TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إدارة الأزمات….. محطات سريعة
04/02/2018 - 12:45pm

د . ابراهيم بدران

1-التوجهات الأمريكية

يبدو واضحاً من تصريحات بينس وزير الخارجية الأمريكي، أن هناك اتفاق أمريكي اسرائيلي أو “ترامبي–تتنياهوي” على الإسراع والتوسع في فرض الحلول السياسية من جانب واحد هو الجانب الاسرائيلي، وبالتالي تحويل ما تبقى من المسألة الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي إلى مماطلات شراء الوقت، وعبثيات التفاوض ،واشتباكات اقتصادية أو مطالبات اجتماعية . كذلك أكد بينس في لقائه مع جلالة الملك:”أن رؤية أمريكا لحل الدولتين هو كما يتفق عليه الطرفان”. أما الشرعية الدولية ،وقرارات الأمم المتحدة فلم يذكرها أبداً ، ولم يعلن التزام أمريكا بها . كذلك أخذ بينس موقفاً تمويهيا خادعاً حين قال : “لم نأخذ موقفاً حول الحدود وحول الوضع النهائي” . إذن ما هو الموقف الأمريكي ؟ لا شئ سوى مساعدة إسرائيل على التملص من مسؤليتها،و الضغط على الفلسطينيين من خلال حجب المساعدات و إضعاف الأنروا. وهذا يفسح المجال لنتنياهو للاستمرار في فرض رؤيته السياسية و مشروعه الصهيوني الإحتلالي، والتوسع في ابتلاع الأراضي وتعميق الاستيطان ،و محاولة إنهاء الصفة السياسية و القانونية الدولية و الوطنية لمسالة اللاجئين الفلسطينيين، بعد أن وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى 485 ألف ،و تم تقطيع اوصال الضفة الغربية واستمرار السجن أو معسكر الإعتقال الأكبر في تاريخ العالم، وهو قطاع غزة .

و هكذا فليس من خيار أمام الجانب الفلسطيني إلا أن يعمل على تعزيز الصمود على الأرض باي ثمن، وتصعيد المقاومة السلمية ،وإبراز الوجه الإنساني للشعب الفلسطيني. وعلى الجانب العربي أن يعمل على دعم الجهود الفلسطينية ،واعتراف العالم بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وهو جوهر الموقف الأردني. وليس لنا في الأردن إلا أن نعزز جهود بلدنا للعمل بحكمة وإنجار وتعميق حقيقي و فعال لمبدأ الاعتماد على النفس، وأن لا نعول على الوعود الأمريكية، فهي موجات من السراب.

2- الموارد البشرية

جهود ممتازة تبذل لتنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية التي تم اقرارها، والعمل جار لرفع مستوى خريجي الجامعات والمعاهد والكليات المتوسطة، وتشجيع التوجه نحو التعليم التكنولوجي والمهني. ولكن… هل يجري إعداد الإقتصاد الوطني ليصبح قادرا على توليد فرص عمل لهذه الموارد البشرية؟ أين سيعمل، وكيف سيعمل الخريجون حتى بعد تطوير امكاناتهم ؟ و هل تم تحديد الملامح الرئيسية لسوق العمل في إقتصاد يشكل “الإستيراد” الصفة الغالبة عليه؟ علما بأن البطالة لدى الخريجين الجامعيين تتعدى 30% وبين الإناث منهم تتعدى 48% . إن التعليم والتأهيل بأشكاله و مستوياته المختلفة لا ينفصل عن بنية الإقتصاد، ولا عن المجتمع بقيمه وثقافته،و مرونته واستجابته للتغيير . ولم يعد تصدير القوى العاملة المؤهلة والمدربة هو الحل، فهو خسارة للرأس المال البشري من جهة، و جميع دول المنطقة أصبح لديها مؤسسات للتأهيل والتعليم و فوائض في الخريجين.

وعلينا أن ندرك جيدا ، و أن تقتنع الإدارة الرسمية ، أنه دون أن تنشأ صناعات جديدة، ودون تصنيع الزراعة والسياحة والنقل و غيرها، ودون التخفيف من المستوردات ليحل محلها الإنتاج الوطني، فإن جهود تنمية الموارد البشرية ستواجه بالاحباط، خاصة وأن البطالة قد تعدت 18.5%وفي بعض المحافظات تصل إلى 25% وأن بنية الاقتصاد الحالية غير قادرة على توليد فرص عمل إلا بحدود ضيقة.

3- البطالة والعمالة الوافدة

ربما لا نجد بلداً يعاني من الارتباك في مسألة العمالة كما نعاني نحن .ففي الوقت الذي يشكو الجميع من ارتفاع أرقام البطالة وتأثيرها الاقتصادي السيئ، والاجتماعي الخطر، والنفسي المدمر، وفي الوقت الذي تستضيف الأردن ما يقرب من 1.1 مليون عامل وافد،إضافة إلى العمالة السورية، بكل ما يعني ذلك من اعباء اقتصادية ومخاطر اجتماعية وضغوط على الخدمات والموارد، فإن الطلبات من القطاعين الزراعي والصناعي على الأيدى العاملة من الخارج لا تزال قائمة، وبالآلاف . بل أن القطاع الصناعي يشكو من نقص العمالة السورية حتى يصدر إلى أوروبا، ويشكو من محدودية الكوتا للعمالة الأجنبية في بعض القطاعات الفرعية،كما أن قطاعات فرعية أخرى مهددة بالإنهيار. والسؤال : الا يمكن وضع حل لهذه المتسلسلة التي تزداد تفاقماً سنة بعد سنة ؟ ألا يمكن تحديد المهارات المطلوبة بالضبط؟ حتى يتم تدريب الأردنيين عليها ولو بإرسالهم إلى الصين والهند.؟ ألا يمكن إنشاء معاهد صغيرة ولكنها متخصصة ويتم التعاقد مع مدربين من الخارج؟ ألا يمكن إنشاء مجمعات سكنية مناسبة للعمالة الأردنية؟ ألا يمكن العمل على تحسين الحالة التكنولوجية لقطاعي الزراعة و الإنشاءات؟ …ألا..ألا.. ولكن.. من يستجيب.

