ومن منا لا يحب أن يكون مشاركاً في الحضارة الإنسانية وان يكون له فيها الموقع المناسب، ومن منا يفرط بحقوقه وأمته ودينه، ومن منا يحب أن يخالف شرع الله وكتابه وتعاليمه، كل  هذا يدعونا إلى إعداد جيل الشباب إعداداً صحيحاً في الأسرة والمدرسة و الجامعة لإعادة الهيبة لكل المعاني الجميلة في حياة الطلبة على اختلاف مراحلهم، وان كان من تحية فهي للعقول التي تنشد التغيير ولجلالة الملكة التي تسعى دوما لكل جديد في حياة المعلم والمدرسة والطالب وللفرق التعليمية على جهودها في بناء مناهج عصرية تناسب العصر ومتطلباته. نقلا عن الرأي .

mohamadq2002@yahoo.com

الرأي 7/12؟2016

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)