TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أكاديمي في اليرموك :الأولى تقييم أداء مجلس التعليم العالي لا رؤساء الجامعات
03/07/2017 - 1:30am

د. عزام عنانزة 

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تغييرات ستطال العديد من الجامعات الأردنية الرسمية، وكأن هناك أزمة بين الجامعات ومؤسسات اتخاذ القرار، ويترافق هذا الحديث مع شحن إعلامي غير مسبوق تقوم به بعض المواقع، الأمر الذي يعكس عدم الواقعية بين الشعارات المرفوعة حول استقلالية الجامعات والتطبيق العملي على أرض الواقع.
وما يدعو للدهشة أن الأزمة المفتعلة في بعض الجامعات الأردنية يقودها بعض أصحاب الأقلام المدفوعة الذين يسعون لتحقيق أغراض خاصة وأجندة شخصية لحساب بعض المتنفذين، لا بل والأكثر من ذلك أن بعض المواقع الإعلامية أصبحت شبه متخصصة في نشر الأخبار السلبية والكثير من هذه الاخبار غير صحيحة على الإطلاق عما يدور في الجامعات وسط تجاهل كل ما هو ايجابي أو منصف وذلك بأسلوب يتنافى مع أبسط معايير المهنية والموضوعية. 
لا شك أن قيادات الجامعة من رئيس ونواب وعمداء ورؤساء أقسام أكاديمية ومدراء دوائر إدارية، لهم أهمية كبيرة في رعاية جامعاتهم وقيادتها لتحقيق رسالتها ورؤيتها والنهوض بها للارتقاء بمخرجاتها وتزويد العاملين فيها بكل ما يحفزهم ويستحث نشاطهم ويرفع معنوياتهم، ولكن استمرار الحديث عن تغييرات في قمة الهرم الإداري للجامعات لا يصب في تمكين هذه القيادات من أداء دورهم على النحو المأمول. ويسود اعتقاد راسخ في أوساط العاملين في الجامعات أن الجامعات لا تعاني من أزمة قيادات وإنما من أزمة سياسات في مجال التعليم العالي وهذا التخبط تبدو معالمه واضحة في استمرار العبث بالقوانين والأنظمة والتعليمات والتشريعات التي يتم ( سلق ) بعضها على عجل، وفيها الكثير من مواطن الضعف وعليها مآخذ متعددة ربما تؤدي إلى نتائج سلبية تعيق تطوير وتنمية الجامعات وقد تلحق أضرارا بالغة بصورة التعليم العالي الأردني. 
إن الاستقرار والتريث والتوازن في التعامل مع قيادات الجامعات يجب أن يكون المعيار الثابت، بحيث يتم توجيه مسار الأحداث بعيدا عن التسرع والارتجال والشخصنة حتى لا تدخل الجامعات في متاهات، ولا سيما في ظل غياب خطة واضحة ومفهومة لكيفية تحديد أسس الاختيار وكيفية معالجة الأخطاء في حال حدوثها. 
إن النهوض بالجامعات الأردنية يستلزم إعطاء قياداتها الفرصة الكافية لتحقيق رؤاهم وخططهم، وهم بلا شك يملكون القدرة والجدارة، وكثير منهم اشغل مواقع قيادية أخرى وأثبت نجاحه وكفاءته على القيام بواجباته بأمانة ومسؤولية، والجامعات اليوم أصحبت أكثر حاجة أن تقاد من أن تدار، ولا يمكن للجامعات أن تتقدم إلا بقيادة تتمتع بنضج قيادي قادر على استيعاب المتغيرات، وتجاوز التحديات واستشراف آفاق المستقبل بمهنية عالية. 
إن موضوع الأعباء المالية الغير مسبوقة، والذي يحتاج إلى أكثر من مقال لتفصيله وتوضيح جوانبه المختلفة في قادم الأيام. من هنا كان الأجدر أن يتم محاسبة من هم مسؤولون عن الضائقة المالية التي تعاني منها الجامعات الرسمية، بسبب تقليص الدعم الحكومي وما تتحمله هذه الجامعات من أعباء مالية عن الطلبة المبتعثين فيها من مختلف الجهات وبأعداد هائلة، مما يؤثر على قدرة الجامعات على تنفيذ خططتها التطويرية والمحافظة على بنيتها التحتية ومرافقها وتجهيزاتها بصورة مقبولة.
الغريب أن من سيقوم بتقيم أداء الجامعات هم: مجلس التعليم العالي ومجالس الأمناء، فماذا قدما في سبيل رفع هذه المعاناة المالية الهائلة التي تعاني منها الجامعات. أليس الأجدر أن يتم تقييم أداء مجلس التعليم العالي ومجالس الأمناء بدل إثارة حالة من الفوضى في الجامعات الرسمية للتغطية على هذا الفشل الواضح؟. والخطورة ان تنتقل هذه الفوضى إلى كافة مؤسساتنا وجامعتنا وهذا ما لن يحمد عقباه.
إن جل القيادات الجامعية لا تزال تقوم بدور مركزي في قيادة سفينة الجامعات إلى شاطئ الأمان بعيدا عن الاستعراضات الإعلامية، وهي قيادات عالية الكفاءة، عميقة الخبرة، ولا ترغب في خوض معارك وهمية مع الإعلام أو غيره، وهي مؤمنة أن مؤسسات صنع القرار في بلادنا لن تقدم على خطوات متسرعة بإجراء أي تغييرات دون تقديم مبررات مقنعة وضمانات كافية بان التغيير جاء للمصلحة العامة بعيدا كل البعد عن تحقيق الأجندة الخاصة أو تصفية الحسابات الشخصية. 
إن استمرار العبث بالجامعات وكثرة التغيرات في قياداتها وقوانينها جعلها تخسر هيبتها وعناصر قوتها وتقدمها فتزداد المصاعب والتحديات ويحدث الانهيار والتراجع، وهذا يكلف الجامعات والدولة والمجتمع الكثير، كما أن كثرة الحديث عن تراجع أداء الجامعات في الداخل يؤثر على سمعة التعليم العالي في الخارج والجامعات الأردنية اليوم يجلس على مقاعد الدراسة فيها عشرات الآلاف من الطلبة العرب والأجانب من أكثر من خمسين دولة . 
ولا بد من التذكير، بإن جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية ما زالت بوضع يمكنني بإن أصفه بالريادي إذا ما قورنت في الكثير من الجامعات في محيطنا العربي والإقليمي رغم كل الصعاب والتحديات، إلا أننا ما زلنا في مقدمة الركب ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نبالغ في جلد الذات لإن هذا لا يعود علينا ولا على جامعاتنا بأي خير يذكر.
فمن المستحيل على أي رئيس جامعة أن يقوم بأداء دوره الحقيقي على أكمل وجه، وهو يتعرض لحملات إعلامية في معظمها تصب في مصلحة أشخاص بعينهم يسعون للوصول إلى غايات في نفوسهم ولا يعنيهم استقرار وتقدم الجامعات الذي يتشدقون به ويستترون خلفه.
وفي ظل سهولة نشر المعلومات التي تتيحيها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية الإلكترونية بات من الضروري التأكد من مصداقية وموضوعية الكثير من المعلومات التي يتم نشرها دون أدنى حد من الالتزام بنوع من المصداقية أو الموضوعية من أناس يتصدرون الحديث عن المصلحة العامة ومحاربة الفساد
وختاما نقول ارحموا جامعاتنا ورحم الله الإمام الشافعي إذ قال: 
وعين الرضا عن كل عيب كريمة 
ولكن عين السخط تبدي المساويا 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)