TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أصوات نشاز
31/03/2015 - 1:30am

طلبة نيوز- فهد الخيطان

قبل أن يدير المرء مفتاح تشغيل المركبة، يضغط وبشكل تلقائي على زر تشغيل الراديو. نادرا ما تمر بجانب سيارة ولا تسمع صوت المذياع ينطلق منها. التقليد لا يخصنا وحدنا في الأردن، بل ينتشر في عموم دول العالم.
في ساعات الصباح، تشكل البرامج الإذاعية رفيقا دائما للناس وهم في طريقهم للعمل. وفي ساعات الظهيرة، ترافقنا برامج أخرى في طريق العودة إلى منازلنا.
الفائدة والتسلية اللتان نتحصل عليهما من تلك الرفقة، تخففان علينا نكد أزمات السير، وتجعلاننا أكثر قدرة على احتمال تجاوزات بعض السائقين للقانون وأصول القيادة في الشوارع.
لكن في أحيان كثيرة، تفضل إغلاق المذياع والتمتع بأزمة الشوارع، على الاستماع لبعض البرامج والأصوات. لا يصدق المرء وهو يتابع بعض الإذاعات أن لدينا هذا القدر من الانحطاط في المضمون والأسلوب.
ساعات من البث محشوة بالكلام الفارغ، والعبارات النابية، والإساءات الشخصية، والتعدي على الذوق العام. في غضون ربع ساعة تقريبا، كرر مقدم أحد البرامج كلمة نابية لا يمكنني ذكرها، عشر مرات. ولأكثر من ثلث ساعة، دخل مقدم آخر في نقاش مع متصلين مراهقين، كان أقرب ما يكون إلى حوار في فيلم جنسي.
لا أعلم كيف يحتمل المتصلون مع هذه البرامج سخرية المذيع بحقهم، والحط من قدرهم. وفي تقليد غير موفق لأحد مقدمي برامج الصباح المشهورين، يحاول بعض زملائه تخصيص فاصل من الضحك بين الفقرات، فتأتي المحاولة سمجة وثقيلة على آذان المستمعين.
البرامج الجادة تكون عادة في الفترة الصباحية. وللإنصاف، فإن بعضها مفيد وثري. لكنّ عددا آخر يثير الشفقة. مقدموها يجهلون أبجديات الحوار، ولم يسمعوا من قبل بالمواضيع التي يطرحونها، أو لم يكلفوا خاطرهم التحضير للحلقة قبل الخروج على الهواء. ويذهل المرء عندما يسمع معلومات خاطئة في مواضيع بدهية ومطروقة عند عامة الناس.
المهم بالنسبة لبعضهم الحديث بصوت هادر في الصباح، وانتقاد المسؤولين، لكسب مزيد من المستمعين؛ من دون التدقيق في صحة الاتهامات التي يكيلونها يمينا وشمالا.
الإذاعات الخاصة في الأردن تطور مهم في الإعلام الأردني، وتقدم خدمة جليلة للمواطنين. وفي المحافظات، تلعب دورا مهما في تعزيز العلاقة التشاركية بين المواطنين والجهات المسؤولة، وتساهم في رفع مستوى الوعي ودعم التنمية. وهي على المستوى الوطني تساعد، إلى جانب وسائل الإعلام الأخرى، في التمكين الديمقراطي، وتعزيز حق الناس في التعبير وإبداء الرأي في الشوؤن العامة.
لكن الفورة التي شهدتها سوق الإذاعات، كما كانت الحال في زمن الصحف الأسبوعية، ومن ثم المواقع الإلكترونية، جاءت على حساب المستوى. وفي سعي هذه الإذاعات إلى المنافسة على حصة أكبر من المستمعين؛ وبالتالي الإعلانات، لم يتردد بعضها في سلوك طريق الإسفاف لكسب الشعبية.
لوكان لي حق في اقتراح عقوبة لمقدمي البرامج الإذاعية الهابطة، فلن تكون مالية أو قضائية؛ فقط إجبارهم على الاستماع لمئة ساعة بث لبرامج إذاعة "بي. بي. سي" ليتعلموا أصول الحوار الراقي، والتفاعل باحترام مع مستمعيهم، وطرح القضايا الجادة التي تهم الناس فعلا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)