4- النقل

وكذلك ربما لا نجد حالة مشابهة لحالتنا الوطنية في مسألة النقل: ارتباك وتردد وتراجع. لدينا وزارة للنقل ،وهيئة لتنظيم قطاع النقل، وهيئة للسكة الحديد ،والخط الحديدي الحجازي وتنظيم الطيران، و غيرها. ومع هذا، ليس لدينا نقل عام منظم يحفظ البيئة و الطرق و الحوادث ،و يوفر في استهلاك المشتقات النفطية ، و يقدم للمواطن الراحة و الأمان و الكلفة المقبولة. والعاصمة تتحرك فيها 1.5 مليون سيارة، والباص السريع منذ سنوات وسنوات، والقطار الخفيف بين عمان والزرقاء محل أخذ و عطاء منذ 30 سنة، مجرد كلام، في حين تبني الصين 200 كم من السكة الحديد في أسبوع . دخلت السكة الحديد إلى الأردن قبل 109 سنة عام 1908وشبكة السكة الحديد الوطنية من العقبة إلى عمان إلى اربد إلى الحدود العراقية والسورية لم يعد أحد يذكرها. بل اتجهت بعض الأفكار العجيبة نحو حيفا بدل العقبة . والوزراء مع الإحترام والتقدير يتتابعون على الوزارة ثم يتركونها بسرعة، وكأنهم فشلوا في غزو الفضاء . ولا زلنا لا نعرف ماذا نفعل .هل يعقل أننا مرتبكون لهذه الدرجة؟ الا نجد دولة في حجمنا يمكن أن نستفيد من دروسها البسيطة ؟ اليس الجواب معروف في جميع أنحاء العالم؟ وهو إنشاء شركات كبيرة للنقل العام المنظم بدعم من الدولة يكون لها المسرب الأيمن من الطريق،وخطوط ترام في العاصمة و المدن الكبيرة ،وشبكة سكة حديد تربط البلاد.

5- مدخلات الإنتاج

لازال الطالب والمواطن العادي يجد صعوبة في شراء الكتاب، ومشقة في الحصول على الدواء والغذاء بسبب الأثمان المرتفعة للكتب والأدوية والأغذية والتي تستنفذ 43% من دخل المواطن المتوسط. ولازال القطاعين الزراعي والصناعي يعانيان من ارتفاع كلفة الانتاج لأسباب كثيرة، وفي مقدمتها الرسوم والضرائب على مدخلات الإنتاج.أما ارتفاع أثمان الدواء فيعود إلى هامش الربح الفاحش المبالغ فيه. قبل ايام قليلة أصبحت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا شاملة لجميع السلع والتي تتعدى 2120 سلعة. وهذه كافية لاغلاق العديد من الصناعات والمنتجات الأردنية الصناعية والغذائية وغيرها، نظراً للدعم الذي تتلقاه الصناعة والزراعة التركية، ونظراً لانخفاض كلفة الانتاج والاستثمار هناك. وفي مناشدة للحكومة قبل أيام طالب مربو الدواجن بإعفاء مدخلات الانتاج . إن نسبة اكتفاء الأردن من الدواجن 76% أي أننا نستورد 24% من احتياجاتنا من هذه ” الصناعة البسيطة جدا “. لماذا؟ لأن كلفة الإنتاج مرتفعة لا تستطيع منافسة المستورد . أي سياسة اقتصادية هذه ؟وأي دعم للانتاج الوطني؟ وأي سياسة ثقافية وتعليمية التي تريد رفع ثمن الكتاب؟ واي سياسة صحية التي تضع رسوماً اضافية على الدواء وعلى الغذاء رغم ارتفاع أسعارهما فوق تحمل المستهلك؟ وتضع رسوما على الكتاب المطبوع ؟في حين أن بلدا كالهند تعمل على انتاج الكتب العالمية بأقل كلفة ممكنة وتدعمها الدولة حتى يرتفع المستوى الفكري والعلمي والثقافي للجماهير . و شكرا للملك على تدخله لإيقاف قرار الزيادة على الدواء في اللحظة الأخيرة.

متى تقتنع الإدارات المتعاقبة، أن زيادة الضرائب هي طريق مسدود لا مستقبل له و لا يوصل إلى أي حل؟ بل إنها مثبطة للإقتصاد،و مدمرة للطبقة الوسطى، و ضاغطة على صدر المجتمع إلى حد الإنهيار؟ و أن “لا حل إلا العمل ألإقتصادي القائم على الإنتاج، و سيادة القانون و المشاركة، والقضاء على التهرب و الفساد”. تلك هي المعضلة أمامنا و أمام العقل العربي.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)